“افتحوا الأبواب الواسعة للمسيح” شعار حبرية يوحنا بولس الثاني // رمز العبور من الخطيئة إلى النعمة “باب مقدس” لكاتدرائية نوتردام- كبيبك

كلود أبو شقرا

في خطوة هي الأولى من نوعها خارج أوروبا ، منح الكرسي الرسولي في الفاتيكان كنيسة نوتردام-كيبك “بابا مقدساً”. كان رئيس أساقفة كيبك المونسينيور Basilique-Cathédrale_Notre-جيرالد سيبريان  طلب ذلك من الفاتيكان في أيلول 2012،  لمناسبة الاحتفالات بيوبيل الكاتدرائية الـ 350 ، وقد كُلف النحات الكيبيكي جول لاسال صنع باب برونزي ويتضمن رسوماً السيدة العذراء والسيد المسيح…

 كاتدرائية نوتردام دي كيبك، وهي الكنيسة الأم لأبرشية  كيبك، وأول كنيسة في العالم الجديد تصبح كاتدرائية، تأسست عام 1664 على يد الأسقف فرنسوا دو لافال.  يُفتَتح الباب المقدس،  للمرة الاولى، في 8 كانون الاول 2013، في عيد الحبل بلا دنس، على أن يُقفَل في 28 كانون الاول 2014، في عيد العائلة المقدسة.  الباب المقدس قي  كاتدرائية  نوتردام-كيبك هو السابع، أما الأبواب الستة  الأخرى فمنها أربع  في بازيليكات روما، الخامس في آرس في فرنسا، السادس في سان جاك دو كومبوستيل في إسبانيا…

 فكرة اليوبيل

 تعود فكرة اليوبيل  إلى العهد القديم وهي مشتركة مع الديانة اليهودية، وتشير إلى بداية عصر حديد في توقيت معين، كان أول يوبيل أعلن عنه سنة 1300، وبعد  ذلك لات يحتفل باليوبيل بداية كل قرن، ومع تطور الزمن احتفل به كل خمسين عامًا وحاليًا كل خمس وعشرين عامًا إلى جانب مناسبات  مهمة كما يعلنها البابا.  المرات  الثلاث الأخيرة التي أعلن فيها يوبيل في الفاتيكان كانت، عام 1975 على يد البابا بولس السادس، عام 1983 على يد البابا يوحنا بولس الثاني وعام 2000 على يد البابا يوحنا بولس الثاني أيضًا،  وقد دعي “اليوبيل الكبير”، وفي كل مرة يفتح بها الباب الخاص لمناسبة اليوبيل أو يغلق ينقش على الإطار أعلاه باللغة اللاتينية تخليدًا للحدث.

 حسب الوصف الذي كتبه Giovanni Rucellai de Viterbe سنة 1450،  فتح البابا Martin V  عام 1423 الباب المقدس، للمرة الأولى  في تاريخ السنوات اليوبيلية، في بازيليك مار يوحنا اللاتران. آنذاك، كان يحتفل بالسنوات المقدسة كل 33سنة.

 في البازيليكات الفاتيكانية، الأخرى يعود  فتح  الباب المقدس للمرة الأولى إلى ليلة الميلاد 1499، في المناسبة أراد البابا ألكسندر السادس  ألا يكون الباب المقدس في  سان جان دو لاتران فحسب إنما في البازيليكات  :  Saint-Pierre, Sainte-Marie-Majeure et Saint-Paul-hors-les Murs.  قد تمّ  تكبير باب صغير موجود  في الجهة الشمالية في واجهة بازيليك  مار بطرس، وتحويله إلى باب مقدس، تحديداً في المكان الموجود فيه اليوم، ما أدى إلى تدمير كنيسة مزدانة بالموزاييك داخل البازيليك،  بناها البابا  يوحنا السابع لوالدة الإله.

Basilique-Cathédrale_Notre-   Notre-Dame_de_Quebec,-111_i

 تقاليد فتح الباب المقدس وإغلاقه

 وضع تقاليد  الباب المقدس Giovanni Burcardo رئيس أساقفة من ستراسبورغ ومسؤول عن الأبرشيات المجتمعة في Civita Castellana et Orte، وقد فتح  الباب المقدس في ليلة عيد الميلاد 1499، وأغلق في احتفال الغطاس 1501. استمرت هذه التقاليد التي أيدها البابا وأضاف إليها  Maître Biagio de Cesena  بعض التعديلات سنة 1535، في اليوبيليات في ما بعد.

