“مصر القديمة فاعلة فينا”…تكوين الشخصية المصرية وترسيخ هُويتها

 

 

عزة  أبو العز

 

 

بكل الفخر والسعادة استمعت واستمتعت بحضوري بين كوكبة رائعة من عشاق الحضارة المصرية القديمة وأساتذة الآثار، بعد أن لبيت دعوة زميلي العزيز الأديب عبد الله الأديب عبدالله مهدي  رئيس لجنة الحضارة المصرية القديمة بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر.

وقبل أن أذكر بواعث سعادتي بهذه الندوة المهمة لابد من شكر سيادة النقيب الكاتب والمفكر  أ. د علاء عبد الهادي نقيب الكتاب DrAlaa Abdel Hadi   ومجلس الإدارة الموقر على إنشاء هذه اللجنة المهمة المعنية بالحضارة المصرية القديمة وهو ما يمثل الاهتمام بركن أصيل من أركان تكوين الشخصية المصرية وترسيخ هُويتها، وجاء عنوان الندوة ( مصر القديمة فاعلة فينا)  التي عقدت يوم السبت الماضي ١٤ يناير ٢٠٢٣م في مقر نقابة الكتاب لتؤكد بالفعل أن وجود لجنة باسم الحضارة المصرية القديمة ضمن شعب ولجان النقابة العامة أمر محمود وضروري الوجود.

  • لمست منذ البداية عشق الحضور للحضارة المصرية القديمة وشغفهم الواضح للاستماع من ضيفي المنصة الصغيرة وهما الباحثة في تاريخ وحضارة مصر والإعلامية الأستاذة انتصار غريب، والخبير السياحي د. أحمد طلبه، عن أهم المظاهر في حياة المصريين المعاصرين الموروثة من أجدادهم.

  • استهل الأديب عبد الله مهدي كلمته بأن استدعى مجموعة من مقولات ( د. جمال حمدان، د. عبد العزيز صالح، د. محمد حسين هيكل)  التي تنتصر لمصر القديمة وتؤكد أنها فاعلة فينا.

كما أكد أنه من أطرف الحقائق ثبات النمط المصري عبر العصور، وأن الشخصية المصرية واحدة الأصل متجانسة وتوجد عشرات الملامح والاتفاق في كثير من العادات والتقاليد والألفاظ المتداولة عبر عصور التاريخ.

هناك عوامل مشتركة ومتوارثة ( الدم، الهيئة،. القامة ، لون البشرة.. إلخ)  كل هذا تم إثباته من خلال أبحاث الباحثين في علم المصريات.

  • ثم بدأت الباحثة والإعلامية انتصار غريب حديثها المشبع بالتحيز الشديد لكل مظاهر الحضارة المصرية القديمة والمرتكز أيضًا على ما لديها من علم ووثائق تثبت هذا التحيز وروح الانتماء الجميلة؛ وقد ذكرت أنها تعتمد على مرجعية علمية في حديثها لأن الوثيقة بالنسبة لها هي الأساس، وأضافت أنها درست التاريخ الحديث لفهم النظام الدولي وما يفعله فينا، وأكدت أن وسيلتنا الأولى في الدفاع ضد الغزو الثقافي والعولمة يجب أن تكون التشبث بلغتنا وتراثنا المصري.، وأكدت أن الذاكرة الجمعية للمصري قوية ولا ينسى تاريخه، مدللة على ذلك بدخول مصر أصناف عديدة من البشر والجنسيات المختلفة وحكمتها بالسلاح ومع ذلك ظل هؤلاء  الأقل حضارة، كما لم يؤثر وجود الرومان والبطالمة في لغة المصريين، كما تحدثت عن تاريخ نضال المصري القديم وعن ثورة آهناسيا، وتشبث المصري القديم بأهداب التراث وعددت مظاهر هذا التشبث بأسماء الأشهر القبطية، وذكرت الكثير من المفردات العامية المتدولة لليوم بيننا ويعود أصلها للغة المصرية القديمة، وكذلك بعض الأسماء المستمدة من اللغة المصرية القديمة مثل ( سوسن، ونيس،. باخوم وغيرها من الأسماء) كما تحدثت عن الجميزة المصرية أو الشجرة المقدسة، وذكرت أن لفظ فلاح يعني (مصري العنصر) باللغة المصرية القديمة، كما أشارت لمعرفة المصري القديم للرياضات القتالية المرسومة في مقابر بني حسن، وعددت مظاهر وعلاقة المصري الحديث بالموروث المصري القديم مدللة على ذلك بعيد شم النسيم ورمي خلاص المولود في النيل وغيرها من المظاهر المتوارثة.

