“بقاء المسيحيّين في الشرق خيار إسلامي”… مفهوم المشاركة العادلة وتحديد المسؤوليات

بقلم: د. ناتالي الخوري غريب

بعد كتابته سيرة البطريرك ما نصرالله بطرس في ثلاثة اجزاء، ومن ثمَّ مذكّرات فؤاد بطرس ومذكّرات الأباتي بولس نعمان، يطرح  الإعلامي والناشر أنطوان kitabسعد في كتابه الصادر حديثًا، عن دار سائر المشرق، “بقاء المسيحيين في الشرق خيار إسلامي”، أكثر الموضوعات جدلًا ونزاعًا، على الساحة العربية واللبنانية تحديدًا، وهاجس مصير الأقليّات المسيحيّة في ظلّ الثورات العربية المتلاحقة، وتلقّف المحافظين والمتشدّدين لانتصارات هذه الثورات، والانقسام اللبناني حول الصراع الإقليمي الدائر، وهو ما يتهامس به الكثيرون سرًا وقلقًا، أو حتى ما لا يجرؤ كثيرون من الاعتراف به لأنفسهم.

يقدّم  سعد في هذا الكتاب، مقاربة للحضور المسيحي في الشرق، انطلاقًا من منظور تاريخي في الأقسام الثلاثة الأولى،  مستندًا إلى وثائق تاريخيّة ومراجع موثوقة من زمن السلطنة العثمانيّة وإصلاحاتها الإداريّة والسياسيّة، وواقع لبنان ما قبل الثورات، وإعلان دولة لبنان الكبير، ليقوم في الفصل الرابع بعملية استقراء حول مسؤولية المسلمين والمسيحيين في هذا الواقع، محاولًا في الفصل الخامس استنباط الحلول من إلقاء الضوء على كيفيّة الإفادة من التجربة اللبنانية في ظلّ السلطنة وتجارب التمييز الإيجابي في أميركا وتحديد دور النخبّ المسيحية والإسلاميّة على السواء وضرورة تحرّكهم .

 قد يشكّل العنوان بحدّ ذاته صدمة، للطرفين على السواء، فبقاء المسيحيين، وهو الهاجس الأكبر،  أتبعه الكاتب بوضع خيار بقائهم بيد المسلمين، إذ سيحسبه المسلمون بأنّه اتّهام صريح بسوء استخدامهم للتوسّع الديمغرافي وتاليًا السلطة والهيمنة لقمع المسيحيين وتهميشهم، وأن أيّ تقهقر للواقع المسيحي سلطة أم حضورًا سيلامون عليه، وفي المقابل  سيحسبه المسيحيون تهديدًا لحضورهم وطعنًا في كرامتهم لسلبهم خيارهم في إرادة البقاء في أرض أجدادهم.

إلّا أنّ القراءة المتأنيّة للكتاب، تبيّن المنحى الموضوعي في مقاربة هذه المسألة من منظور تاريخي وديني وسياسي، مستندًا إلى الوقائع والأمثلة والأرقام، معتمدًا التسلسل في عرض هذا التدهور في الوجود المسيحي الفاعل، بكلّ حيادية وموضوعية، من دون إهمال مواقع القوّة في بعض المراحل وأسبابها ونتائجها ، ولم يتدخل مباشرة إلّا في الفصل الخامس والأخير حين استنباط الحلول واتّخاذ العبر من التجارب الماضية.

