نظم مركز دراسات الوحدة العربية بالتعاون مع المعهد السويدي بالإسكندرية ندوة حول “السينما العربية: تاريخها ومستقبلها ودورها النهضوي” في فندق “لو رويال” في مدينة الحمامات في تونس، بمشاركة نخبة من الأختصاصيين والنقاد السينمائيين.
ألقى رئيس الوزراء التونسي الأسبق مصطفى الفيلالي كلمة في الافتتاح فتحدث عن العقبات التي تواجه عملية التحول الديمقراطي في البلدان العربية، مركزاً على ما يجري في تونس، فقال: “إن عملية الانتقال من عصر الاستبداد إلى دولة يكون فيها للإنسان كرامته تعثرت في تونس، وكانت العقبة الكبرى حول علاقة الدين بالدولة، ولا تزال تونس وغيرها مثل مصر الجريحة العظيمة تقاسي هذا الامتحان الصعب في بناء المصالحة المنشودة بين الدين والدولة، هذه الدولة التي يجب أن تكتمل بإنسانية الإنسان من دون حيف أو نقصان”.
أضاف: “إن الثورة إنما هي قطيعة واستئناف البناء في آن واحد. إنها قطيعة مع المظاهر السلبية للعصر الماضي، واستئناف بناء الذات الفردية والقومية، ولعل السينما كتعبير جماهيري وإبداع فني ووسيلة ثقافة تدخل بيوتنا، هي الوسيلة الفذة التي بها نستطيع أن نبني هذا التحول، وننشيء هذه المصالحة بين الدين والدنيا، وقيم الماضي والحداثة وتراثنا المجيد”.
سكر
ثم ألقت سماح سكر كلمة مديرة المعهد السويدي بالإسكندرية السفيرة برجيتا هولست العاني، فقدمت نبذة عن نشاطات المعهد الذي تم افتتاحه العام 2000 بناء على اتفاقية بين الحكومتين المصرية والسويدية بهدف تشجيع الحوار بين أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقالت: “المعهد يشجع التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستدامة في هذه المنطقة، كما ينظم ندوات ومؤتمرات وورش عمل لإعطاء الفرصة للمشاركين من مناهج وأفكار مختلفة للقاء”.
وأشارت إلى الأهمية الثقافية للسينما ولوسائل الإعلام بشكل عام، معتبرة أنه في المزيد من الدعم والاحتكاك الدولي لصناعة السينما العربية يعطي الأمل في المستقبل بالرغم من الثغرات السياسية التي تشهدها المنطقة.
قاسم
وألقى المدير العام بالوكالة لمركز دراسات الوحدة العربية الدكتور رياض قاسم كلمة أشار فيها الى هدف الندوة فقال: للسينما حق على الثقافة العربية، وفضل، وتأثير في عملية البناء، وغرس الوعي، من غير ما تجهم، إلا قليلا، فالتسلية، والكوميديا بكل أنواعها، هي دفق فرح، ونماء وسعادة.. ولم لا.. أليست هي الحياة تتلون بأحزانها وأفراحها؟ ثم أليست السينما صادقة حين تعيد تركيب صورة الحياة، وفق رؤيتها، وصناعتها ونصوصها؟”
أضاف: “لقد جعلنا هذه الندوة، بجهود باحثات وباحثين، من دنيا العرب، ليكتبوا عن السينما التي تستحق بعد ثلاثة أجيال من عمرها، ما يعيد إليها جزءا من حقها التنويري”.
