بقلم: كلود أبو شقرا
مجموعة من لوحات الأكريليك تتمحور حول الحب، الفرح، الرومنسية، النور، الأرض، السماء… تشكل محور معرض في عنوان “حالة حب” الرسام التشكيلي الأردني والشاعر محمد العامري في غاليري أرجوان- بيروت،..
في لوحات العامري تجريد واقعي، إذا صح التعبير، واقع لا تراه العين، وعي عميق بالأمور من حولنا، لدرجة أن الأشياء المهمشة التي لا ينتبه الإدراك إليها تصبح قيمة فنية وبصرية ومعنوية، تأخذ أبعاداً ثقافية وفكرية، وتدعو إلى التساؤل، “إنها الحالة العرفانية العالية في النظر إلى جوانية الأشياء وحيويتها”، برأي العامري، من هنا كتب على المسطح التصويري قصائد صوفية باللون والخط، تغوص في عتمات الروح ونورها الخافت والساطع، “إنها حالة لا تتحقق إلا عبر الخبرة والوعي العميق بماهية الفن” يقول العامري.
في لوحاته يتغيّر لون العنصر وشكله الواقعي، ويكون العنصر معرضاً للإضافات في محاولة منه لابتكار جديد نابع من خيال نفسي وفني، يتمظهر في مساحة السطح التصويري. يتحرك من منبع الشكل نفسه كما لو أنه منتج لظلاله، فالظل شقيق النور، وهو يجترح ظلاله الخاصة من خلال محاولات لمحو ما يعرفه عن المرئي، فالمحو بالنسبة إليه تحدِّ أصعب من الحفظ والتذكّر، إيماناً منه بأن الجديد يكمن في الإضافات، ونسيان ما اختزن في الذاكرة لإنتاج أشكال خاصة.
يرسم العامري بريشة الصدق الصافي التي تحركها رجفة قلب خافق بالخيال، بثقة ما يفعل، بقوة القشعريرة في اللوحة. مغامر هو، يسلك طريقاً وعرة بحثاً عن لذة جديدة لم يسبق لأحد أن صاغها، عن طريق بكر لا أثر فيها لأحد، لا يجاوره أحد، ينأى بذاته بعيداً عن التابعين وحملة الحقائب لأسيادهم، “فكيف لي أن أكون هناك وأنا سيّد في ما أفعل، سيد بعاطفتي البرية، سيّد بأسلحتي الواضحة، سيّد بغموضي الغامق”، يقول العامري.
بحث عن صور مخبأة في المدى البعيد، تلك التي تمر عبر العصور ولا تراها العين، فأشرقت في لوحاته صافية منسكبة في النور، نابضة بالحب الأقرب إلى العشق، فالإشراق، بنظره، هو الذي يكشف الزيف والكذب والتملق…
لوحة العامري جفرافيا من العواطف، موشاة بعلامات صغيرة تقود إلى العشب الرطب، أرضها صفراء وخضراء… سماؤها مقلوبة في الأسفل، “انسكاب نبع في البصر وطهارة في بصيرة راكدة”… تلك العلامات لم يكن وجودها صدفة، بل يحكمه التوازن والانتظام في سياق الإيقاع…”علامات فارقت اللون في السرير فتبعتني في الحلم! الوجد يتحقق بالتأويل، ولا خيال في اللوحة بلا واقع متحقق”.
تنويع شكلي، شفافية في التعامل مع الرموز، تدرج في اللون، تراكم الخبرات والثقافات، أبعاد تغوص إلى أعماق الوعي لتستخرج منه طاقة على التجدد والخلق… تداخل الذكريات مع الحاضر وتطلع نحو المستقبل… هكذا تتحرك العناصر في لوحة محمد العامري لتؤلف في ما بينها عالماً قائماً بذاته يسبح في خيال العامري اللامتناهي…
محمد العامري
حائز بكالوريوس آداب – الجامعة الاردنية، رئيس رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين (2000 –2002)، مدير مديرية الفنون والمسرح – وزارة الثقافة، مدير مديرية تدريب الفنون ومعهد الفنون الجميلة، الأردن.
في رصيده خمسة عشر معرضاُ (1983- 2010)، وشارك في أكثر من مئة معرض جماعي في الأردن، وفي أنحاء العالم من بينها: بينالي الشارقة الدولي، بينالي القاهرة الدولي، ترينالي الغرافيك الدولي – القاهرة، بينالي الاسكندرية للغرافيك، ومعارض في استكهولم، متشغن، كاليفورنيا، بكين، المغرب، لبنان، سوريا، البحرين واليونان…
نفذ مشاريع شعرية- بصرية من بينها: “فضاءات شعرية” في المركز الثقافي الملكي (1992)، “تلاقيات مع الشاعر محمد القيسي” في غاليري الأورفلي (2001 )، “أيقظتني الساحرة مع الشاعر قاسم حداد” مشترك مع هيلدا حياري في غاليري الاورفلي (2005)…
له مؤلفات في مجال الفنون من بينها: “فن الغرافيك في الأردن”، المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت (1999). “الشاهد والتجربة”، منشورات أمانة عمان الكبرى (2001). “عزلة الفراغ”، منشورات وزارة الثقافة (2003)، “سناء كيالي”، منشورات رواق البلقاء. “الفنان توفيق السيد حياته وفنه” مؤلف مشترك، منشورات وزارة الثقافة .
وفي مجال الأدب: “معراج القلق” / شعر/ دار الكندي (1990)، “خسارات الكائن” / شعر / دار أزمنة (1995)، “بيت الريش” / شعر / المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت ( 1999)، “قميص الحديقة” / شعر / منشورات أمانة عمان ( 2005)، “المغني الجوال” / تقديم وتحرير/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
حاز جوائز عدة من بينها: جائزة أفضل ديوان شعر عربي، رابطة الكتاب الاردنيين (1994)، الجائزة الثالثة في مسابقة لوركا،مركز ثيربانتيس- عمان (1994)، جائزة تقديرية في مسابقة التفكير باليدين – مركز ثيربانتيس – عمان، جائزة بينالي الكويت للرسم (2009)، جائزة الرسم في بينالي طهران الدولي (2007)…
كلام الصور
1- 2- 3- 4- لوحات من المعرض