معجزة النهوض المسيحي

 ينطلق الباحث في القسم الأوّل بالعرض التاريخي بدءًا من تبيان معجزة النهوض المسيحي في ظلّ السلطنة العثمانية، من خلال أربعة عناصر،  معرفًا كيف شكّل  نظام الملل عنصرا حضاريا اعطى الاقليات المسيحية فرصة استثنائية، وتاليًا انفتاح السلطنة العثمانية على الدول الأوروبية، داحضًا ببعض الوقائع التاريخية غير القابلة للجدل مقولة بعض المؤرخين والباحثين بأنّ ما يُعرف بالامتيازات الأجنبية هو أحد عوامل الانحطاط التي أسقطت هذه السلطنة، وكيف طبع المسيحيون الحياة العامة بطابعي العصرنة والحداثة، مبيّنًا الإصلاحات السياسية والإدارية التي قامت بها السلطنة  “التنظيمات”، من قبل “الخطي شريف كلخانة” و”الخطي شريف همايون” وفتح الباب لأبناء هذه الأقليّات لدخول الحيّز العام بمختلف مؤسّساته الدستورية والادارية، ما أثار استياءً في الاوساط الاسلامية، ورأى فيها البعض خروجا عن التقاليد او ضغفًا في السلطنة او هرمها. ليكون العنصر الرابع لنهضتهم الظروف المساعدة ودور الكنيسة ابتداءً من المدرسة المارونية، استنادًا إلى الإحصائيات المشيرة إلى زيادة نسبة الأقليّات.

Dr-nathalie-khoury-4   antoine-saad-1

أمّا في القسم الثاني، مستخدمًا العرض التاريخي أيضًا ، فيعرض الكاتب لواقع المسيحيين في المشرق العربي قبل الثورات وبعدها، وكيفية تدهور حال المسيحيين في المنطقة بعد سقوط السلطنة، وتحوّل حضورهم الفاعل على مدى قرون إلى وجود صامت أقرب إلى النزف والموت البطيء، معترفا أنّه ليس واقعيًا ان يطلب من المسيحيين العرب غير اللبنانيين الكثير مع الاصرار على المسؤولية الملقاة على عاتقهم، على مستوى الأمانة لإرث آبائهم وأجدادهم، وعدم الاستسلام للهجرة، مشيرًا الى اليقظة العالمية والاقليمية التي التفتت فجاة إلى وضع المسيحيين في المنطقة العربية. وأنّ الواقعية تقضي بأن يستعيدوا دورهم من غير استجداء” لأنّ الدور يؤخذ ولا يعطى مجانًا في سياسات الامم”.

عارضًا بالأمثلة الحيّة واقع الحضور المسيحي في كلّ من البلدان العربية، بدءًا من أرض المسيح من دون مسيحيين، مستندًا إلى إحصائيّات دقيقة موثّقة لنسبة المسيحيين العرب وغير العرب، منتقلا إلى واقع العراق بين المأساة والفرصة الثانية، مظهرا واقع المسيحيين في ظل حكم البعث وتداعيات حرب الخليج واجتياح الكويت “واستنهاض صدام شعوب الدول العربية المحيطة عبر لعب ورقة العصبية الإسلامية”،.. وقد اعتبر الباحث الإقليم الكردي نموذجًا للاحتذاء، بتوفيره للمسيحيين الأمان والحماية والحرية الدينية واعتبره بمثابة الفرصة الثانية لهم، ما يسهم في انتعاشهم في العراق، بعد استهدافهم بالخطف والتفجير.

أمّا التجربة في مصر، فيعتبرها الكاتب البداية الصعبة للثورة. إذ إنها تشكو من تمييز، يستهدفها على كل الصعد، ولا سيّما ما سيظهر من حكم مرسي المتشدّد، مبيّنًا بالأرقام عدد النواب الأقباط بين معينين ومنتخبين من عهد الرئيس عبد الناصر إلى عهد مرسي . وفي الأردن، عرض لكيفية الحضور المسيحي وحرية الممارسة الدينية والتعليمية وبقانون أحوال شخصية ومحاكم روحية خاصة، وبمشاركة مضمونة في الحياة السياسية والبرلمانية، ولعب دور هام في الحياة الاقتصادية الثقافية والمهن الحرة والنقابات. وما عنوانه “اليد على القلب” الإ إظهار الخوف من ازدياد المنحى الاسلامي المتشدّد  الذي يتاثر ويتفاعل مع الثورات العربية التي أفضت إلى وصولها إلى الحكم في مصر وتونس.

