بدعوة من بلدية زحلة – معلقة، ومجلس قضاء زحلة الثقافي، ودار نلسن للنشر، وقع الأديب الشاعر الدكتور جوزف صايغ كتابه الجديد “الوطن المستحيل ” (1170 صفحة من القطع الكبير عن دار نلسن للنشر) في قاعة مسرح ثانوية القلبين الاقدسين في زحلة، بحضور حشد من أهل الأدب والفكر والشعر والثقافة والتربية، تقدمهم وزير الدولة لشؤون مجلس النواب الدكتور نقولا فتوش، الوزير السابق جورج سكاف، والمطرانان جورج اسكندر وجورج المر، ورئيس بلدية زحلة – معلقة المهندس جوزف دياب المعلوف، ورئيس المنطقة التربوية في البقاع يوسف البريدي، ورئيس دائرة الأمن العام في البقاع العقيد جوزف تومية، ومخاتير وممثلي النقابات والأندية والحركات الثقافية.
قدمت الاحتفال الإعلامية كريستين زعتر معلوف في وقفة استنكار لما تعرض له لبنان من حادث أليم في الضاحية الجنوبية، متسائلة: أهي الصدفة أم قدر جوزف صايغ مع وطنه المستحيل؟ وأضافت: “انطلاقاً من الظرف الطارئ والمؤلم، رغب إلينا نقيب الصحافة، الاستاذ محمد بعلبكي، الاعتذار منكم لعدم حضوره لاضطراره إلى المشاركة في اجتماع تضامني في بيروت، من أجل درء الفتنة والشر، وقد حملناه باسم مجلس قضاء زحلة الثقافي أن يضم صوتنا إلى صوت المتضامنين” .
ثم تكلم رئيس بلدية زحلة – معلقة المهندس جوزف دياب المعلوف متسائلا:ً “هل لبنان فعلاً وطن مستحيل ؟ من يتصفح نصوص الكتاب يرى أن الكاتب قد أرخ مسيرته الثقافية من بدايتها في الكلية الشرقية إلى دوره الفاعل داخل “الرابطة الفكرية”، ثم عبر كتاباته القيمة في مراحل خمسة من وسائل الإعلام المكتوب “.
وأضاف معلوف: “وهو بذلك عاين حقبة ثقافية “كرونولوجية” المواضيع والمراحل من تاريخ زحلة ولبنان، والتي طبعت حياة المؤلف لأكثر من نصف قرن، حاول خلالها، مع عدد كبير من زملائه أن يوثق ما كان يجول في فكره، آملاً تغيير الكثير من المفاهيم التي كانت تحول دون بناء الوطن، مختصراً دلك في قسم من مقدمته: “وعن هذا اللبنان كتبت ثائراً ناقماً حاقداً شاتماً، فكانت الكلمة استشراساً في تدمير الذات أولاً وتدميراً للشرق الذي في لبنان وفي نفسي، وللغرب الذي ليس في لبنان وفي نفسي، وكفراً بالعروبة والغروبة والعقائد والعقائديين، يقيناً من أن الأسواء كائن لا محالة “
وختم معلوف: “باختصار فإن كتاب “الوطن المستحيل” يمكن اعتباره، من ناحية الشكل أو المضمون ،”قاموس أدبي” يمكن العودة إليه مراراً عند البحث عن اي موضوع خلال النصف الثاني من القرن العشرين”.
ثم تكلم نائب نقيب الصحافة الوزير السابق جورج سكاف، رفيق الشاعر صايغ على مقاعد الدراسة، فقال: “تأتي بكتابك “الوطن المستحيل “، الكبير حجماً ومحتوى ، لتفتح صفحات حياتك بكل ما فيها من حب ومن حنين من غضب ومن ثورة، من ألق ووهج ومن نشوات فرح وانقباض نفسي، كتبت وقيلت بصدق وعفوية. تعود الى حضن الحبيبة زحلـة تساررُها بأن رحلتك الشعرية والأدبية أعطتك مساحة الكلمة وهي من مساحة الارض، مساحة كونية، وما اكتفيت فآثرت عليها مساحة الحب والحنين، في حدود القلب، لأنها الأعمق والأغنى”.
ملاح الحرية والصبح
ثم تكلم الزميل أنطوان أبو رحل، باسم مجلس قضاء زحلة الثقافي، مستهلاً : “في وطنك المستحيل توزعناك بركات وابداعات، وجئناك بنهم ونحن قليل لنعود منك ونحن كثير. يا رمح الموقف وقديس اللعنات وأليف الرياح. البسطاء الذين هتفت باسمهم وثبوا، والمسحوقون الذين حرضتهم ثاروا. أيها المفتون بحب لبنان …
“وطنك المستحيل ؟!” لا لا، يا صديقي، بل سفرك الأدبي الأصيل، دعني أخالفك بأن أطلق عليه “الوطن الجميل” كما ابتنيته لنا بالحلم … وبالكلمات”. وأضاف: “في هذا الوطن أنت ملاح الحرية والصبح، والجبين السمح، والصوت النبوة، زحلة تقف اليوم متشرفة بقلمك، كبيرة بك، لأنك الربان… جاعلة اسمك وسامها، وأوراقك رأياتها ومواقفك شرائعها وقصائدها الرائعات”.
