قانون الإيمان الحكموي (*)

الأب كميل مبارك

pere-camille-1منذ كانت الحكمةُ مدرسةً في عالم التربية والثقافة، حملت عاليًا مشعلَ الإيمان بالله وبالإنسان وبالوطن، ولو أصغينا إلى نَبْضِ الحجارة فيها، الذي استقى دبيبَ الحياة فيه، من نبض أعراق القيّمين عليها، منذ المثلث الرحمة المطران يوسف الدِّبس إلى وليّها الساهر على استمرار الرسالة سيادة المطران بولس مطر، لسمعنا تكرار قانون الإيمان الحكموي صبحًا وظهرًا ومساء.

نحن نؤمن بالله لأننا منه أتينا صورةً لبهاء وجهه وقبسًا من حبِّه ومشكاةً لمشاعل صفاته، وإليه سنعود مصابيحَ تشهدُ لغفرانه وخلاصه اينما كُنَّا في عالم الناس.

ونؤمن بالإنسان أخًا لنا بالمسيح الذي جعلنا أبناء لأبٍ واحدٍ وإلهٍ واحدٍ تبنَّانا بالحبِّ، وعلَّمنا أنَّ الإنسانَ قيمةٌ سماويَّةٌ تحيا على الأرض. هكذا نحن وهكذا نرى في طالباتنا وطلابنا أبناءً لنا وأخوةً تربطنا بهم عائلةُ الإنسانية، ولم تحُلِ المذاهبُ والأديان والأعراق والعصبيات واللغات والالوان وحدود الأوطان بيننا وبينهم. تعهدناهم تعليمًا وتربية وتثقيفًا، وكلُّ ذلك مُطيَّبٌ برحيق الحبِّ ومُبلسَمٌ بندى الاحترام. لهم علينا كلُّ ما للإبن على أبيه والأَخِ على أخيه، والصديقِ الصدوقِ على صديقهِ، ولنا عليهم أن يعرفوا ما عليهم أن يعرفوه.

ونؤمن بالوطن، وبعضٌ من قانون إيماننا به يقول:

– نؤمن بالمواطنة السليمة لقاءً لكلِّ من انتسبَ للبنان والتزم قضاياه، فالتربية على المواطنة ترفضُ مدارس التذهين والمذهبيَّة ورفضِ الأخوَّةِ وتنميةِ الأَحقاد.

– ونؤمن بدولة مدنيَّة يؤمن المواطنُ فيها بالله وبشرائعه، حُرًّا ممارسًا فكرًا وقولًا. ملتزمًا مبدأ الحُّريَّة له وللآخرين.

– ونؤمن بالسلطة لحُسنِ تدبيرِ العلاقات في المجتمع. على أن تستقلَّ كل سلطة عن اختها حُرَّة في ممارستها من دون قمعٍ أو تسَيُّسٍ أو تسيُّب.
– ونؤمن بضرورة تجنُّب الاصطفاف المذهبي لمآربَ سياسيةٍ حتى وإن كانت الاهداف سليمة، إذ كيف يكون هذا، وهاجس إِلغاء الطائفية السياسية يعرك آذان الجميع دعوةً ورفضًا.

– ونؤمن بالانتقال الفكري والسلوكي من التيوقراطيَّة والنهبقراطيَّة والمونوقراطيَّة الى الديمقراطيَّة، لئلا نكيلَ بكيلِ قيصر ما هو لله ونكيل بكيل الله ما هو لقيصر، أو نتصرَّف بلا كيلٍ ولا ميزان.

– ونؤمن بالشفافية والعلنيّة واعتماد الكفاءة في التعيينات لأنَّ الإصلاح يستلزم الكفاءة وليس الكفاية، ولأنَّ الاستهتارَ في عقول المواطنين يُطلقُ السنتَهم بالحقّ حينًا وبالباطل أحيانًا.
– ونؤمن باستقلال القضاء ورفع الوصايةِ عنه، كي يتسنَّى له الحكمَ بالعدلِ والإِنصافِ وليس بالظلم والاجحاف، وله أَن يؤمِّن الرقابةَ مشفوعًا بالقوانين على حراك الاداريين وأَداء الموظفين.

– ونؤمن بأنَّ المواطنة حقوقٌ وواجباتٌ والتزامٌ حرٌّ بقضايا الوطن أرضًا وإنسانًا.

– ونؤمن بأنَّ المواطِنَ الى جانب الله حسيبٌ رقيب، وأنَّ المحاسبةَ ليست فقط في الاضرابات والاضطرابات انَّما في الوعي لما كان، والعمل على ما سيكون.

– ونؤمن بشركة المواطن في إدارة الشأن العام عبر قانون انتخاب يسمح بنجاح هذه الشركة، يتيح للمواطن أن يقول لا حيث يجب ونَعَم حيث يستطيع.

– ونؤمن بأنَّ حقوق الفرد تُحصِّن الفردَ وتحميه وأنَّ حقوقَ الجماعة تَبْني الجماعة مع الجماعات الأخرى لكي يبنوا معًا وطنًا للجميع.

– ونؤمن ونؤمن، ويطول فعل الإيمان وإذا شئنا اختصاره نقول: نؤمن بلبنان وطنًا ولن نستبدل به الأرض كلَّها وطنًا.

والسلام.

********

(*) كلمة ألقاها الأب كميل مبارك، رئيس جامعة الحكمة في حفل تخرج طلاب جامعة الحكمة دفعة 2013- 2014، برعاية مطران بيروت للموارنة بولس مطر، في حضور ضيفة الشرف نائبة رئيس مؤسسة الوليد بن طلال الانسانية الوزيرة السابقة ليلى الصلح، وذلك في حرم كلية العلوم الفندقية – الأشرفية.

اترك رد