إحلم، يا رجل! (8)

الأديب إيلي مارون خليل

elieإحلم، يا رجل! ولتكن أحلامُك مُتَناسلة بعضُها من بعضها الآخر. فالرّجل الحقيقيّ، الغالي على الخالق، كما على الإنسانيّة، وعلى نفسه، معًا، هو الواعي أنّه، من الضرورة والحتميّة، أن لا تكون للأحلام نهاية!

– كيف!؟ فهل نحيا في حلمٍ دائم!؟
– وإلّا، فلا نكون نحيا، لأنّنا نكون لم نفهم الحياة!
– تقصد أنّ الحياةَ حلمٌ!؟
– وهي الحلمُ الأجمل!
– أوضحْ لي!
– ألحلمُ أقصر ما في النّوم! والنّومُ أقصر ما في العمر! والعمرُ أقصر ما في الحياة! والحياة أقصر ما في الزّمن الّذي لا نهاية له! أفلا تستطيعُ، يا رجل، أن تحوِّل عمرك حلمًا، أقصر ما في النّوم، والّذي هو أقصر ما في العمر،عمرِك، وعمرِ أيٍّ منّا!؟
– ألأمرُ ليس على هذه السُّهولة!
– لا تُعَقِّدْها يا رجل! ليس الأمرُ مُعَقَّدًا! بل إنّه بسيطٌ، غايةٌ في البساطة!
-كيف يكون هذا؟
– بالرّغبة، بالإرادة، بالثّقة، بالمثابَرة…

فالرّغبةُ طاقةٌ، في النّفس، غالية. بوساطتها تطمح، ومتى كان طموحُك طُموحًا لا وهْمًا، ولا “قصورًا في الرّمال”، تحوّلتْ رغبتُك، تلقائيًّا، إلى عزم أكيد، ثابتٍ، عنيد. يتحوّل، هذا العزمُ، بدوره، إلى إرادة أكيدة، صَلْبةٍ، تحقِّق المعجزات. ألسّبب؟ أنّها تكون مقترنةً، على انسجام شراكةٍ، ومِثاليّةِ تَعاونٍ، بالثّقةِ الّتي هي عينُ الإرادةِ وقوّتُها. ولا تَنْسَيَنّ، يا رجل، أنّ الرّغبةَ، الإرادةَ، الثّقةَ، من دون المثابرة، لا تُساوي شيئًا! فإيّاكَ والوهَن!

إحلم، يا رجل! تحقّقُ حلمًا!؟ بادرْ، من فورك، إلى آخر! فلتكن خزّان أحلام!

إنّ الحالِمَ الحقيقيَّ نبعٌ غزيرٌ لا ينضب. فالحلم يَلي حلمًا. إلى نهاية العمر، إلّم يكن كذلك، فالعمرُ نجمة مطفَأة! ألحالِمُ الحقيقيُّ يعرفُ أنّ الأحلام لا تنتهي، تتحقّقُ.

والأحلامُ؟ أحلامٌ، لا أوهام!

فلا شكَّ أنّا نجدُ مَن يمزج بين الحلم والوهم! وهذا دليلُ ضَعفٍ، وإشارةٌ في غاية الوضوحِ، إلى اعتبار بعضِهِم أنّ الأحلامَ أوهامٌ، أو، بكلامٍ آخر، أحلام “عرقوبيّة!” إنّ الحلمَ لا يكون عشوائيًّا.لا يأتي، أو لا يُبنى، كيفما كان. يحلم العاقلُ الرّصينُ انطلاقًا من قدراته الذّاتيّة: ذهنيًّا وجسديًّا. فكريًّا ومادّيًّا. ومن صفات الحلم اللّازمة، أن يُبنى بتَرَوٍّ، بتَعَقُّلٍ، بدراسةٍ، بتخطيطٍ، بوعيٍ، برؤيا نفّاذة… وإلّا فهو وهمًا يبقى، غيمةً من دون مطر، زهرةً من دون لون.

إحلم، يا رجل! ألحلم دربُك إلى النّجاح…

(ألاثنين  25- 8- 2014)

اترك رد