الجلسات
وترأس الجلسة الصباحية الأولى الدكتور رياض قاسم وقرأ الناقد السينمائي الأردني عدنان مدنات البحث الذي أعده الناقد السينمائي اللبناني نديم جرجورة لتعذر حضوره، وتناول في بحثه “راهن السينما العربية” فطرح تساؤلات عن الماضي وملاحظات عن راهن السينما منها: “هل لما يعرف باسم “الربيع العربي” تأثير ما في إيجاد نواة “نهضوية” عصرية جديدة للسينما العربية؟ ما هي العلاقة القائمة، أو ربما التي يفترض بها أن تقوم بين ما أفضل تسميته ب”الحراك العربي” والصورة؟ هل أن إقامة مهرجان خاص بما سمي ب-“أفلام الموبايل” مثلا خطوة باتجاه تثبيت هذا النمط من التصوير؟ أو هذا النمط مما يسعى البعض إلى تحويله إلى “سينما”، أو إلى ما يشبه السينما؟ ماذا عن استخدام التقنيات الحديثة، والسينما التجريبية؟”
وتناول السينما الخليجية فلفت الى أنه “ليست دول “مجلس التعاون الخليجي” كلها متشابهة في علاقتها بالسينما، والحراك السينمائي الشبابي في تلك الدول أكثر حرية بقليل، وأجرأ في مقاربة العلاقة القائمة بين الصورة السينمائية والواقع الإنساني”.
وتحدث الناقد السينمائي الأردني عدنان مدانات معقباً، فأشار إلى أنه “في الحقيقة لا توجد سينما عربية موحدة الهوية”، موضحا أن “وجود سينما موحدة الهوية في بلد ما يمكن ملاحظته في الأفلام الأميركية التي يجري إنتاجها ضمن مواصفات مسبقة يطلق عليها تعبير “السينما الهوليودية”.
بدوره ترأس الناقد التونسي خميس الخياطي جلسة تلا فيها نص الباحث مصطفى المسناوي (تعذر حضوره) الدكتورة فيولا شفيق والمتعلق بـ “تاريخ السينما العربية” فذكر أنه من بين مجموع الكتب المنشورة حول السينما في الوطن العربي خلال ما يقارب 85 عاما (من 1926 إلى 2011)، والتي يتجاوز عددها 1600 كتاب، لا تتعدى المؤلفات التي يرد بعنوانها “تاريخ السينما” 19 كتاباً.
وانطلق “من فرضية مفادها أن حضور السينما في مجتمع من المجتمعات أو غيابها عنه، يمكن اعتباره أحد المؤشرات السوسيو- ثقافية على موقع البلد من سلم التحديث”.
وركز الناقد السينمائي اللبناني إبراهيم العريس في تعقيبه على البحث على ثلاث نقاط فقال إن “الأقليات في الوطن العربي هي التي اخترعت السينما العربية”، وقال: “حاليا يمكننا اعتبار الأقليات كالنساء هن من يصنعن الأفضل بين الأفلام الحالية”، مطالبا “بعدم كف يد الدولة عن دعم السينما ولكن مع كف يدها عن التدخل في قرار صنعها”.
من جهتها ترأست الدكتورة أمل الجمل جلسة تحدث فيها الباحث بشار إبراهيم عن موضوع “حصيلة القرن الأول من عمر السينما العربية”، فلفت “إلى المسافة الشاسعة ما بين السينما المصرية، التي طوت حقا قرنا من الزمان، بينما ثمة سينمات عربية أخرى لا تكاد تتكئ إلا على عقود قليلة، لا تتجاوز أصابع اليد، إلا بصعوبة، وبقدر من التعسف”.
وأشار إلى “عدد من الأسئلة ذات علاقة بالصورة، ما بين حضورها وفقهها، في مجتمع عربي، أدنى سماته أنه قادم من موروث ثقافي شفاهي، ركيزته الأساسية الكلمة لا الصورة، وفي مجتمع إسلامي، تلجلج بغالبيته العظمى طويلا قبل أن ينتهي إلى حسم فكرة هل الصورة أصلا، حلال أم حرام”.
وشدد الدكتور رياض قاسم على “ضرورة الوصول إلى حلول لواقع السينما العربية وليس مجرد الشكوى منها”، فيما دعت الدكتورة فيولا شفيق إلى “ممارسة التفكير التفكيكي في رؤيتنا للراهن السينمائي”. ورأى خليل الدامون أن “السينما العربية فشلت في أن تصبح صناعة. أخيراً ركز الكاتب السعودي إبراهيم بادي على مسألة التعاطي مع السينما السعودية والخليجية، واصفا الصراع من أجل وجود سينما في السعودية “كحال مطالبة المرأة في قيادة السيارة”.
كلام الصور
1- مشهد من فيلم موميا
2- السينما العربية إلى أين؟