ندوة “مصر القديمة فاعلة فينا” (الحلقتان الثانية والثالثة) تكشف بالأدلة بعض ملامح مصر القديمة التي تعيش فينا إلى الٱن

 

 

  سجلها بقلمه / عبدالله مهدي

(رئيس لجنة الحضارة المصرية القديمة بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر  ، ونائب رئيس النقابة الفرعية لاتحاد كتاب الشرقية ومدن القناة وسيناء …  كاتب مسرحى وقاص، وباحث في الموروث وله اجتهادات نقدية)

 

أن المصرى المعاصر سليل أقدم مواطن انتمى إلى  أول أمة أسست أول دولة عرفها التاريخ  (فلقد كانت مصر أول أمة في التاريخ القديم نمت في نفسها عناصر الأمة بمعناها الكامل الصحيح ، وبعدها كانت ” أول دولة بالمعنى السياسى المنظم تظهر على مسرح العالم”) كما يقول العلامة الدكتور / جمال حمدان ص٩٤ من كتاب (شخصية مصر).

ومن منطلق الحماس الشديد للحقائق الثابتة تاريخيا ، والتي تؤكد أن (مصر القديمة فاعلة فينا) ، كشفت الباحثة والإذاعية / انتصار غريب أثناء حديثها —- في ندوة (مصر القديمة فاعلة فينا) والتي أقامتها لجنة الحضارة المصرية القديمة بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر بمقر النقابة بالزمالك —- استمرارية عادات رمى خلاص المولود واستعمال كرسى الولادة الذي كان مستعملا في مصر القديمة وما بعدها ، وفي الريف للٱن ، بالإضافة لذكرى خميس المتوفي والأربعين …

كما أوضحت انتصار أن العديد من الألعاب الرياضية وألعاب التسلية تمارس للٱن على نحو :- ” مين إللى ضربك يا وزة ” ، ” الحوكشة” ، ولعبة رياضية مهمة هي لعبة الفنون القتالية ، والتي صورت حركاتها بالتفصيل في مقابر بني حسن ….

وأكدت الباحثة والإذاعية / انتصار غريب مدى حرص المصرى على هويته والذي تجلى في احتفاظه بلغته وديانته في ظل الاحتلال اليونانى ، وقدمت الباحثة دليلا على ذلك وهو مرسوم كهنة منف المسمى (حجر رشيد) من عهد بطلمى الخامس مكتوب بخطيها الهيروغليقى والديموطي ثم ترجم باليونانية كي يفهم البطالمة ما جاء بالمرسوم ..

وذكرت انتصار أن مفرداتنا اللغوية الٱن مازالت تحمل كلمات من اللغة المصرية القديمة على نحو:

(حاتي) وهو محل طعام لأنواع من اللحوم مثل الكوارع وأصل الكلمة من حات حري وتعني الجزء الأسفل من ساق الماشية أي الكوارع .. وكلمة نونو من نو بمعنى طفل .. وكلمة كحكح ومكحكح وتعني كبير أو عجوز  من كحكح .

ونقول: فلان ميح وتعني فارغ وهي نفس الكلمة القديمة بدون تغيير.

ووصلت انتصار حديثها الممتع والذي تفاعل معه كل الحضور وذكرت أن كلمة (انتش) تعني شرير، وكلمة (غتت) من غت وتعني جسد ، وكلمة إدي الطفل أطه أي يرضع من أتت بمعنى مرضعة .. وذكرت انتصار أن المفاجأت أن (السح ادح امبو) من إنبو وتعنى طفل ، وخرجت الأغنية الشعبية (السح إدح أمبو إدي الواد لأبوه) .

وأورد الباحثة والإذاعية / انتصار غريب أمثلة كثيرة — أثناء حديثها في ندوة لجنة الحضارة المصرية القديمة بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر ( مصر القديمة فاعلة فينا) تؤكد بها أن اللغة المصرية القديمة حاضرة فينا …

سعدنا بحماس والمنهجية العلمية التي تحدثت بها الباحثة والإذاعية انتصار غريب منتصرة للقاعدة الصلبة التي تبنى عليها الشخصية المصرية ( مصر القديمة )…

كل التحية والشكر لباحثتنا الجميلة على وطنيتها وغيرتها الشديدة على أصلها العريق .

