“المسك الفواح لتطييب القلوب والأرواح”للعلامة الشيخ عفيف النابلسي// قطعة أدبية وقصة أخلاقية ومدرسة فكرية

صدر للعلامة الشيخ عفيف النابلسي كتاب جديد في عنوان “المسك الفواح لتطييب القلوب والأرواح”، يتضمن نوادر وقصصاً وطرائف miskوظرائف وفوائد علمية وانشراحات عرفانية  وقصص العلماء الأبرار وأسرار أهل المعرفة ولطائف أصحاب الذوق، بالإضافة إلى: ظرائف أهل الفن وفلتات لسان الشعراء وغزليات أولياء الله وألغاز أصحاب الحيل، و “الحديث عن الفرائض وعلوم  الميزان والفقه والجدليات الفكرية والمذهبية”.

مما جاء في مقدمة الكتاب: “هو بحق كشكول من المعلومات تجعل من يقرأها مثقفاً كبيراً وله في كل فن طرف وظرف  وهي  صفحات  اعتصرها فكرنا، وهذبها قلمنا، التزاماً بالأدب الملتزم الذي ننهجه، واعتصاماً بالفضل الذي نسلكه، واختصرناه اختصاراً غير مخل ، وأوردناه متناسباً مع أهل العلم والفضل وأهل الذوق والنبل، وذكرنا فيه من الأخلاقيات ما يلحقه بأدب الذوق، وضبطنا ريشة القلم عن كثير من الهفوات، فكان بحمد الله قطعة أدبية وقصة أخلاقية ومدرسة فكرية ولطائف نورانية. كما لم يخل كتابنا هذا من قصة تركها قلم الكتاب سهواً أو عمداَ ، ومن قاعدة فكرية لم تكن في عصرهم أو لم تمر في مصرهم فكان جامعاً للشتات ومؤخراً للحادثات”.

الكتاب هو السادس والثلاثين  للعلامة النابلسي  صدر عن “دار المحجة البيضاء” ويقع في 465 صفحة.

سيرة ذاتية

ولد الشيخ عفيف النابلسي في بلدة البيسارية من قرى جبل عامل بالقرب من مدينة صيدا  عام 1941،  هو الأصغر بين أخوين أكبر منه. أمضى طفولته في القرية ودرس على الطريقة التقليدية حافظاً للقرآن الكريم. كان شغوفاً بالمطالعة وقضى أوقاتاً طويلة في طفولته في قراءة الكتب وحفظها التي كان يستعيرها من بعض المتعلمين في القرية والجوار.nabulsi

 ظهرت لديه موهبة الشعر باكراً، فنظم القصائد بالعامية والفصحى، واعتلى المنابر الجنوبية في المناسبات العامة، شاعراً وعريفاً وخطيباً، وبدأ يتردد على بيوتات العلماء ليزداد علماً ومعرفة وتفقهاً بعدما تأثر بمجالس العلم والوعظ الديني التي كان يستمع إليها بين الحين والآخر.

كان من أوائل المترددين على الإمام موسى الصدر حينما وصل إلى لبنان، وبدأ حركته الفكرية والدينية والاجتماعية للنهوض بالطائفة الشيعية. تأثر النابلسي بالإمام الصدر وعزم على طلب العلم فالتحق بمعهد الدراسات الإسلامية الذي أسسه الإمام في مدينة صور الجنوبية، ليحقق أحد أحلامه الكبرى في أن يكون عالماً على هدي العلماء الذين قدموا خدمات جليلة للإسلام.

وعلى الرغم من معارضة والده على طموحات ابنه الأصغر إلا أنه كان مصراً على تحقيق خياره الشخصي بالدخول في أروقة طلاب العلم وأجواء الحوزات العلمية. تدرج خلال أعوام دراسته في صور في مختلف المراحل واغترف من المعارف الأدبية والعقلية والفقهية والأصولية ونحوها، فأتم دراسة المقدمات والسطوح على يد أساتذة أكفاء، كالإمام نفسه والشيخ موسى عز الدين والسيد هاشم معروف الحسيني .

كان النابلسي معروفاً بجديته وتفانيه في الدراسة وكرس جهوداً في تحصيله للاستزادة من العلوم والمعارف الإسلامية، وفي أيام العطل كان يرافق الإمام الصدر في محطاته التبليغية والتنظيمية والجهادية، فاكتسب منه خبرة وافية في العلاقات الاجتماعية والسياسية واستفاد منه في مواقفه وسلوكه الذي كان مثالاً ساطعاً في النبل والإيمان.