 أمّا نموذج سوريا وبانتظار أن ينتهي النزاع الدموي العنيف، لعدم وضوح نوايا الأطراف الثائرة على النظام البعثي، حيال موضوع الأقليات الدينية والإثنية، آثر الكاتب استعراض الوضع المسيحي لما قبل اندلاع الثورة، ووجد من المفارقة انهم يتمتعون بوضع جيد نسبيًا قد يحسدهم عليه عدد كبير من الدول العربية ، وبخاصة في ظل نظام علوي غير متشدّد دينيًّا بل أمنيًا وعسكريًا، وفي ظل إهمال الطبقة السياسية الليبرالية الإسلامية في سوريا التي كانت قلقة من تنامي نفوذ الإخوان المسلمين. فنظام البعث الاشتراكي أرسى سياسة علمانية حازمة أتاحت للمسيحيين فرصًا مسلوبة مع غيرهم لكنه قضى على ما تبقى لهم من اقتصادية من خلال الاشتراكية. فالقلق كما لدى جميع المسيحيين من تزايد هجرتهم التي ارتدت طابع النزيف لعدد من القضايا، أبرزها تنامي الاصولية الدينية.

خيارات حاسمة

في القسم الثالث يتناول الكاتب وضع المسيحيين بدءًا من المحطات والخيارات الحاسمة في تاريخ لبنان، بين إعلان دولة لبنان الكبير وإعلان استقلال لبنان، وكيف تجلّت قمة المرونة الإسلامية بالموافقة على إسناد صلاحيات المفوض السامي إلى رئيس الجمهورية، وأضحت صلاحيات رئيس الجمهورية شبه مطلقة وتوصل الرئيس بشارة الخوري ورياض الصلح إلى الميثاق الوطني، عارضًا بعض الأمثلة كتوقيف جورج نقاش الذي انتقد ميثاق تشرين الثاني، وإيقاف صحيفة لوريان والتدابير القاسية بحق الصحافة (الغاء 62 مطبوعة)، ما هز الكيان اللبناني وتدخّل القوى الاقليمية والدولية والتوصّل إلى تسوية “لا غالب ولا مغلوب”،  وأحداث نيسان 1969، وبين اتفاق القاهرة في مطلع تشرين 69 واندلاع الحرب في نيسان 1975.، ومن ثم إقرار الطائف … مظهرًا أخطاء المسيحيين المتراكمة مع مسؤولية المسلمين عن تراجع الدور المسيحي في لبنان.

يعتقد المؤلف أنّ التقدّم الإسلامي في بعض أوجهه مبرمج ويقتضيه مفهوم المشاركة العادلة الذي غاب في مرحلة ما بعد الطائف، لينتقل إلى تحديد مسؤولية المسيحيين بالعودة ألى ما اعتُبر الخطأ الأوّل بحقهم منذ مشروع إنشاء لبنان الكبير، بحدوده التي ضمّت مجموعات سكانيّة إسلاميّة كبيرة غير مدينية.  كذلك يلقي الضوء على بلورة مفهوم تعايش المجموعات السكانية المتمايزة من دون قمع أو تهميش لهوياتها.

