د. وائل كرامه كرامه
هو جورج طرابلسي، إبن مشغرة عروس البقاع، الصحافي العتيق العريق الراقي بخُلقِهِ قبل قلمه، القابض على جمر الكلمة الأصيلة في زمن التسطيح…
بعد أربعين عاماً، لم يتعب من إحتفالات الثقافة في دمه ولا من دار الصيّاد، الدار المفتوحة، نافذة الكلمة الحقيقية والعقل النوراني وصحافة الرسالة…
تعرّفتُ عليه في مكتبه عبر صديق مشترك هو الأستاذ الشاعر عصام العماد. هو اللقاء الذي سيبقى يغلي في قلبي الى آخر العمر: زرع جورج طرابلسي كلماتهُ في روحي وأعلن لي صداقتهُ التي لا تقدّر بثمن، فافتخرتُ بها وسأبقى…
أعطاني ما كُنتُ أنتظر أن أسمعهُ يوماً من ضليعٍ في عالم الثقافة والنقد الأدبي والشعر … جعلني أتحدّى نفسي ونجح…
قال عني منذ ٥ سنوات موجهاً حديثه الى الصديق الشاعر الشيخ عصام العماد: ” يوماً ما ، سوف تفخر عين زحلتا والجبل ولبنان بشاعر إسمُهُ وائل كرامه كرامه، في القصيدة الواحدة أرى لمعتين وأكثر، وهذا ما يجعل من القصيدة حقيقةً دائمة تعمِّر في تاريخ الأدب … “
سقط كلامهُ فوق هضاب ولعي للشعر ثلجاً نقياً كثلج أرز الشوف، فأحسستُ، للحظات، أني فزتُ بالجائزة الكبرى في سباق الألف ميل. فلفشتُ كلماتهُ جيداً “يوماً ما”، يعني أنَّ عليَّ مسؤولية كبيرة للوصول الى هذا اليوم بالمثابرة والعمل والتحليق بعون الله وجنية الشعر في سماء القصيدة.
هي شهادة من صاحب اختصاص وباعٍ طويلٍ في دنيا الشعر والنقد والأدب. قلتُ له: “رويداً عليَّ أستاذي الكبير، قد تكبرُ الخسة او الملفوفة في رأسي ويُفسدُني كلامك فأصدِّق كل كلامك الطيّب الذي تحاول ان تجبر خاطري به”.
ضحِكَ وقال: “هذه هي الحقيقة يا دكتور، أني لا أجاملكَ، لم أقرأ من قبل مثل هذه اللمعة الشعرية ( تختطفُني قبائل الأحلام ، وترميني في المناطق الحدودية بين الوعي والسبات… )، بيتُ القصيد او اللمعة الشعرية هي القيمة الأدبية للشعر، وهي متوافرة وبكثرة في قصائدك”.
خرجتُ من مكتبهِ بعدما اهديتهُ ديواني ” ثقافة الحب ” والغبطة تسابق خطواتي . تمنّيتُ شيئاً واحداً في تلك اللحظات: لو كان أبي رحمهُ الله ما زال حياً وبرفقتنا وسمع كلام أستاذ جورج… لطالما آمن بي وبشعري ولكنه كان دائم الخوف أن يسرقني الشعر من واجبات الدراسة والتحصيل العلمي والحلم بأن أكون طبيباً.
هو جورج طرابلسي ، السبّاق في عالم الصحافة ، من اخترع ” الصفحة الأخيرة ” اي صفحة المنوعات في دنيا الجريدة وإقتدى به الكثيرون. هو جورج طرابلسي، المؤمن بالله، الذي ناقشني بفكرة التوحيد وعقيدة الموحدين كما لو كان علامة، هو ابن مشغرة الأبية التي تربطها بالجبل تاريخ مشرق من محبة معتّقة منذ مئات السنين، هو جورج طرابلسي، صديقي الذي آمن بقصيدتي باكراً القائل لي: ” حاضر لكل ثقافة تلزم”، صديقي الباسم دوماً المثقل بالثقافة والتواضع وكِبَر الخلق ولطافة النَفس، صديقي الغالي إلى آخر العمر !
حضرة الدكتور وائل كرامة المحترم
كن على ثقة أنكم لم تقولوا في اﻷستاذ جورج سوى بعض ما يميزه من صفات ألخلرفة إضافة إلى موضوعية الحكم على ما يصله من مواضيع وقصائد ومقاﻻت.فأنت لم تقل فيه فندا وهو لم يبايعك جذافا. من هنا؛ ﻻ خوف على أن تنمو إلخسة عندكم وهو بالطبع لن يخطئ التقدير.
كما وأنني أثمن مناك بما يختص بأسفك على غياب الوالد قبل أن يسمع الشهادة بك ولك عااليا…ﻷنني وإياك”في الهم شرق” لقد فقدت والدي وانا في الثانية عشرة …وكل ما أنجزته لم يعاين منه شيئا.
مبروك لنا شاعر جديد حضرة الدكتور ؛ يحمل معنا هم سواقي الحبر وأهراء الورق التي تحمل إلى العقول نور الكلمة الحق بشهادة من يسهرون على إطﻻقها وإيصالها نضرة إلى عقول القراء وقلوبهم.
لي شرف ان أقرأ هذا الرد الرائع ومعرفتك من خلال قلمك المروّس الثاقب…
تشرفني صداقتك