تابع: “باسم مجلس قضاء زحلة الثقافي وباسم هذا الجمهور المحب، نعتبر هذا اللقاء بمثابة امتداد لحفل تكريمك في نيويورك من قبل مؤسسة ميرفت زاهد الثقافية وبالتالي هو تكريم لزحلة الشعر… في الوطن المستحيل نسافر مع أديب هو صاحب مدرسة في الكتابة الأدبية لم يسبقه إلى نوعيتها أحد من مشاهير الأدباء، أسميها المدرسة الإبداعية الرؤيوية… جوزف صايغ أديب رؤيوي، أقلقته المثل في عليائها فسعى إليها بغير اكتفاء. ثم إنه داعية إلى الثورة الحقة، في الزمن اللبناني المريض وفي “الوطن المستحيل “ثورة حقة ليست دموية مأساوية بقدر ما هي خيار تغييري مجتمعي”.
ختم كلمته: “هذا “الوطن” مجموع مقالات تؤلف الوجه الآخر لجوزف صايغ الإنسان والشاعر، المفكر والثائر، الهادم والباني والواحد الأحد من رواد الجمالية في هدا الشرق”.
ثم تكلم الناشر الاستاد سليمان بختي، باسم “دار نلسن” ومما قال: “نلتقي حول كتاب “الوطن المستحيل” وجوزف صايغ شاعر كبير، وناثر كبير، وهو في شعره ونثره أرض لقاء، أرض حوار، وفي قلب المغامرة الكبرى للكائن الإنساني الناهد دوماً صوب المعرفة والحق والجمال والحرية… جوزف صايغ في “الوطن المستحيل حالم ومقاوم”.
ثم تحدث بختي عن كتاب “حوار مع الفكر الغربي” وقال: ” إنه حدث ضياء في زمان العتمة، وفي زمن صدام الحضارات وتدمير الهويات. يحاور جوزف صايغ رموز وأقطاب وأركان المشهد الثقافي الفرنسي. يحاورهم محاورة الند للند في آثارهم وأفكارهم ومواقفهم وقضاياهم والقضايا المشتركة بين شرق وغرب، معتبراً أن هذا الكتاب ينتمي إلى نوع النقد الحضاري،الى الحوار الحضاري بين شرق وغرب، كما يمكن لنا ان نشتهيه مكللاً بقيم العقل والحرية والمساواة والتكافؤ”.
كلمة جوزف صايغ
ختم الشاعر جوزف صايغ الحفل بكلمة جاء فيها: “أشكر حضوركم جميعاً هذا اللقاء، فهو حضور يدفئ فؤادي، يكرمني ويغمرني بفرح هو أجمل ما ينتظره أديب من مكافآت”، ثم شكر الذين شرفوه بالكلام على كتابه، قال حول غياب النقيب محمد البعلبكي: “تعذر عليه الحضور بسبب الظروف الطارئة، كأنما شاء “الوطن المستحيل” أن يجعل حضوره معنا،الليلة، مستحيلاً هو ايضاً فنأسف لغيابه ونأسف للفاجعة الأليمة التي استوجبت بقاءه في بيروت،ونترحم على أرواح الضحايا الأبرياء ،أعاد الله السلام إلى الوطن.
كذلك شكر مجلس قضاء زحلة الثقافي جهوده وختم بالقول: “أود ،إذا سمحتم أن أقول كلمة مقتضبة عن كتاب “الوطن المستحيل”، كتبت نصوص هذا الكتاب “الاستفزازية” في فترة عصيبة من حياة لبنان. فترة صمتت فيها الكلمة وتكلم العنف، فترة استقال فيها القلم وخلفه السلاح، وتحول الحوار حقداً وصراعاً، فكان على الخطاب، في مثل هذه الحال، أن يشبه المخاطب: فتعنف الكلمة،ويستحد القلم جارحاً، وتتحول السطور سياطاً،وأحياناً شتائم .
هل يوجد أدب يصح أن يسمى أدب الشتيمة؟
لقد كان الحلم يتجاوز الحالم. كنا شعراء ننظر إلى الوطن وكأن عليه أن يشبه القصيدة: كاملاً لا عيب فيه، فكان الاصطدام باليقظة مريراً.
“الوطن المستحيل” سيرة كفاحي ضد قدرية الأرض والتاريخ، وضد أبالسة السياسة. إنه مجموع مثاليات تتداعى وخيال يتحول خيبة .
وأما لماذا هو مستحيل، فلعل القارئ، إذا صفا إلى نفسه، وصفى رؤيته إلى التاريخ والواقع… لعله يجد الجواب”.
كلام الصور
1- غلاف الوطن المستحيل
2- الدكتور جوزف صايغ
3- غلاف حوار مع الفكر العربي