روح شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده يحضر ضيفًا مع حبيب يونس على منبر “نقطة فاصلة” بشخص كريمته ميراي شحاده حداد

 

 

مقدمة حبيب يونس لحلقة برنامجه “نقطة فاصلة” على شاشة “أو تي في”، وضيفتها المهندسة الأديبة ميراي شحاده حداد، وموضوعها شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده:

 

فِي الْكُورَةِ الْخَضْرَاءِ زَيْتُونَةٌ

مَرَّ بِهَا النَّسِيمُ كَيْ يَنْحَنِي

مِنْ زَمَنٍ تَمَوْسَمَتْ شَاعِرًا

عَلَى كِتَابِهِ… الْحِصَادُ جُنِي

مَيْرُونُهُ أَحْيَا، بِصَمْتٍ، غَدًا

مُعَمَّدًا بِاللِّسْنِ وَالْحُسُنِ

بِزَيْتِهِ طَابَتْ مَوَائِدُنَا

وَمَا سِوَى طَعْمِ الرَّغِيفِ هَنِي

وَلِبَخُورِهِ جَثَا عَبَقٌ

وَكُلَّمَا يَسْمُو بِنَا نَغْتَنِي.

ذَا الشَّاعِرُ اسْتَفَاقَ مِنْ رَقْدَةٍ

عَلَى يَدَيْنِ، جَوْهَرِ الْوَطَنِ

صَبِيَّةٌ شَالَتْ بِهِ، خَافِقًا

فُؤَادُهَا بِالشَّوْقِ وَالشَّجَنِ

طَافَتْ بِهِ الدُّنَى كَأَنْ رَايَةٌ

“أَبِي هُنَا حَيٌّ وَلَمْ نَخُنِ

لَا كُورَةً خَضْرَاءَ، لَا أَدَبًا،

لَا قَلَمًا، لَا دَفْأَةَ الْوُكُنِ.

بَاقٍ هُنَا، كِتَابُهُ نَبْضُهُ

وَوَجْهُهُ أَشْرِعَةُ السُّفُنِ

وَمَا الْبِحَارُ غَيْرُ مَوْجٍ يَشِي

بِمَا أَرَاحَ عَنْهُ مِنْ مُزُنِ

عَيْنَاهُ قِنْدِيلٌ وَقَدْ مَحَتَا

عَتَمَةَ الضِّيَاعِ وَالْمُدُنِ

وَصَوْتُهُ عَاصِفَةٌ زَلْزَلَتْ

خَوَاطِرًا فِي خَاطِرِ الْغُصُنِ،

وَيَدُهُ ظِلٌّ لِزَيْتُونَةٍ

تَفَيَّأَتْهَا الشَّمْسُ، فِي الْعَلَنِ.

صَبِيَّةٌ مِنْ دَمِهِ وَاسْمِهِ

مُذْ مَزَقَتْ إِغْفَاءَةَ الْكَفَنِ

نَادَتْهُ: “عَبْدَاللهِ قُمْ، بَيْنَنَا

أَنْتَ هُنَا كُنْتَ، وَلَمْ نَكُنِ

وَنَحْنُ مَا إِلَّا هُنَاكَ نَعِي

أَنْ مَجْدُكَ الْغَابِرُ فِينَا بُنِي

إِلَيْكَ نَغَدُوْ، حَرْفُكَ الزَّادُ، قُلْ

“مِحْبَرَتِي الْعَطَاءُ”… نَخْتَزِنِ

مِنْكَ الْخَوَابِي سَاجِدَاتٍ تُقًى

صَلَاتُهُنَّ طِلْبَةُ الْمُؤْمِنِ

مِنْكَ الْمَعَانِي دَافِقَاتٍ، وَمَا

نَهْرٌ جَرَى بِغَيْرِهِنَّ عُنِي

مِنْكَ الْأَمَانِي عَائِدَاتٍ إِلَى

زَيْتُونِكَ الْمُخْضَرِّ وَاللَّدِنِ

مِنْكَ الْقَوَافِي، زَيْتَ أَزْمِنَةٍ

فَاحْلَوْلِ وَاخْضَوْضِرْ أَيَا زَمَنِي.

أَبِي تَعَالَ… مِنْكَ أَرْجُو: عَسَى

فَارْجُ أُبَيَّ، مَا تَشَاءُ، مِنِي.

أن يحيا شاعر مفكر مثقف مرب خمسة وسبعين عامًا، فيملأ محيطه القريب والأبعد الأبعد بحضوره، وأن يغيبَ ليعود بعد خمسة وثلاثين عامًا على رحيله، أميرًا على صهوة الوفاء لإرثه الغني، فهذا هو شاعر الكورة الخضراء عبدالله إيليا شحاده.

ولد شحاده في كوسبا الكورانية عام 1910، ورحل عام 1985.

شغِف باللغة العربية وآدابها وتخصَّص فيها، في جامعة القديس يوسف، إلى أن حاز شهادة دكتوراه من جامعة سانت اندروز الكنسيّة المسكونيّة في بريطانيا. وخلف آثارًا شعرية ونثرية كثيرة، وتتلمذ عليه، خصوصًا في شمال لبنان من أصبحوا لاحقًا كبارًا في الأدب. تزوج في سن الثانية والستين، من إميلي العيتاني، ولهما أربع فلذات، بينها ميراي التي أخذت على نفسها أن تعيد أباها إلى الحياة بعد خمسة وثلاثين عامًا على رحيله.

جمعت ما كان نشر، وهو قليل، إلى ما ترك من مخطوطات ومشاريع كتب، وهو كثير كثير بالاشتراك مع المحققة السيدة ابتسام غنيمة، فكانت ستة مجلدات زاخرة بالذوق والجمال والوطنية والمعرفة والوعي والعلم والخلق والجرأة.

عمل شاق، لم تكتف ميراي شحاده حداد به، بل أنشأت، ومن جيبها الخاص، ومن مردود عملها في الهندسة، منتدى على اسم والدها، وشبهَ دار نشر، تصدر من خلالها كتبًا لأدباء معروفين، أو تشجع مواهب فاسحة أمامهم في الدرب الطويل.

روح شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده، يحضر ضيفًا على منبر نقطة فاصلة، بشخص كريمته الأديبة المهندسة ميراي شحاده حداد، أهلًا بك.

الختام

وختم الحلقة بقصيدة بالمحكية اللبنانية عن الكورة وزيتونها:

 

بالكورا الخضرا بْتدينا، وت إختم استحضرت مشهد بالكورا، كيف الزيتون بيبتسملك وبيهديك كل الخير، وقلت:

 

الزَّيْتون…

مَرْج عْيونْ،

وِالزَّيْت شارِدْ بِالْمَدى،

يْعَمِّرْ خَوابي ظْنونْ،

يِمْكِنْ يصير

نْ داق مَرّا بَسْمتِكْ…

مَيْرونْ؟

 

اترك رد