بقلم: سليمى شاهين
لا أحد معصوم عن الحب! ولا أحد يعرف متى يطرق الحبّ باب قلبه! فقد تصيبك سهامه فجأة فتعلق في شباكه فورًا، وقد ينمو في صدرك رويدًا رويدًا إلى أن تكتشف أنه اكتسح فؤادك ولم يترك فيه زاوية مستقرّة. هذا الحبّ، هذا القدر الذي لا مفرّ من ضربته، عاناه العباقرة كما عاناه بسطاء القوم. عاشوا جميعًا سعادة غمرت حياتهم وأسبغت عليها فرحًا لا يوصف، وعاشوا جميعًا شقاءً أسبل على أيامهم عذابًا وضنى.
لكنّ اليراع خلد العباقرة بوصفهم ذلك الحبّ الذي اجتاح حياتهم من مختلف وجوهه. فكان للوصال أقوال مأثورة ترتاح النفس إليها، وللهجر أقوال تثير الشجن والحزن، وكذلك في سائر المواقف والظروف المثيرة للمشاعر كالغيرة والعتاب والانتقام.
أغمار من القصائد والقصص والأقوال في الحبّ تركها لنا أولئك الخالدون منذ أن وضع الشاعر المأساوي يوريبيدس قبل 500 عام من الميلاد قصائده الخالدة التي غدت مسرحيات مفعمة بالحبّ، يتلاعب القدر بها كما يشاء. وإذا بالكتّاب الفرنسيين الكلاسيكيين يجدون فيها مبتغاهم، فينصرفون إلى إعادة سكبها في قصائد حواريّة مسرحية لا تزال تأخذ بالألباب، ومنها: “ميديه”، “هيبوليت”، “أندروماك”، “هيلين” وغيرها.
بعد حوالى 450 عامًا يطلّ الشاعر اللاتيني أوفيد على مجتمعه الحضاري حينذاك بكتابه الشهير “من الحب”، ولأسباب غامضة حُكم عليه بالمنفى ومات فيه على الرغم من توسلات أحبائه ومعارفه.
ننتقل إلى القرن السادس عشر لنلتقي بأبرز شخصية أدبية عالميّة على الإطلاق: الشاعر والمؤلف المسرحي وليم شكسبير صاحب “حلم ليلة صيف” و”هاملت” و”عطيل” وأهم تراجيديا وأكثرها انتشارًا أفلامًا ومسرحيات وكتبًا بعنوان “روميو وجولييت”.
في هذه المأساة التي يتناولها العشاق على ألسنتهم تتّهم جولييت حبيبها بأنه نقل الخطيئة إلى شفتيها فيجيبها روميو:
“الخطيئة من شفتي؟
كم هي رائعة وسيلة دفعها
ردّيها إليّ!”
من شكسبير إلى الشاعر والناقد الفرنسي شارل بودلير المولود في العام 1821 والذي أنجب ديوان “أزاهير الشر” ويعتبر من أبرز رموز الحداثة في العالم.
مارس بودلير حريّته كما يريد فعاش وفعل ما يحلو له بدون وجل، ومع ذلك ظلّ كئيبًا حتى في كتابته عن الحب وعن الجمال، وبقيت المشاعر المتناقضة تتنازع روجه وتضنيه، وإذا به يشكر الله على نعمة “العذاب” الإلهيّة لأنها دواء مطهِّر. هذا هو الشاعر نفسه الذي توجّه إلى المرأة قائلا: “كوني ساحرة واصمتي!”، وهو نفسه الذي ينحو في الحب نحو السرّ إذ يقول: “اللذة الوحيدة والسامية في الحب تكمن في التأكيد على فعل الشرّ، والرجل والمرأة يعلمان بالفطرة أن في الشرّ تكمن كلّ لذة”.
أما بول فرلين الذي عاش في العصر نفسه فقد تنازع أحاسيسه حبّ مزدوج للمرأة ولصديقه الشاعر رامبو، وإذا به يطلق عليه الرصاص غيرة فيوضع في أحد سجون تونس. لكن هذا الحب المثليّ لم يمنع فرلين من نشر قصائد حب في المرأة التي عاد إليها تائبًا:
“وأنا ارتجف، سامحيني
أقول الحقيقة، بكل صدق
أفكّر أن كل كلمة، كل ابتسامة منك
غدت منذ الآن شريعتي!”.
