حذر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من التدخلات الخارجية في منطقة الشرق الأسط وخصوصاً في لبنان لضرب العصب الأساسي الذي هو العيش معاً.
كلام الراعي جاء خلال استقباله في الصرح البطريركي في بكركي وفداً مسيحياً – إسلامياُ من عائلات وعشائر بعلبك – الهرمل والبقاع الاوسط ووادي خالد وبشري وعكار، سلم الراعي “وثيقة وطنية لترسيخ العيش المشترك والسلم الاهلي” وقعها البطريرك وأعضاء الوفد “لكي تبقى هذه الوثيقة محفوظة من جيل الى جيل ولحماية بنودها”. جاء في نص الوثيقة:
أولا: اعتبار العلاقات التاريخية القائمة بين العائلات والعشائر منطلقا لتعزيز الولاء الوطني وبناء الدولة والانسان في لبنان بعيدا عن الاعتبارات السياسية الضيقة.
ثانيا: المؤسسة العسكرية الدرع الحامية للوطن والالتفاف حولها واجب، واعتبار أي تطاول عليها جرما بحق الوطن والشعب.
ثالثا: مواجهة الارهاب التكفيري وتجريمه ومحاربته بكافة الوسائل.
رابعا: صياغة آلية عمل موحدة من شأنها تعزيز الوحدة الوطنية والعيش المشترك لما لهما من أهمية كبرى على مساحة الوطن.
خامسا: الطلب من الحكومة إرساء مفاهيم الوحدة الوطنية بين جميع اللبنانيين والطلب من كافة الاطراف عدم التصعيد في الخطاب السياسي.
سادسا: العمل على صياغة قانون انتخابي مرتكز على أسس وطنية.
سابعا: الطلب في تسريع انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية.
ثامنا: دعم المؤسسات الاهلية والمدنية وتفعيل دورها في بناء التواصل بين كافة شرائح المجتمع.
تاسعا: وضع عجلة التنمية لتخفيض البطالة واستثمار الموارد الطبيعية والطاقات الاقتصادية والبشرية.
عاشرا: تشجيع عودة المغتربين للاستفادة من طاقاتهم وخبراتهم للنهوض في بناء الوطن.
الحادي عشر: الطلب من الحكومة اللبنانية التنسيق في قضية النازحين السوريين، للحفاظ على حقوقهم الانسانية والعمل على عودتهم الى المناطق الآمنة في سوريا، بعيدا عن الصفقات والاعتبارات السياسية الضيقة.
الثاني عشر: التنبه بصورة دائمة ومستمرة لاخطار العدو الاسرائيلي الذي يهدد لبنان ارضا وشعبا والمحافظة على قوة الردع.
وألقيت كلمات لكل من: الشيخ فوزي سعدالله حمادة، الشيخ علي كليب المولى، الشيخ شفيق زعيتر، الشيخ محروس طوق، السيد ياسر البزال، الشيخ عارف شحيد، أجمعت على الإشادة “بحكمة الصرح البطريركي وسيده في معالجة القضايا الوطنية الكبرى، وعلى رأسها السلم الأهلي والعيش بين مختلف مكونات البلد”، وطالبت “علماء الدين مسيحيين ومسلمين بتحريم وتجريم التكفير ورفض الدعوات الرخيصة التي تنادي بالتعصب”، داعية إلى “توحيد الصف ورفع الصوت عاليا لتدعيم أسس العيش معاً، لأننا كلنا لبنانيون وكلنا لدينا وطن واحد”، وشددت على “دعم المؤسسة العسكرية الحاضنة لكافة الطوائف وانتخاب رئيس جديد للجمهورية بأسرع وقت ومواجهة الارهاب التكفيري”.
الراعي
بدوره رد الراعي مرحبا وقال: “انه يوم وطني بامتياز مع وجود هذه الوجوه المتنوعة من كافة الطوائف والمذاهب وهذا ما نحن نريده كوجه للبنان الحضاري.
نرحب بكم، أيضاً، لكونكم تشكلون الوجه الحقيقي للبنان الذي ننشده بشكل متواصل، وهذا هو بالتالي الفسيفساء الوطنية التي تشكل تاريخنا المشترك الذي يزعج دولا كثيرة، والتي تعمل لإزكاء صراع الديانات في الشرق الأوسط، على خلفية أطماع السياسات الدولية والاهداف الاقتصادية، ولكننا في وجه ما يخطط، نتعاون ونتكامل ولا يستطيع أحد منا العيش دون الآخر.
لطالما سمعنا أن راحة إسرائيل وإنشاء كيانها يفترض تفتيت الشرق الاوسط، وأن اسرائيل هي أساس الحرب لكسر هذا التلاحم العربي المكون من المسلمين والمسيحيين، ويبدو أنهم نجحوا في إشعال فتنة سنية شيعية، بحسب ما يبدو، ولكن سوف نبقى نراهن على العقول الراجحة التي تدعم أفكار ورؤية الوحدة الوطنية والعروبة، بدلا من التمذهب الطائفي البغيض، ولا يستطيع المسيحي والمسلم سوى العيش معاً، ولطالما حاولوا ضرب هذا التعايش ولكن لبنان ضرب الارادة والسياسات الدولية كفاً ولم يقع حتى الآن في هذا الفخ.
الربيع العربي الموعود والذي بدأ بمطالب إصلاحية في كافة الدول العربية، ونحن أيضاً في لبنان، لدينا مطالب تدعم الوحدة الوطنية في سبيل الإصلاح، ولكن هذا الربيع العربي بعد حمل السلاح تحول من خلال الذبح والخراب الى مشروع مخطط لتقسيم الشرق الأوسط الجديد، كي تسلم اسرائيل، وبالتالي طارت الحركات الشعبية المناضلة، وحلت مكانها تنظيمات أمثال داعش والنصرة وغيرها التي تعمل ذبحا وتهجيراً.
نطالب المسؤولين الذين يمثلوننا في المجلس النيابي وفي الحكومة وفي مواقع المسؤولية وأولهم النواب بأن ينتخبوا رئيساً جديدا للجمهورية بأسرع وقت، ونحن لا نقبل بأن يقطعوا رأسنا، دولة بدون رئيس يعني جسما بدون رأس. لا نقبل من ممثلينا في المجلس النيابي والمسؤولين كافة، بأن يقطعوا رأس لبنان عبر حرمانه من رئيس للجمهورية، وهذا أمر معيب، وأقول هذا الكلام للذين ينزعجون من كلامي، وسوف أبقى أزعجهم. أنا أتكلم بصوت الضمير والصوت الوطني وسوف يبقى هذا الموضوع في سلم أولوياتنا.
لماذا بعد 6 سنوات يقفل القصر الجمهوري واستفاق الجميع الآن على الإصلاحات، فيما الجوهر يكمن بانتخاب رئيس جديد، وهم يفتشون عليه ولا يجدونه؟ هل من المعقول انه بعد 6 سنوات نصل إلى إقفال القصر الجمهوري؟ أنا أصاراحكم القول إنني كمواطن لبناني لا أستطيع أن “أحملها” والشعب أيضاً يشاطرني الرأي وهو لا يستطيع أن يعيش بدون رئيس”.