نظمت بلدية طرابلس ونادي آثار طرابلس، محاضرة لمناسبة يوم طرابلس ٢٦ نيسان ومرور ٧٣٥ عاماً على تأسيس المدينة بعد تحريرها من الإفرنح على يد السلطان المملوكي المنصور قلاوون، حيث غصت قاعة مسرح جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية بمئات المشاركين من طلاب المدارس وأساتذتهم المشاركين في المسابقة التاريخية الميدانية التي تقام للسنة ال٢٠ على التوالي بهذه المناسبة، والذين حضروا للاستماع إلى محاضرة مصوّرة ألقاها في هذه المناسبة عضو المجلس البلدي ورئيس لجنة الآثار والتراث والسياحة البروفسور المهندس خالد عمر تدمري.
حضر المناسبة رئيس جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية عضو مجلس بلدية طرابلس الدكتور عبد الحميد كريمة ممثلاً وزير الثقافة الدكتور محمد مرتضى، النائب طه ناجي، يحيى حداد ممثلا النائب إيهاب مطر، رئيس بلدية طرابلس الدكتور رياض يمق، رئيس بلدية طرابلس السابق أحمد قمر الدين، المدير العام الأسبق للثقافة الدكتور فيصل طالب، المؤرخ تدمري، الشيخ سلمان بارودي، أعضاء من مجلس بلدية طرابلس والمجلس الاسلامي الشرعي الأعلى ومجلس الأوقاف، مدير مدرسة الإيمان المربي زياد غمراوي، وجمع من الأكاديميين وعلماء الدين والفعاليات الثقافية والتربوية والإعلامية.
بدايةً عرض نادي آثار طرابلس ١٢ فيلماً وثائقياً قصيراً تحكي تاريخ ١٢ معلماً أثرياً في المدينة. وبعد النشيد الوطني اللبنانيّ، قدّم للندوة دكتور الأدب العربي محمود درنيقة مستهلاً كلمته بالتعريف بأهمية هذه المناسبة في وجدان الطرابلسيّين وبماهيّة يوم طرابلس الذي أقرته البلدية منذ ٢٥ عاماً عيداً وطنياً لطرابلس تقفل فيه البلدية أبوابها وتحتفل المدينة بكل قطاعاتها بهذا اليوم المجيد.
تدمري
استهل البروفسور خالد تدمري محاضرته بالتعريف بالعلاقة التي تربط الطرابلسيين بتاريخ تأسيس مدينتهم وكيف أن سجلاّت نفوسهم لا تزال مرتبطةً بأسماء محلاّت المدينة التاريخية التي أنشأها المماليك والعثمانيّون، مشيراً إلى أن احتفالية يوم طرابلس هذا العام تقام تحت شعار “تحية من طرابلس مدينة العلم والعلماء” إلى “غزّة هاشم مدينة العزّة والصمود”، في إشارةٍ إلى العلاقات التاريخية التي تجمع المدينتين وإلى إتفاقية التوأمة الموقعة بين بلديتيّ طرابلس وغزّة عام ٢٠١٣.
بعدها قدّم تدمري شرحاً شيّقاً مصوّراً تناول “تخطيط وعمارة طرابلس في العهدين المملوكيّ والعثمانيّ” مستعرضاً الكنوز الأثرية والعمرانية التي تختزنها مدينتيّ طرابلس والميناء عبر العصور، مسلسلاً تاريخ وتطوّر المدينة خلال العهود الفينيقية واليونانية والرومانية والبيزنطية وصولاً إلى الفتح الإسلاميّ، والحقبة الفاطمية في العصور الوسطى التي تبعها الاحتلال الإفرنجي الغاصب إبّان الحملات الصليبية التي اجتاحت بلاد الشام وبيت المقدس ودام حكمهم لكونتية طرابلس قرابة ١٨٠ عاماً، إلى أن تمكن السلطان المملوكي المنصور قلاوون من إعادة فتحها وتحريرها في ال ٢٦ من نيسان عام ١٢٨٩م حيث فر الإفرنج عبر البحر هاربين ليعودوا أدراجهم إلى حيث قدموا من أوروبا. وقام المماليك بعدها بتأسيس وبناء “طرابلس المستجدة” بعد أن نقلوا حجارة المدينة من ساحل الميناء إلى الداخل ليبنوا مدينة جديدة تبعد مسافة ٣ كلم من البحر، تخطيطها قائم على أسس دفاعية عسكرية امتدت محلاّتها وأسواقها تحت سفح القلعة وعلى ضفتيّ نهرها.
وبعد التعريف بالخصائص المعمارية والجماليات الرخرفية للمعالم المملوكية وبعدها العثمانية، انتقل تدمري للحديث عن توسّع المدينة في نهاية القرن التاسع عشر مع بداية عهد التنظيمات في الدولة العثمانية ونشأة الوسط الإداري الجديد في منطقة التل التي تحوّلت تدريجياً إلى مركز المدينة الرسمي والإداري والمصرفي والخدماتي والمدرسي ومركز المواصلات وصروح الترفيه والإقامة من حيث توزّع المقاهي والفنادق والمطاعم والمسارح ولا زالت حتى يومنا تشكل وسط المدينة النابض.
وختم بسرد عددٍ من المشاريع العبثية التي تم تنفيذها في النصف الثاني من القرن الماضي وأعمال الهدم المتعمد التي طالت عدداً من المعالم والأبنية التراثية مطلع القرن الحالي، مؤكداً على ضرورة التصدي لهكذا مشاريع تخريبية وإطلاق الحملات المدنية لهذه الغاية، محفّزاً الشباب والجيل الصاعد المشاركين بالحضور على القيام بما يتوجّب للحفاظ على هوية مدينتهم.
اختُتم اللقاء، بالتقاط الصور التذكارية للحضور ودعوة الجميع للمشاركة في مسيرة يوم طرابلس الكبرى بعد أن استحصل الطلاب المشاركون في المسابقة التاريخية الميدانية من خلال المحاضرة على المعلومات اللازمة التي ستمكّنهم من الإجابة على أسئلة المسابقة والبحث عن شواهدها الحثيّة والأثرية خلال الجولة الميدانية على المعالم داخل المدينة التاريخة التي ينظمها نادي آثار طرابلس برئاسة الأستاذ بكر الصديق بالتعاون مع دائرة العلاقات العامة ولجنة الآثار والتراث في بلدية طرابلس، ليليها في الخامس من أيار إقامة حفل توزيع الجوائز على الفائزين برعاية وزير الثقافة، حيث تتزامن الإحتفالية هذا العام مع إعلان طرابلس عاصمةً للثقافية العربية للعام ٢٠٢٤.