وفي ختام القرن التاسع عشر اشتهرت الشاعرة الفرنسية روزموند جيرار بقصيدتها “الأغنية الخالدة” التي احتوت البيت الشهير الذي تقول فيه:
“هل ترى أنني كل يوم
أحبّك أكثر!
اليوم أكثر من الأمس
وأقلّ بكثير من الغد!”
وقد أصبح هذا البيت من الشعر أيقونة ابتكر تصميمها أحد الصاغة الفرنسيين وصنع منها عشرات الألوف لتعلّق في عقود تختال بها أعناق الفتيات الفرنسيات.
ومن بين الذين اشتهرت علاقتهم في القرن العشرين الثنائي الفرنسي “أراغون وإلسا” اللذين لم يفرقهما سوى الموت. وفي “نشيد الأناشيد” الذي استقى الشاعر أراغون اسمه من “سفر الأناشيد” يتطلّع إلى وجه إلسا بوله ويقول: “وجهكِ سماء حياتي المرصّعة بالنجوم”، ثم يستدرك وهو الذي عرف الكثير من النساء في شبابه فيتودّد إليها قائلا: “جميع نساء حياتي كنّ مجرّد أزهار في حقلك!”
أما ذلك الشاعر التشيلي، العاشق الثائر، بابلو نيرودا فقد أنهى قصيدته الرابعة عشرة من ديوانه “عشرون قصيدة حب” بتصوير شوقه إلى قبلة من ثغرها فيقول:
“أريد أن أفعل بك
ما يفعله الربيع بأشجار الكرز!”.
من حدائقهم
“إذا فتحوا قلبي يومًا
بعدما توافيني المنيّة
لقرأوا: ما زلت أحبّك
مكتوبة بأحرف ذهبية” ( وليم شكسبير ).
“حين أكون حزينًا أفكّر بك كما يفكّر الشتاء بأشعّة الشمس،
وعندما أكون مبتهجًا أفكّر بكِ كما في حرِّ الظهيرة نفكّر بالظلال” ( فيكتور هوغو- روائي ).
“الموسيقى والحب هما جناحا الروح” (هكتور برليوز-موسيقي ).
“الانتصار الوحيد في الحب هو الهروب” (نابليون بونابرت- امبراطور ).
“ليس بسبب الجاذبيّة الأرضيّة يقع الناس في الحبّ” (ألبرت أينشتاين- فيزيائي ).
“لن نكون أبدًا أسوأ وضعًا ضدّ العذاب إلا عندما نحبّ” (سيغموند فرويد-طبيب نفسي ).
“أنت فانٍ إن لم تحبّ؛ أنت خالد إن أحببتَ” (كارل جاسبر – فيلسوف ).
“الحبّ هو أساسًا الرغبة في أن تكون محبوبًا” (جاك لاكان- محلل نفسي ).
“الحياة غفوة حلمها الحبّ. وأنت عشتَ إن انت أحببتَ” (ألفريد دو موسيه- شاعر).
“سرّ السعادة في الحبّ ليس في أن تكون أعمى، بل أن تعرف متى تغلق عينيك” ( سيمون سينيوريه-ممثلة).
“أفضل لحظات الحب هي عندما نرتقي السُّلّم” ( جورج كليمنصو- رئيس وزارة).
“الحبّ هو الشيء الوحيد الذي كلّما تقاسمناه يكبر” ( ماشا دياباتيه-أديب ).
“للقلب أسباب لا يدركها العقل” ( بليز باسكال-فيلسوف ورياضي).
“جعلنا الحب أعمى لأن لديه عينين أفضل مما لدينا” ( جان-جاك روسو- أديب وفيلسوف ).
“الحبّ كالحساء مع الخضرة، ملاعقه الأولى ساخنة وملاعقه الأخيرة باردة” (جاين مورو-ممثلة).
“إنما الحبّ حالة من الجنون” (يوريبيدس-شاعر مأساوي ).
“أجمل ثوب يمكن ان ترتديه المرأة هو ذراعا رجل يحبّها” (إيف سان لوران-مصمم أزياء).
كلام الصور
1- وليام شكسبير
2- شارل بودلير
3- بول فيرلين
4- لويس أراغون
5- بابلو نيرودا