  • وفي كلمة الدكتور أحمد طلبه – دكتوراه الآثار المصرية من جامعة القاهرة – طوف بالحضور في عرض شائق لشكل الأوقاف في مصر القديمة، متحدثا عن الوقف الخيري، وطقوس ودورة الحياة عند المصري القديم ولا سيما دورة الموت، وعن نظام الوقف عند المصريين ومعرفتهم به من أوائل عصر نقادة الثالثة، كما تحدث عن فكرهم ومعتقدهم الخاص بالخبز والماء كقرابين تقدم للمتوفي ولليوم المصري الحديث يقدم الخبز والماء كرحمة للمتوفي، وشرح كيفية حفاظ المصري القديم على مقبرته واعتقاده بأنها الدار الأبدية ومنها عرف الوقف الجنائزي.

ووصف الغرض من الوقف وهو إطعام الجعان وكساء العريان من أجل أن تظل الروح مبرأة، ثم عدد أشكال وطقوس الموت عند المصري القديم، والوقف المخصص لمنةلا ابن له، كما تحدث عن الوقف الآهلي وعن دور ناظر الوقف وكيفية عمل المصري القديم للوقف، وشكل الوصية بعمل الوقف وتحديد الأعمال التي سيقوم بها الأشخاص، والوقف في الأراضي الزراعية الكبيرة والصغيرة، وكيفية عمل التعاقدات.

وكان مجمل حديثه أن المصري المعاصر يحاكي ما كان يقوم  به المصري القديم فيما يخص الوقف ووضع  المقابر وما يخص المتوفي مع التطوير الذي طرأ بحكم متغيرات العصر.

  • ثم فتح باب النقاش للحضور الذين آثروا الندوة بمداخلاتهم الفكرية وأسئلتهم، وكان من أبرزها :

  • لماذا تم تصدير فكرة أن الحاكم المصري القديم كان مستبدا؟ وأن هذا المفهوم أثر على الوعي والثقافة المصرية للآن.

  • و ذكر البعض أن وجود ٣٠ أسرة مصرية في حد ذاته دليل على عدم الاستبداد، وأنهم صنعوا تاريخهم الحضاري خلال عصور الأسر.

  • وطالب البعض بضرورة الوعي بالتاريخ المصري القديم.

  • وأدان البعض التقصير بمعرفة التاريخ المصري القديم في ( المناهج الدراسية، ووسائل الإعلام، وزارة الثقافة).

  • وما بين الرفض والتأييد حول طبيعة شخصية مصر هل هي فرعونية أو عربية، اتفق معظم الحضور على أن مصر القديمة كان لها إسهاماتها الحضارية في مختلف العصور، وحسم الأديب عبد الله مهدي الجدال في ختام الندوة بقوله :”  إن مصر الفرعونية أو الدولة والحضارة المصرية القديمة مكون ورافد أساسي من روافد مكونات الشخصية المصرية وأنها فاعلة فينا إلى اليوم”.

مودتي وتقديري لكل من قابلت من القامات الفكرية المحبة لتاريخ وحضارة مصر القديمة والشكر موصول لأعضاء لجنة الحضارة المصرية القديمة وللأديب المثقف عبد الله مهدي على حسن إدارته للندوة ولدعوته الكريمة.

مودتي وتقديري للجميع

 

اترك رد