الأديبة ميشلين حبيب
نهشه الجوع من بعد فقر وكان يبحث في كل مكان عن عمل يُرضي به ذاك الجوع ويَقيه ذاك الفقر. طال بحثه وأمعن الجوع منه سخريةً، الى أن وفّقته الصدفة بعمل في مصنع للمأكولات في بلدة غريبة بتقاليدها وعاداتها.
كان عمله يقتضي مراقبة آلات تغليف اللحم والحلويات والحليب. وهنا أيضا انقضّ عليه الجوع بشراسة أكبر، إذ كان ممنوعاً عليه أن يمد يداً حتى إلى بقايا الطعام التي تنتهي إلى القمامة.
وهكذا كان ينتظر آخر الأسبوع ليقبض المبلغ الزهيد – أجره – فيشتري به بعضاً من الطعام الذي كان الجوع يفاخر بأنه لن يتمكن من التغلب عليه. وكان للجوع الكلمة الفصل حيث قضى على الرجل. قام أهل البلدة بدفنه وكما تقتضي العادة قام صاحب المصنع الذي كان يعمل فيه بالتبرّع بكمية كبيرة من الطعام لتُدفن مع الميت.
*****
بالاشتراك مع aleph-lam
www.georgetraboulsi.com