بقلم: جورج جحا
عن دار رياض الريّس في بيروت صدر كتاب “السلطة وتعاقب الحكم في الممالك العربية”، للباحث في الشؤون الخليجية جوزيف كشيشيان، في ترجمة عربية أنجزها محمد بن عبد الله بن حمد الحارثي. ويقع الكتاب في جزءين متكاملين.
يبدأ الجزء الأول بمقدمتين تمهيدا لكلا الجزءين.الأولى مقدمة الكتاب في الأصل الإنكليزي، والثانية مقدمة الطبعة العربية. يلي ذلك الفصل الأول، يعرض فيه المؤلف التحديات التي تواجه القادة في الحكومات العربية المعاصرة، ويتضمن الفصل الثاني دراسة نظرية وميدانية في العلاقة بين الإسلام والحكومة الملكية. تتناول الفصول الباقية كلا من البحرين والكويت وسلطنة عمان ودولة قطر.
أما الجزء الثاني فيعرض تطور أنظمة الحكم في المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة والأردن والمغرب. يلي ذلك فصل يطرح احتمالات التطورات في أنظمة الممالك العربية مجتمعة من خلال تاريخها الحديث وواقعها الراهن.
وفي ختام الجزء الثاني ملحق يثبت فيه المؤلف قائمة بمقابلاته الميدانية مع حكام ومسؤولي هذه الممالك، وثبت بمؤسسي هذه الدول وحكامها وخلفائهم المحتملين من أسرهم، أهم نصوص المواد الدستورية والخطابات المفصلية لحكام هذه الدول.
محطات مفصلية
يقول الناشر: “يفيض محتوى هذا الكتاب عن عنوانه. صحيح أنه يعرض تاريخ نشوء كل من الممالك العربية الثماني: دول مجلس التعاون الخليجي (المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة والبحرين والكويت وسلطنة عمان وقطر) مع الاردن والمغرب التي يجمع بينها نظام الحكم الاسروي وكيفية تعاقب الحكم فيها وتقاسم النفوذ في كل منها. لكن البحوث تتجاوز هذا العنوان لتقف مفصلا عند النزاعات القبلية فيها والنزاعات الحدودية في ما بينها، والمحاولات الوحدوية والعقبات التي حالت وتحول دون ذلك وأهمها: تضارب المصالح الشخصية للحكام وحب السيطرة”.
يضيف: ” يحتوي الكتاب على دراسات شاملة لأهم المحطات المفصلية في تاريخ هذه الدول الحديث بدءًا من اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت فيها منطقة الهلال الخصيب واقامة دولة اسرائيل، إلى تأسيس جامعة الدول العربية ودول مجلس التعاون الخليجي والثورة الإيرانية وانهيار الاتحاد السوفياتي والحروب العراقية الايرانية، من دون أن ننسى الحروب العربية – الإسرائيلية والهواجس القديمة والحديثة التي تخيم على العلاقة الفارسية العربية وقضايا التسلح ومال النفط، وليس انتهاء بما يشهده العالم العربي من التغييرات الدراماتيكية التي تطاول أنظمة الحكم والتي بدأت إثر ثورات تونس واليمن ومصر وليبيا، ولا تزال تسري كالنار في الهشيم في غير دولة، تطرق إليها الباحث وخصص لها قسطاً وافراً، متطرقاً الى الإصلاحات الجوهرية التي تفرض نفسها في المزيد من الحرية والديمقراطية وتوزيع الثروات واقامة دول المؤسسات طارحا الكثير من الاسئلة المستقبلية دارسا ومستشرفا.”
صراع ضد الإرهاب
قدّم الباحث لكتابه بالقول: “تعد الحكومات العربية الخليجية المحافظة -البحرين والكويت وعمان وقطر والسعودية والإمارات العربية المتحدة- المحطةالعالمية للمخزون النفطي بلا ادنى شك. كما تعد هذه الحكومات بالاضافة الى الأردن والمغرب مجتمعات متاخمة لحدود الصراع ضد الإرهاب الذي لا تشترك فيه الحكومات فحسب، بل تشترك فيه الغالبية العظمى من السكان”.
يضيف: “تعد هذه الحكومات الثماني والأسر الـ 14 الحاكمة في هذه المنطقة… الحارس الأول للنفط: السلعة الثمينة التي تنظر إليها الدول الصناعية بعين الغبطة والحسد، سواء من قبل الاصدقاء او الأعداء على حد سواء. أي طرح لقضية تعاقب الأسر الحاكمة في حكومات الخليج العربي التقليدية لا يكتمل الا بأخذ النقاط الثلاث التالية بعين الاعتبار:
أولا، رسوخ حاكم كل منطقة ضمن نطاق دولته ومجتمعه مع وجود قيود واضحة واختلافات في المنزلة أو المركز ودرجة الشرعية مع أن الأمر لا يخلو من جهات معارضة محدودة.
“ثانياً، فكرة “الحكم” خلال العقود القليلة الماضية تم ربطها بالتطورات السياسية الداخلية والخارجية.
ثالثاً، فكرة الاستقرار السياسي (ليست فرضية بأية حال من الأحوال بالنسبة إلى النقاد) رسخت السيطرة الحالية للنخبة على السلطة.
عليه لا نستطيع سبر أغوار توجهات بعيدة المدى لمسألة تعاقب الحكم، من دون أن نفهم فهما عميقا أهمية الاستقرار السياسي، بالنسبة إلى الأسر المالكة، وكيف عملت هذه الأسر على إدارة هذا الاستقرار، وكيف رسمت تصوراته المستقبلية. ونظراً إلى قلة التطورات الثورية العنيفة في المنطقة، فإن التعاقب الملكي الطبيعي في الحكومات العربية التقليدية يعتمد على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لهذه الدول.”