بقلم: المحامي شارل .ي. ابي صعب
من الكتب القديمة المطبوعة والتي يمكن الركون الى مضامينها الحيّة، والرجوع الى محتوياتها كمرجع ديني موثق كتاب “الفارق بين المخلوق والخالق”، يقع في 120 صفحة من الحجم الكبير، مال لون صفحاته الى الاصفرار لقدم عهده. وهو من تأليف كما جاء في الصفحة الاولى منه حرفياً:
“صاحب السعادة الفاضل الاصيل والنسيب الجليل عبد الرحمن بك باجه جي زاده، ويليه ذيل الفارق لسعادة المؤلف المذكور ضاعف الله له الاجور، وقد طرز الهامش بكتابين جليلين:
الاول :
الاجوبة الفاخرة عن الاسئلة الفاجرة تأليف الامام العالم القدوة شهاب الدين احمد بن ادريس المالكي المعروف بالقرافي.
والثاني : هيداية الحيارى من اليهود والنصارى. تأليف الامام الحجة المحدث ابي عبد الله محمد بن ابي بكر ايوب الزراعي المعروف بابن القيم الجوزيه”. وقد طبع هذا الكتاب في مطبعة التقدم بمصر سنة 1322 هجرية (اي 1904 ميلادية)، وهو محفوظ في مكتبة المؤرخ الخوري يوسف ابي صعب ضمن قسم المخطوطات القديمة.
يشتمل كتاب الفارق بين “المخلوق والخالق” على اربعة ابحاث:
1. في رد رسالة شرح التعليم المسيحي.
2. في رد الرسالة المسماة الاقاويل القرآنية في كتب المسيحية.
3. في رد رسالة المسماة ابحاث المجتهدين بين النصارى والمسلمين.
4. في رد الرسالة بالرعائية للمطران بطرس كرم.
وزاد على محتويات هذا الكتاب الفريد المؤرخ ابي صعب كتابين يتناولان موضوعاته وابحاثه ذاتهما وهما:
1. “المسيح في القرآن” لمؤلفه الخوري جرجس فرج صفير مع تعليق عليه للشيخ محمد الحسيني الطرابلسي.
2. السؤال العجيب في الرد على اهل الصليب للشيخ محمد الجنبيهي.
تشتمل ابحاث الكتاب المذكور على مواضيع متعددة تطرقت الى ان الاستدلال على نبوة عيسى بالطرق الظنية، وعلى نبوة محمد بالطرق القطعية وانتشار دينه، وعلى ذكر العقيدة النصرانية على اختلاف مذاهبهم، كما تطرق الى ذكر كتاب “سوسنة سليمان” لمؤلفه نوفل بن نعمة الله جرجس النصراني المطبوع في بيروت سنة 1872، والى بعض تآليف علماء المسلمين عما يخص الدين المسيحي. اضافة الى تصدره عدة مراجع من بينها تلك التي نشرها العالم جرجس زوين الفتوحي اللبناني خاصة عن الانجيل المقدس المطبوع في المطبعة اليسوعية والمترجم من اللغة الفرنسية الى العربية.
“يكاد نور النبوة يعمي تلك البصائر ويخطفها لشدته وضعفها، فتهرب الى الظلمات لموافقتها لها وملائمتها اياها. والمؤمن عمله نور وقوله نور ومدخله نور ومخرجه نور وقصده نور، يتقلب في النور في جميع احواله. الله نور السماوات والارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية، يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء، ويضرب الله الامثال للناس وهو بكل شيء عليم. ثم ذكر حال الكفار وأعمالهم وتقلبهم في الظلمات فقال والذين كفروا اعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاء لم يجده شيئاً. ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب أو كظلمات في بحر لحي يغشاه موج من فوقه …”
ثم يختم المؤلف كتابه بعبارات نيّرة تجسد معاني ما شرعه الله على الارض والانسان من احكام وشرائع سماوية:
” …. واما صحيح في أصله ما شرعه الله على لسان رسله وتعبد به خلقه، الا انه طرأ عليه من التغيير والتبديل والزيادة والنقصان التي ادخلها فيه الزنادقة الملحدون ما لم يبق معه ثقة في شيء من احكامه لاختلاط الصحيح بالفاسد واشتباه الغت بالثمين. ثم نسخه الله بدين آخر شرعه على لسان بعض رسله وتعبد الامم به كدين سماوي …
ولا يأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون، وتبرز له شمس الحقيقة من بين غيوم الاوهام …”