ندوة حول كتاب “طرابلس في عيون أبنائها والجوار” في المعرض العربي للكتاب في برلين

نظم الديوان- البيت الثقافي العربي في برلين – ألمانيا معرضه الأول للكتاب العربي في الفترة ما بين 1 و 3 ايلول، شارك فيه ما يناهز 64 دور نشر ومعهدا بحثيا من الدول العربية والأوروبية.

شكل المعرض فعالية مميزة إحتضنت  مجموعة غنية من الكتب التي تمثل التراث الثقافي والأدبي والفكري العربي رافقها قراءات للكتب، وحوارات نقاشية مع الكتّاب والمؤلفين. وشمل برنامجه فعاليات ثقافية كتنظيم حفلات موسيقية حية مع فنانين من الوطن العربي، بالإضافة إلى ورشة عمل لفن الخط العربي لاستكشاف جمالية الحروف والأدب بإعتباره تجسيد للثقافة التي تشجع على الحوار وتعزيز التبادل الثقافي والأدبي بين الشرق والغرب، وعلى مد جسور التواصل الثقافي وسط حضور دبلوماسي وثقافي وفني.

وقد حظي كتاب طرابلس في عيون أبنائها والجوار، بانعقاد الندوة الثالثة حوله في اليوم الأول من البرنامج الذي أعده الديوان- البيت الثقافي العربي وأدارها، وتحدث فيها غسان محمود الأدهمي وناصر جرّوس والعالم الألماني في الدراسات الإسلامية وعالم الآثارومؤرخ للفن الإسلامي البروفسور كلاوس بيتر هازه.

الأدهمي 

وأكد الأدهمي في كلمته أن الـ نوستلجيا”   “تلعب دورها في ضميرنا نحن أبناء الجيل الذي عرف صفاء السريرة في طرابلس وفي جوارها من مدن وقرى، هذا الجيل الذي لم يكن يهمه يوماً ولا يعنيه دين من يشاركه مقعد الدراسة أو كرسي الجامعة أو الحياة اليومية إثر التخرج. وهو يصبو اليوم لأن يعيش الأبناء والأحفاد ما عشناه نحن، وساعتها ستطمئن قلوبنا إلى أن أحفادنا سيكونوا سعداء وأن طرابلس ستنمو وتزدهر وبالتالي لبنان الوطن، لأنني أؤمن شخصياً بما كتبته الدكتورة جاكلين ايوب المديرة السابقة لكلية الآداب في طرابس ص 192 من الكتاب، بأنه لا استعادة لدور لبنان ولموقعه واقتصاده وثقافته وتاريخه المعاصر، دون أن تستعيد طرابلس دورها التاريخي كعاصمة للشمال وكمركز حيوي للثقافة والتنوير والتعليم،  فهي بوابة العبور وصلة الوصل بين التعدُدِيات والثقافات على اختلاف أنواعها”.

جرّوس  

وإستهل جرًوس كلمته بتوضيح “الدوافع التي حملت على إصدار هذا المؤلف تتلخص بقراءة لقصة مدينة تقع في الضفة الشرقية من البحر الأبيض المتوسط ، ولها تاريخ عريق توالت عليها عبر العصور حضارات مختلفة تركت وراءها آثاراً وثقافات  متنوعة. فعاش أهلها معاً في هذه الحاضرة وتفاعلوا ايجاباً مع بعضهم البعض حيث شكلت حاضنة للعيش الوطني الواحد في بعده الحضاري الإنساني ورفضت بالمطلق التيارات والآراء والثقافات الطارئة والوافدة التي تتناقض مع مبادى حرية المعتقد والدين المتسامح فعصت هذه المدينة الأبية على الغزاة وصمدت، وكان قدرها وما زال أن تناضل وتضحي لرفع المظالم عنها والصورة البشعة التي توالت محاولات السوء على إلباسها إياها“.

وأضاف: ” أردنا أيضاً أن نسرد قصة حب بين أبناء هذه المدينة وأهل مناطق الجوار حيث عاشوا سنين طويلة في أجواء عائلية تقاسموا خلالها الأوقات الحلوة والمرة . فهي مدينة فتحت ذراعيها لتستقبل أهل مناطق الجوار بحب واحترام فدرسوا في مدارسها ومارسوا شعائرهم الدينية في دور العبادة المختلفة فيها، وسكنوا في أحيائها واستثمروا فيها واندمجوا في مجتمعها وارتبطوا بزيجات مختلطة، واحتفلوا في اعيادهم الدينية سوية، في  شهر رمضان المبارك كان أهل الجوار يشاركون أبناء طرابلس عاداتهم كما أن أبناء طرابلس كانوا يزينون بيوتهم بشجرة الميلاد ورأس السنة”.

