الأديب إيلي مارون خليل
تتساءل! دائمًا تتساءل، في هنيهاتك الحميمة: هل أجد الأنثى!؟ الأنثى الجميلة، المثقَّفة، الّتي بها حلمتُ، ولا أزال!؟
ألواقع أنْ نعم، ولا. كيف؟ بحسب درجات حلمِك! فحلمٌ “معقولٌ” يُمكن أن يتحقّق. وحلمٌ “مِثاليٌّ” لا يُمكنُ أن يتحقّق! فأيّهما حلمُك؟ ولماذا؟
ينبُع الحلمُ من واقعَي الإنسان: الفكريّ واالنّفسيّ، وكلاهما متّصل بالآخر، متواصلٌ معه. يتشاركان، يتناغمان، يتكاملان.
يفكّر الإنسانُ، أنثى وذكَرًا، ويطرحُ، مذ يَعي نفسَه، أسئلة متنوِّعة كثيرة، ليس أهمَّها السّؤال: مَن هو الشّخص الّذي أرغبُ في أن أتابعَ حياتي معه!؟ ويبدأ حلمه الصّعبُ بالشّريك،
خصوصًا إذا كان يريد أن يتّخذَه شريكَ عمرٍ، لا مرحلة. لماذا الحلم، هذا، صعبٌ؟ لصفات خارقة نريدها تكون في الشّريك، وبإصرار. ولشريك المرحلة صفات، ولشريك العمر أخرى! كما لشريكة المرحلة صفات، ولشريكة العمر أخرى! فأحلام الرّجال غيرُ أحلامِ النّساء، ولو وجدنا فيها جوامع مشترَكة.
ألكلُّ يحلم بالمال، مثَلًا، بالجمال، بالشّباب، بالمسؤوليّة، وبسواها. ألكلُّ يحلم بالحبّ! لكنّ مفهومَ الحُبِّ يختلف عند النّاس. ويختلف بين مرحلة ومرحلة، إذ لكلّ مرحلةٍ ما يميِّزها.
وبيئة وبيئة، إذ لكلّ بيئةٍ ثقافتُها وعاداتها والتّقاليد. وبين شخصيّةٍ وشخصيّة، ولو في المرحلة الواحدةِ، أو البيئة، إذ لكلّ شخصيّة مفهومٌ، هدفٌ، وسيلة… وقد لا تتلاقى شخصيّتان على المفهومِ نفسِه، أو الأهداف، أو الوسائل…
ويفكّر الإنسان، في كيف يريد شريكَه، ولماذا. وفي ماذا يريد في الشّريك، ولماذا. كيف يريدُه؟ إلى ما ذُكِرَ في موقعه، يُريدُه مبتسِمًا، هادئًا، متفهِّمًا، مُخلِصًا، كريمًا، ناضجًا، صادقًا، حنونًا، مسامحًا، مُتجدِّدًأ، مُجدِّدا… جريئًا، ذا شخصيّة قويّةٍ، لافتة، قِياديّة. هي صِفاتٌ عامّةٌ مادّيّة وروحيّة معًا. وهي نفسُها، عند الواقعيّ، وعند المِثاليّ، مع فارق مهمّ، وإن تراءى غير ذلك. فالمِثاليُّ يريدُ شريكَه يكونُ: الابتسام، الهدوء، التَّفَهُّم، الإخلاص، الكرَم، النّضج، الصِّدْق، الحنان، المُسامحة، التَّجَدّد، الجرأة… و”أل” التّعريف، تُظهر الفارقَ كلَّه!
وإذ لا يجد الأوّلُ الشّريكَ المتمَنّى إيجادُه، يتألّم، يتراجع، قد يسقط في مَرارة النّدم، ويفقد حماسةَ الحلم. وإذ لا يجد الثّاني هذه الصّفاتِ، في إنسانٍ بعينِه، يتألّم فوق ألم الأوّل، فعلى قدر الأحلام، تكون الخيبة! ولا يتراجع! يزداد طموحُه قوّةً، وحماستُه اندفاعًا، ويُعاند الأحلامَ…
وكلاهما يقع في قَبول الشّخص الأقرب إلى حلمِه! يرى الأوّل أنْ هذا هو الممكن، ويعاملُه الثّاني على أنّه المِثال!
ويبدأ الكذبُ والتّكاذب… ما يُنهي الحبَّ، أو يعرِّضُه للانهيار!
ألاثنين 21/ 7/ 2014