 في البداية  يرتدي البابا الثياب الكهنوتية في غرفة في القصر الرسولي، من ثم يتجه  بمرافقة الكرادلة،  نحو كنيسة سيستين، ومنها يرسل الكرادلة لفتح بقية الأبواب والسجود أمام القربان المقدس.  بعد ذلك يتجه البابا نحو  الباب المقدس وهو يتلو صلاة الأبانا، وفي يده مطرقة  فيطرق ثلاث مرات على الباب ويعود ليجلس  إلى كرسي… فيقوم البناؤون بفتح الباب وسط الصلوات، بعد ذلك يركع البابا على عتبة الباب، ويكون الأول الذي  يدخل وسط ترانيم الجوقة إلى البازيليك ويتجه  إلى المذبح للإحتفال بصلاة المساء. بعد ذلك يرسل البابا الكرادلة لإغلاق أبواب البازيليكات… في البازيليك  يدور الموكب ويبارك البابا كل شيء فيها … وهو الأخير الذي يخرج من الباب المقدس،  بعد ذلك يفرد البابا الكلس ويبارك الطوب ويضع ثلاث منها  على الباب المقدس وبعض القطع من الذهب والفضة، من ثم يضع البناؤون الطوب  ويغلقون الباب فيما الجوقة ترتل نشيد Cælestis Urbs Ierusalem ويتلو البابا صلاة الأبانا ويعطي البركة النهائية.

 من اليوبيل عام  1500 إلى اليوبيل 1950، بقيت  تقاليد الباب المقدس بقيت نفسها، وتضمنت العناصر التالية:

 الجدار

 من 1500 إلى 1975، كانت  الأبواب المقدسة في البازيليكات الأربع مغلقة من الخارج بجدار وليس بباب. لا يتم قتح الباب بل تحطيم الحائط: يحطم البابا قسماً ويحطم البناؤون الباقي… يذكر أن خوفاً  سيطر على المشاركين في احتفال الباب المقدس عام 1974 عندما سقطت قطع من الجدار بالقرب من البابا بولس السادس.

 المطرقة

 في عيد الميلاد 1949، استعمل البابا المطرقة لطرق ثلاث طرقات على الحائط الذي يغلق الباب المقدس. في الأساس كانت تستعمل مطرقة البنائين ولم تكن الطرقات رمزية… وما لبثت المطرقة أن أصبحت قطعة فنية وقيّمة. عام 1525، كانت المطرقة المستعملة من الذهب وخشب الأبنوس.

 المجرفة

 المجرفة التي يستعملها البابا في احتفال غلق الباب ، تعود إلى عام 1525. آخر بابا استعملها كان بيوس الثاني عشر خلال احتفال غلق الباب المقدس عام 1950.

 الطوب

 استعمال الطوب في احتفال غلق الباب المقدس يعود إلى يوبيل 1500، وكان التقليد يقضي أن يضع كاردينالان طوبين أحدهما  من الذهب والثاني من الفضة.

 الفطع النقدية

 يعود هذا التقليد إلى عام 1500، في البداية كانت القطع توضع في الكلس، وابتداء من 1575، أصبحت توضع في علبة معدنية، وما زال هذا التقليد  قائمأً لغاية اليوم.

 الماء المقدسة

 استعمال الماء المقدسة  ورد في تقليد 1525 لتبريك الأحجار والطوب التي تستخدم في إغلاق الباب المقدس. مع الوقت باتت الماء المقدسة مستخدمة في فتح الباب.

 باب الخشب

 خارج االبازيليك، يقفل الباب المقدس بالجدران، فيما من الداخل يغطي جدار باباً من الخشب. وكان الباب ينتزع مباشرة بعد هدم الجدار ويعاد  بعد ذلك… باب الخشب هو بسيط وغير مزدان… الأبواب الخشبية موجودة اليوم في بازيليكات Saint-Jean-de-Latran, Sainte-Marie-Majeure et Saint-Paul, وقد تمّ الحفاظ على  الأبواب القديمة حتى اليوبيل 1975.  في 24 كانون الأول 1949 استبدل باب الخشب الذي دشنه البابا Benoît XIV 1748، بباب من البرونز باركه البابا بيوس الثاني عشر فوراً بعد  فتح الباب المقدس.