***

 

3

أن قوام المجتمع المصرى المعاصر يقوم على أساس النواة المصرية القديمة تلك النواة الصلبة والمؤثرة مما دفع الدكتور / عبدالعزيز صالح في كتابه ( حضارة مصر القديمة وٱثارها — الجزء الأول — الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية ١٩٦٢ م ص ٣٢ ) إلى القول:” لا تزال لبانة المجتمع المصرى الحالى هى لبانة المجتمع المصرى القديم من حيث الدم والهيئة والقامة ولون البشرة مع كل ما فيها من فوارق ضمنية في الخلقة بين فرد وٱخر وأسرة وأخرى …. ”

ولقد كشف الدكتور / أحمد طلبة ( الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة )  في الندوة التي أقامتها لجنة الحضارة المصرية القديمة بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر ” مصر القديمة فاعلة فينا ” عن موضوع جد مهم وهو ” مفهوم الوقف عند المصرى القديم ” فذكر مفهوم الوقف : بأنه حبس بعض الأموال ومنعها من التداول الناقل للملكية حالا أو مالا ، بأى وسيلة من وسائل نقل الملكية وتخصيص دخلها لغرض معين .

وأضاف الدكتور / أحمد طلبة فتحدث عن صور الوقف وأنواعه وأوجزه في:

*الوقف الجنائزى .             *الوقف الخيرى .

*الوقف الأهلى .                 *الوقف الدينى .

وأوضح باحثنا المتميز الدكتور / طلبة ، بأن الوقف قديكون :–

*الأراضى والضياع .        *المقبرة “في الأوقاف الجنائزية”

*الدخل من الوظيفة الرسمية أو الحصة من قرابين المعبد المحلي .

*العطايا والهبات من الملك أو من أشخاص ٱخرين .

وكشف الدكتور / أحمد طلبة بأن  من يقوم على إدارة هذه الأوقاف خاصة الكبيرة منها جهاز إدارى متكامل اقتبس تنظيمه من النظام الإدارى لإدارة أملاك الدولة والملك ، وكان يقوم على رأسه ناظر الوقف ، وتحت رئاسته مجموعة من الموظفين والكتبة .

وأكد طلبة بأن هذه الأوقاف كانت تتمتع بالحماية من خلال إجراءات ينص عليها الواقف ، مثل حظر التصرف في ممتلكات الأوقاف والرقابة على أعمال موظفي الوقف وعماله ، فضلا عن التهديد بالقوى السحرية والعقاب الأخروى ..

وواصل الدكتور / أحمد طلبه حديثه فأوضح بأن تلك الأوقاف لم تكن تحصل على إعفاء تلقائى من الضرائب سواء ( إنتاج ماشية — أراضى زراعية) ولكن كان يقوم الملك في بعض الأحيان بإصدار مرسوم بإعفاء أحد الأوقاف الجنائزية لأفراد أسرة ، وكشف باحثنا الفريد الدكتور / أحمد طلبة بأن هؤلاء الملوك كانوا يفعلون تلك الإعفاءات غالبا في عصور الضعف ، وذلك لحاجتهم لتحالف مع الأقوياء من حكام الأقاليم …

وبين طلبة أن للوقف حجته ولائحته الداخلية الواجب احترامها والملزمة للجميع..

لقد كشفت ندوة (مصر القديمة فاعلة فينا) مدى إمتداد مصر القديمة في كل مناحى حياتنا إلى اليوم…

كل الشكر للباحث الجليل الدكتور / أحمد طلبة على هذا الفيض الغزير من المعلومات عن مصر القديمة والتي بهر بها جمهور الحضور وحلق بهم  حيث حضارتهم العريقة أم الحضارات الإنسانية (الحضارة المصرية القديمة)…

وبمشيئة الله تعالى ستواصل لجنة الحضارة المصرية القديمة بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر نشر الوعى بالحضارة المصرية القديمة وتدعيم ذاتنا الحضارية ، تأكيدا على عراقة هذا الشعب وأصالته…

اترك رد