عن وجع لم يعد يشبه الياسمين

الأديب الأردني تيسير سلمان النجار

لا يعرف المعنى الحقيقي للوجع، ولا يعرف أين يذهب به، نعم يتأمل “الألم” يجري كما الأنهار تحت الحقيقة، وأسفل tayseer sleiman al najjarكل منزل للمعنى، إنه وجع كما الابتهالات بينه وبين نفسه … وبينه وبين العالم .
إنه وجع بينه وبين ما يحمله من مجازات مؤمنة.

***

لا يعرف أن الوطن الذي يمرّ كما خضرة الشجر، وكما الملكية الخاصة أصبح كابوسا وعلاقات غير غامضة بين تجار ومصدر فرح كما هو حال شبكات العلاقات الإجتماعية الإفتراضية.

نعم إنه لا يعرف ما هو الحد الفاصل ما بين الغامض والواضح في فكرة الوطن أصبح أسواقا للمارة ولتجار الثورات والحروب ، إنها أوطان تتكاثر كما الطحالب ، وكما الأرقام لا توحي لك بأي معنى سوى العبودية.

***

لا يعرف ما هي الحرب… يقرأ أخبارها كل يوم وكانت في خياله مفردة هائلة معملقة، ولكنها أصبحت تمر كل يوم تتسرب بين ثنايا التفاصيل وأصابتنا بالإعتياد وأصبحنا لا نكثرث بمعنى الوطن وكأنه الوجه الآخر لمفردة الألم .
ويا ترى ما حاجتنا لكل تلك الأوطان تباع وتشتري أليس كل كائن هو وطن بهؤلاء “الأنا” في روحه.

***

ما الذي يتغيير وهل فعلا إنتهت تلك الرومانسية التي كنا نُعرّفها جيدًا ونحن نتغزل بأوطان يحرسها _ سريعا _تاريخ الدم، وماذا عن تلك الحصة من الجغرافيا الهرمة وماذا عنّا ونحن نحلم بالمساحات المتقدة بهالات الملائكة .. ماذا عنّا نحن البشر وكأننا أصبنا بضجر من هذا الكوكب الذي كرّسه الله لنا كمساحة غير ميهأة للسعادة.

***

أليست الأرض فكرة للوطن.
أليس الأرض فكرة لجعل ثمة علاقة لك تربطك بالآخر برباط وثيق هو الحرية …. ولكن ما الحرية … بالنسبة لـ القبور والموتى والأرامل واليتامى .. ما الحرية كل لحظة توشك على البدء …فلتبدأ إذن حريتك كوحي يخصك وحدك… أيها الناي البعيد كما المجرات … يا هؤلاء الأنا في ذهن الله.

***

تمر الحياة سريعا وتمر قوانين الكلمات ورغباتها المشبعة بالحناء … ويمرّ الأصدقاء بعربات الكوابيس والأحلام … يمرون …يفكرون معا بوطن كما الدموع … بوهم كما الحقيقة … بموعد لا يتحقق … الأصدقاء كما الأفكار الموحشة وكما اللغة التي تُقطب عينيها أمام مشاعرك فلا تعود لك قوة على البوح … سوى القذر منه.

***

ماذا يعجبه … في عمان … أصبحت معنىً …ووجعا ومنفى … صحفها ومقاهيها ومساجدها ..بلا صباحات .. ولا تعجبني
إنها كما الصراخ الطويل بلا غضب ..
الكل في الكل يبحث عن أناه في مرايا الآخرين … في مساحات من الإحساس الزائف بفكرة المدينة … بفكرة السعادة..عدا تلك التي تستيقظ والشمس في منتصف السماء …فطوبى لها من شمس …شمسك يبدأ بها الصباح .

One comment

  1. يقول خولة حطاب:

    نعيش في خضم تغيرات لا نستطيع استيعابها تطحننا حتى الهرس وتفقدنا شهيتنا للحياة، حتى وجهك يا عمان صار غريباً علينا.

اترك رد