 تعديل 1975

 شهدت ليلة عيد الميلاد  1975 تعديل طقوس الباب المقدس. لم يعد البابا يستعمل المجرفة والطوب، للبدء بإعادة البناء ، لكن يغلق فقط الباب البرونزي الذي يعود إلى 1950، والباب الذي كان في داحل البازيليك وضع في خارجها، والجدار الذي يغلق الباب من الخارج أعيد بناؤه في داخل البازيليك في 27 شباط من العام نفسه، ويختم الصندوق المعدني التقليدي الذي يحتوي القطع النقدية احتفال الإغلاق.

 يوبيل 2000

 بمناسبة اليوبيل الكبير لسنة 2000، فتح الباب يوحنا بولس الثاني الأبواب  المقدسة في البازيليكات الرئيسية الأربع على النحو التالي:   في بازيليك القديس بطرس يوم عيد الميلاد، بالتزامن مع بداية السنة المقدسة في الكنائس الخاصة، في كاتدرائية يوحنا لاتران الأول من  كانون الثاني، كاتدرائية  مريم الكبرى، وكاتدرائية القديس بولس خارج الأسوار  في 18  كانون الثاني بداية أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين.

Porta_Santa.--st-pierre--4j porte-sainte-saint-paul hors les murs 5

 رمزية الباب المقدس

 في يوبيل عام 2000 حدد الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني  رمزية الباب المقدس وهي العبور من الخطيئة إلى النعمة الذي على كل مسيحي أن يجتازه، يقول المسيح “أنا الباب” (يوحنا 10-7) للدلالة على أنه لا يمكن العبور إلى الله إلا من خلاله، هذا التأكيد من المسيح يبين أنه المخلص المرسل من الله، وأن لا وجود إلا لباب واحد يفتح على مصراعيه للدخول في شراكة مع الله، وهذا الباب هو المسيح، طريق الحق والحياة…

 يذكر مفهوم الباب المقدس بالمسؤولية الملقاة عى كل مؤمن يجتاز عتبته، أي الاعتراف بأن يسوع المسيح هو الله، وتأكيد إيماننا به، لعيش الحياة الجديدة التي منحنا إياها. إنه قرار يفترض حرية الاختيار وفي الوقت نفسه شجاعة للتخلي عن الأمور الدنيوية لدخول الحياة الأبدية، بهذه الروح اجتاز البابا الباب المقدس ليلة 24-25 كانون الأول 1999، وبعبوره هذه العتبة برهن للكنيسة والعالم أن الإنجيل المقدس، مصدر الحياة والرجاء، في الألفية الثالثة… من خلال الباب المقدس الذي تمّ توسيعه رمزياً في الألفية الثالثة، يدخلنا المسيح بعمق في الكنيسة، جسده وعروسه…

porte-sainte--latran-66

 كان البابا يوحنا بولس الثاني  بدأ حبريته بشعار: “افتحوا الأبواب الواسعة للمسيح”، وعاشها وهو يحاول أن يقود المؤمنين إلى عبور عتبة الباب المقدس للدخول بعمق في سر السلام الحاضر في الكنيسة التي تحتفل بالألفية الثالثة لولادة السيد المسيح…

  يذكر أن الباب المقدس في كاتدرائية القديس بطرس يقع إلى أقصى يمين الكاتدرائية، وهو من تصميم جياكومو مانزا في القرن العشرين، يعود سبب التسمية إلى أن البابا شخصيًا هو من يفتحه ويغلقه في بداية ونهاية “السنة اليوبيلية.  أما باب بازيليك مار بولس خارج الأسوار المقدس فمغلق  بباب بيزنطي أنشئ في بداية القرن الحادي  عشر في القسطنطينية، وهو مزين بـ 54 رسماً حول حياة المسيح والرسل.

 كلام الصور

1- بازيليك  نوتردتام- كيبك

2-  3- بازيليك نوتردام- كيبك من الداخل

4 – باب  بازيليك القديس بطرس المقدس

5-  باب مار بولس خارج الأسوار المقدس

6- باب بازيليك مار يوحنا لاتران المقدس

اترك رد