بعد سنوات من الدراسة في صور قويت رغبة الشاب النابلسي لمتابعة  الأشواط العلمية العميقة والواسعة في النجف الأشرف على أيدي المراجع العظام والعلماء الكبار. وكان الإمام الصدر نفسه يقول أمامه:  “نريد علماء يؤسسون لواقع جديد في الأمة”،  فأرسل من اكتملت أهليته التبليغية إلى القرى وبلاد الاغتراب، وبدأ بإيفاد آخرين كان منهم الشاب النابلسي إلى النجف الأشرف ليدخل في غمار الأبحاث العالية التي تعرف بـ “البحث الخارج” وتؤهل الطلاب لبلوغ مرحلة الاجتهاد.kitab naboulsi

وبالفعل وصل الشاب عفيف النابلسي في أواخر ستينات القرن الماضي إلى النجف الأشرف وبالتحديد إلى منزل المرجع والفيلسوف الكبير السيد محمد باقر الصدر بوصية خاصة من الإمام، فاهتم المرجع السيد محمد باقر بالوافد الجديد ولازمه النابلسي طيلة الفترة التي عاشها في النجف الأشرف دارساً عليه…

مارس الشيخ النابلسي التدريس في صور والنجف الأشرف وبغداد وبيروت وصيدا التي أسس فيها حوزة علمية في تسعينيات من القرن الماضي ، وكان يدرّس في أصعب الظروف حتى عندما كان الاحتلال الاسرائيلي موجوداً ومتمدداً على الأرض اللبنانية. وقد درَّس كتب المقدمات والسطوح من الأدب والمنطق وعلم الكلام الإسلامي والتفسير والأخلاق وأصول المظفر وحلقات الشهيد الصدر والشرائع واللمعة الدمشقية والكفاية والمكاسب وكتب الدراية والرجال. كذلك ألقى محاضرات في موضوعات متنوعة داخل لبنان وخارجه…

أسس الشيخ النابلسي هيئة علماء جبل عامل، وهي أكبر هيئة علمائية في لبنان، وترأسها لأكثر من عقدين. أسس مجمّع السيدة الزهراء في صيدا عام 1993 وهو أكبر مجمع شيعي في مدينة صيدا، يضم حوزة دينية ومسجداً ومرافق أخرى. أسس جمعية الأبرار الخيرية التي تُعنى بالفقراء والمساكين. خلال تاريخه الطويل من الجهاد العلمي والثقافي والسياسي  عقد علاقات وصلات مع القوى السياسية والنخب الثقافية والاجتماعية والدينية في لبنان وخارجه. يتمتع بشخصيته الحوارية المعروفة بانفتاحها وتواصلها مع المكونات الدينية والسياسية المختلفة.

للشيخ النابلسي مؤلفات عدة، من بينها:  ” فقه الأئمة” (6 مجلدات)، ” فقه أهل البيت” (مجلدان)، ” فقه الجهاد”، “القواعد الفقهية”، ” الأصول العامة لـ علم الحديث علم الرجال”)  حوارات عقائدية هادئة”، “المواريث على فقه الإمامية”، ” الاجتهاد والتقليد”، ” تحديات الوحدة وثقافة الحوار”، ” على طريق الحياة كلمات في السياسة والدين”، ” النبي محمد (ص) حاضن أهل الكتاب وحاميهم”، “الإمام موسى الكاظم (ع) عرض وتحليل”، ” الإمام علي الرضا (ع) عرض وتحليل، ” الكلمة الزاهرة في العترة الطاهرة”، ” مشاهدات وتجارب – لقطات من سيرة الامام موسى الصدر”، ” ظرائف وطرائف”، ”  ومضات مشرقة من تاريخ علماء جبل عامل”،  ”  نظرات ورؤى في قضايا المرأة”، ” أوراق متناثرة (مقالات في الدين والمجتمع والسياسة”…

وله في الشعر:  ” شعر الخلود والهاشميات هديل في ازاهر أمير المؤمنين (ع)”، ” قصائد للمقاومة والشهادة – نفحات عاملية”، ” خمينيّات”، ” ملحمة الزهراء (ع)”، ” إخوانيات” ، ” ملحمة الإمام الصدر”…

 كلام الصور

1- الشيخ النابلسي

2- غلاف الكتاب

اترك رد