بقلم: ألكسندريا سيدج (رويترز)
يتحول فجأة الشعر الابيض الفضي لرجل مسن إلى لون أحمر دام في فيلم “مياه فضية.. صورة ذاتية لسوريا” للمخرج السوري المقيم في المنفى أسامة محمد الذي عرض في 16 مايو في “مهرجان كان السينمائي”.
قد يكون الفيلم لرجل هاو وقد يكون التصوير مرتعشاً مجتزئاً ينقصه الرؤية الشاملة، لكن المشاهد يعرف على الفور أن الرجل المسن أصيب بطلق ناري في رأسه، ليسقط ضحية جديدة في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، منذ أكثر من ثلاث سنوات وأوقعت أكثر من 150 الف ضحية.
هذه اللقطة وصور أخرى لا حصر لها من الصراع، تشكل نسيج الفيلم الوثائقي لمحمد الذي ترك بلاده في مايو 2011 وسافر إلى باريس خوفاً على سلامته الشخصية.
مشاهدة الفيلم قاسية على المشاهد بل وحشية.
ويقول محمد بصوته في خلفية الفيلم: “منذ ان تركت سوريا أصبحت جباناً”. لكن فيلمه هو فيلم وثائقي حي وشجاع عن حجم الدمار الواقع في سوريا، وعن شعب محاصر، وعن أثر التوثيق لما يحدث في البلاد.
تملك محمد شعور بالذنب بعدما ترك أهله وأقرانه، في وقت الشدة، حين بدأت الاحتجاجات السلمية تنزلق إلى حرب أهلية، وتحول محمد إلى هاو لتنزيل اللقطات من موقع يوتيوب، ليتابع، ولو عن بعد، ما يحدث في بلاده. ومن كل هذه اللقطات القوية نسج فيلمه.
من أهم اللقطات التي تضمنها الفيلم الوثائقي، صور التقطتها فتاة كردية تعيش في مدينة حمص، التقى بها محمد من خلال غرف الدردشة على الانترنت. بدأت ويام سيماف تصور ما تراه، مع تحول مدينتها أمام عينيها إلى كومة من الحطام.
وتقول سيماف: “الكاميرا بالنسبة إلى النظام (الحاكم) هي سلاح. صورتها وشهود آخرون يغامرون بحياتهم، لتوثيق ما يحدث في بلدهم سوريا، وهي اتهام صارخ لنظام الرئيس السوري بشار الأسد”.
يوثق الفيلم تدمير حمص ثالث أكبر مدينة سورية التي كانت، يوماً، مدينة صناعية صاخبة الى جانب صور القتل والحرب التي تشنها قوات المعارضة وعمليات التعذيب.
يظهر في الفيلم رجل جاث على ركبتيه يتعرض للركل ويجبر على تقبيل ملصق للرئيس، ورجل آخر معصوب العينين مقيد القدمين والذراعين معلق في الهواء، وفتى عار مكوم في زاوية زنزانة يركله الجنود ويستخدمون قضيبا للاعتداء عليه جنسيا.
حتى الحيوانات طالتها آثار القسوة والحرمان فهناك قطط مشوهة فقدت جزءا من وجهها وأخرى بترت أطرافها وهناك حيونات محترقة. تظهر في الفيلم قطة صغيرة برزت عظامها تموء بصوت خافت لا يلحظها أحد في حمص المدمرة المهجورة.
ونال الفيلم فرصة عرضه، بشكل خاص، في “مهرجان كان السينمائي” الذي يستمر 12 يوماً، وتعرض إلى جانبه افلام تنقل وقائع الفوضى والوحشية والأحداث الراهنة في عالم القرن الحادي والعشرين إلى الشاشة الفضية، منها فيلم “ميدان” عن الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الأوكرانية كييف.