وتابع: “اننا  انطلقنا بفكرة هذا الكتاب مستندين الى التساؤل الآتي .  فلماذا لا نوثق للتاريخ ولأولادنا وأحفادنا، حقيقة هذه المدينة وعلاقاتها بجوارها وعلاقة الجوار بها، لماذا لا نوثق للعالم اهميتها الجغرافية الإستراتيجية من حيث المكانة والموقع والتاريخية والإقتصادية والإجتماعية، فبادرت الى عرض فكرة الكتاب على بعض الأصدقاء ، فلاقت الإستحسان وشجعني الجميع عليها. وأبدى كل من إتصلت به وتشاورت معه كل الحماس للتعبير عن مشاعره وذكرياته وحقيقة هذه المدينة وعلاقاتها بجوارها”.

وختم قائلاً: ” وددنا إقامة هذه الندوة الهادفة في ألمانيا الصديقة بإعتبارها دولةً ذاقت طعم الظلم وويلات الحروب وتقسمت أراضيها وتفرق مواطنيها ، وبالرغم من مرور السنوات العجاف عادت وتوحدت جغرافياً وبشرياً . كما أردت أروي هذه الأحوال للتأكيد على حقيقة أنه مهما طالت أزمة بلدي لبنان وإستمرت حروب الآخرين عليه وعجز مسؤوليه عن حل مشاكله، فلا بد أن يتوحد ويستقر ليعود أهله الى سابق عهدهم في العيش معاً في جو من المحبة والمؤالفة“.

وختم جرّوس معرباً عن ” شكره لدولة قطر التي نحن مدينون لها لدعمها هذا لمركز، فلها من اللبنانيين كل التقدير والاحترام وهي لم تتأخر يوماً عن مساندة لبنان في أصعب ظروفه ولا تزال تبذل كل الجهود لمساعدته في إعادة الإستقرار“.

البروفسور هازه 

بدوره، تناول البروفسور كلاوس بيتر هازه، في كلمته، مدينة  طرابلس إنطلاقاً من نظرة عالم  الآثار المطلع على ما يميزها من معالم أثرية تعود لأكثر من 3500 سنة قبل المسيح، بخاصة وأنها المدينة الثانية بعد القاهرة بغناها بالآثار المملوكية، لا سيما إظهار هندسة العمارة والزخرفة في شبكة الحكم المملوكي أو في عهد المماليك خلال القرنين (14 و15).”

وتعدى حديثه عن آثار طرابلس المملوكية ليشير الى ما “تميزت به طرابلس كإحدى اهم مدن ساحل شرق البحر الأبيض المتوسط التي اندرجت تحت اسم Die Levante   المشرق العربي. والتي يسود فيها طابع التسامح والعيش الواحد وهو أحد السمات الرئيسية لأبناء هذا الساحل على مر العصور والأزمان”.

ورأى “ان كل ما ينقصنا من التعرف على ميزات في طرابلس غابت عنا  في  طرابلس مدينة عبق  زهر الليمون”

السفير أديب 

وكان لسفير لبنان وعميد السلك الدبلوماسي العربي الدكتور مصطفى أديب كلمة في ندوة نظمت في المعرض عن كتاب “طرابلس في عيون أبنائها والجوار” وهو من الكتب المشاركة في هذا المعرض، مشيرا الى ان “55 شخصية مختلفة الإختصاصات اقتصادية واجتماعية وإعلامية وأدبية وتربوية وفنية برهنت من خلال نصوص حررتها معززة بالصور الفوتوغرافية والوثائق عن واقع هذه المدينة وجوارها، ليبقى ما حرروه شاهدا على تاريخ مدينتي طرابلس الواقعة على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط والتي طالما عرفت بأنها مدينة العلم والعلماء مدينة التآخي والعيش السلمي والتي كانت ولا تزال مدينة الإنفتاح والتنوع،  مدينة حاضنة لإهلها والجوار، ولطالما عرفت المدينة باسم طرابلس الفيحاء بفعل رائحة زهر الليمون التي تفوح من بساتينها وكذلك لعطر الصابون الذي تعبق به أسواقها القديمة”.

وقال: “في مدينتي تتجاور المساجد والكنائس وتشهد دور العبادة في طرابلس على استمرارية العيش المشترك بين أهل المدينة، إذ تتجاوز وظيفتها المجالين الديني والإيماني إلى دلالة رمزية على تعايش الطوائف جنبا إلى جنب. كما ترسم هذه المعالم الدينية التاريخية مفاصل المدينة القديمة وساحاتها وحدودها وبؤر تجمعاتها السكنية. طرابلس مدينة العلم والعلماء، لا تزال تحمل باعتزاز هذه الصفة التي اصبحت هويتها ولم تتراجع عن أداء هذا الدور الثقافي الريادي بدليل مدارسها والأندية الثقافية المختلفة التي تحتل موقعاً مركزياً في حياة المدينة الفكرية”.

وختم: “الشكر الى كل من شارك في هذا العمل، وأخص بالشكر ناشر هذا الكتاب الأخ الصديق الأستاذ ناصر جرّوس، كما اتوجه بالشكر ايضا الى الأصدقاء الذين يشاركون في الندوة المخصصة في هذا الكتاب ضمن فعاليات هذا المعرض”.

اترك رد