من ثم يظهر الباحث ما اعتبره خطأ شمعون بتقسيم الدوائر الانتخابية، سنة 1957 والمآخذ على القوى المسيحية بتلهيها بمواجهة الشهابية، ومن ثم اقتتال السلطات المسيحية على السلطة، وصولًا الى عون وحرب التحرير، واستفزاز السوريين في التدخل بالانتخابات لدفع القوى المسيحية إلى الخروج نهائيًا من الحياة السياسية أو الرضوخ الكلي، مرورًا  بتغطية الهراوي عملية تهميش المسيحيين سياسيًا ومشاركته فيها، متغاضيًا عن التمدد الحاصل على حساب المسيحيين في المؤسسات والإدارات العامة، وتاليًا توقيع مرسوم التجنيس مع بشارة مرهج وزير الداخلية آنذاك. من ثم بعد انسحاب السوريين عدم تشكيل المسيحيين لقوة جذب بين السنة والشيعة وحملهم على عدم المشاركة في النزاع الاقليمي الدائر. والأخطر غياب رؤية مستقبلية لواقع الحضور المسيحي، والمسؤولية الواقعة عليهم من عدم تقديم النموذج الديمقراطي للعمل الحزبي القائم ومبدأ تداول السلطة وطريقة تشكلها وآلية تشكل القرارات.

 أما المسؤولية التي يتحملها المسلمون، بحسب الكاتب طبعًا، فهي شراء أراضي المسيحيين تحت حجة التنافس الشيعي –السني، واللعب بورقة الفلسطينيين، وتغيير التوازنات البنيوية للتركيبة اللبنانية بعد وصية “الارض والأولاد”، بتشجيع نموهم الديمغرافي. ومن ثمّ تحالف عون -حزب الله وتهامس المسيحيين حول أفضلية المناصفة الشكلية او المثالثة الفعلية، والمضيّ في قانون الستين الذي يمكّن المسيحيين من انتخاب نصف نوابهم فقط بأصوات المسيحيين، والتوجس الدائم لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، والخلل الطائفي الممكن ان ينتج عنها.kitab

 الفصل الرابع عنونه الكاتب بجملتين استفهاميتين “هل يريد المسلمون بقاء المسيحيين؟ وهل من مصلحة لهم بذلك؟ ليرى الباحث أنّ المسلمين يريدون أن يحسّنوا صورتهم ويردّوا تهمة الأصولية بخاصة بعد هجمات 11 أيلول، وتاليًا تشدّد الغرب تجاه المهاجرين منهم، وذلك عبر تبديل طريقة التعامل مع الاقليات المسيحية الموجودة في الدول الإسلامية، وسط تتبع وسائل الإعلام لكل ما يجري.  من ثم ينتقل إلى الأقليات المسيحية ونمط الحياة في الدولة الإسلامية وبين التشددي والليبرالي كيف بنيت ديناميكية العصور الوسطى على عقيدة دينية متشدّدة، ولعبة الليبراليين في دورهم الملتبس، والمطلوب هو التحالف بين المسيحيين والليبراليين المسلمين ما يبرز أهمية التنسيق بينهما علنيًا من دون أن يبنى على الخوف من الزحف الأصولي بل على الرؤية المشتركة بينهما. ليقدم الكثير من الأمثلة الحية في تاريخ لبنان القديم والمعاصر.

تحصين الحضور المسيحي

يخصّص الباحث القسم الخامس لـ”متطلّبات تحصين الحضور المسيحي  في دول المشرق العربي”، يعرض فيها الخطوات العمليّة المنتظرة من النخب الإسلاميّة الحاكمة في الدول العربية المستقرّة ومن النخب  السياسية والثقافية الدينية الناشطة في الدول التي شهدت تحولات في بنيتها السياسية والاجتماعية. مطالبًا بإعادة الاعتبار لتجربة السلطنة العثمانية، أو استلهامها بالنظر إلى ما أنجزته في مجال تحقيق نهضة مسيحية في المشرق العربي، ووضعها في سياق التطوّر التاريخي، والاتفاق على نموذج الدولة المدنية الواقعة بين العلمانية والدينية، مصرًّا على العلاقة الفاعلة بين الأقليات المسيحية والليبراليين المسلمين، وبذلك تشكّل معطيات الدولة المدنية : أي الاحوال الشخصية المتحررة من الضغوط الإيديولوجية وانفتاح الدول العربية على المواثيق الدولية الضامنة للحريات وإدخال الاصلاحات ، لكنّه لا يكفي إنّما يحتاج إلى درجة متقدمة من اللامركزية الإدارية ما يؤمن شعورًا ثابتًا بالثقة بالذات، وصولا إلى التمييز الإيجابي كما حدث في الولايات المتحدة الأميركية بهدف تحفيز الأقليات العرقية والدينية واللغوية على الانخراط في الحيّز العام، وتوفير الظروف الملائمة لها وإلغاء ذهنيّة التمييز العنصري الذي لم يكن يعاني منه السود وحدهم، بل أنّه كان يطال حتى نهاية الحرب العالمية الأولى الكاثوليك الأميركيين، وحتى الحرب العالمية الثانية اليهود.

  يخلص الكاتب في الفصل الأخير  إلى غعادة الاعتبار للتجربة اللبنانية أو الدولة المدنية التي يعتبرها بأنّها نظام يقع في منزلة بين النظام العلماني الذي يفصل كليًّا الدين عن الدولة، وبين الدولة الدينية التي تخضع تشريعاتها للمنظومة الدينيّة الغالبة وفق السائد في عدد من الأنظمة العربية. من هنا يطرح أنطوان سعد حق انتخاب المسيحيين نوابهم في ظل قانون انتخابي يضمن لهم ذلك، مع لا مركزيّة إداريّة موسّعة تمكّنهم من تحصين وجودهم ودورهم، مظهرًا بالوقائع والأدلّة في مقارنة بين المعطيات التي طوّرتها الجمهوريّة اللبنانيّة في فترة ما بعد الاستقلال وبين واقع هذه المعطيات في الزمن الراهن، مقدار التراجع والتدهور الحاصل في واقع التجربة اللبنانيّة.

ويعتبر الكاتب أنّ مفتاح إعادة الاعتبار إلى التجربة اللبنانيّة هو في يد النّخب السياسيّة الإسلامية والمسيحيّة في لبنان على السواء. فعلى المسيحيين تحديد بنياتهم السياسية الحزبية وتجديد الخطاب السياسي والبرامج الحزبية وتحويلها عن الدوران في فلك الزعيم، والتوقف عن التوزع على طرفي النزاع الدائر إقليميًا ونقل الانقسام إلى الحالة المسيحية. وهي أيضًا مسؤولية إقليمية مطلوبة من العواصم المؤثّرة على الواقع اللبناني لكي توقف تدخلها وتبقى على حياد.  أما مسؤولية المسلمين تجاه القضية المسيحية في المشرق العربي فهي كبيرة لأنّهم أكثر ديمغرافية ولأن ذهنية متشددة تتحكّم بخيارات نخبها السياسية والاجتماعية والدينية، وتكمن في الانتقال من ذهنية التسامح الديني السائدة إلى ذهنيّة الحريّة الدينيّة التي تشدّد عليها المواثيق الدولية.

 في الخاتمة، يقدّم أنطوان سعد في كتابه هذا، بعد العرض التاريخي والاستقرائي والاستنباطي،  بكثير من الموضوعيّة والحياديّة ندر وجودهما في قراءة التاريخ المعاصر، كمًّا من الأسئلة حول المصير المسيحي في قلب التحوّلات الجارية وحركات التمرّد على أنظمة الحكم، وبخاصّة في لبنان الآن، زمن تشريع قانون انتخابي جديد، في ظلّ ما يطرحه من هواجس حول الحضور المسيحي تحديدًا، مصرًّا  على تفعيل الحضور المسيحي في بلد الأرز من قبل النخب، وبلورة مشروع سياسي وإنساني وثقافي قادر على اختراق الاصطفافات السياسية والطائفية وإدخال المنطقة في نهضة على المستويات كافّة.

 

كلام الصور

1- الدكتورة ناتالي غريب

2- الباحث انطوان سعد

3- غلاف الكتاب

 

اترك رد