أقيمت في مقر “رابطة الجامعيين” في طرابلس ندوة بمناسبة صدور كتاب “ذاكرة الجرح والحصار” (طبعة ثانية) لمؤلفه العميد الدكتور هاشم الأيوبي. حضرها النائب الدكتور طه ناجي، كمال زيادة ممثلا النائب اللواء أشرف ريفي، مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام، المفتي السابق الشيخ الدكتور مالك الشعار، رئيس الهيئة الإدارية لمؤسسة “شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية” الدكتور سابا قيصر زريق، رئيسة قطاع المرأة في تيار “العزم” جنان مبيض، رئيسة “نادي قاف للكتاب” الدكتورة عائشة يكن، رئيسة منتدى “شاعر الكورة الخضراء” ميراي عبد الله شحاده، مدير كلية الآداب في الجامعة اللبنانية سابقا الدكتورة جاكلين أيوب لمي منسق “لقاء الأحد الثقافي” العميد الدكتور أحمد العلمي، النقيب السابق الدكتور بسام دبليز، وحشد من الاساتذة الجامعيين واعضاء الرابطة.
منجد
النشيد الوطني افتتاحا، وألقى مقدم الاحتفال رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي صفوح منجد كلمة هنأ فيها اللبنانيين بالاستقلال، متمنيا أن “تأتي هذه المناسبة السنة المقبلة ويكون لبنان قد خرج من الأزمات التي يتخبط بها على الأصعدة كافة وأن يبدأ البلد مسيرته نحو الإنماء والتطور وإعادة بناء مؤسساته ويخرج من عنق الزجاجة إلى رحاب الحرية والتقدم”.
الحسامي
ثم تحدث رئيس رابطة الجامعيين غسان الحسامي فتناول مختلف الظروف التي مرت بها طرابلس لمناسبة عيد الاستقلال وقال: “مضى على تحقيق الإستقلال 79 عاما لكننا لم نبن وطنا تتساوى فيه العدالة والحقوق والواجيات ولم نسع يوما إلى بناء الإنسان وتنشئته على مفاهيم المواطنة والولاء والإنتماء”.
وقال:لا تزال سيادتنا منتقصة والمحاصصة تنهش ما تبقى من موارد الوطن، في ظل شغور مدمر ومؤسسات تتحلل، واليوم نتابع معا كتاب الدكتور هاشم الأيوبي “ذاكرة الجرح والحصار” لعلنا نستفيد من وقائع وآلام هذا الحصار الإسرائيلي الغاشم للعاصمة بيروت فنعود إلى لملمة صفوفنا وتوحيد جهودنا لبناء وطننا”.
زيادة
وقال السفير السابق الأديب الدكتور خالد زيادة: “كتاب ذاكرة الجرح والحصار هو عمل نابع من معاناة المؤلف ومعايشته للعدوان الإسراييلي على لبنان عام 1982 ، حين كان هاشم الايوبي استاذاً جامعيا وفي الوقت ذاته مناضلا يقدم فقرة في اذاعة لبنان العربي. هذا الكتاب اذا اعدنا قراءته اليوم فاننا نستطيع ان نرى فيه اكثر من مجرد خواطر عن يوميات العدوان الإسراييلي على لبنان يمكن ان ننظر اليه باعتباره كتاب أدب وكذلك فانه شهادة يقدمها أحد شهود تلك المرحلة ومتابع لما كان يحدث يوماً بيوم فهو بذلك أدب ينتمي الى كتابة المذكرات او اليوميات”.
وتابع: “لكن الكتاب هو نوع من التاريخ وما يسمى اليوم بالتاريخ الآني او التاريخ الراهن، ويمكن ان نرصد في الكتاب ثلاثة انواع من الموضاعات: الموضوع الذي يتناول الافراد الاحياء والشهداء ، وتوثيق اعمالهم وشهاداتهم ولو ان ذلك جاء بشكل اشارات سريعة تبعا لظروف الكتابة. ذاكرة الامكنة وتحولاتها بسبب القصف الاسرائيلي وتقطع اوصال المدينة بفعل الحواجز الترابية التي اقيمت بين الاحياء. التوثيق لابرز الاحداث خلال الاشهر الثلاثة من العدوان الاسرائيلي على لبنان”.
الأدهمي
وتحدث الصحافي مايز الأدهمي فقال: “الكتاب يندرج في إطار أدب اليوميات وهو نوع من الكتابة قل أن إنتبه إليه الدارسون في مجال اللغة العربية وآدابها، وهو ما يعرف بين الناس بالمذكرات اليومية وهذه كتابة تسعى إلى تدوين وقائع معينة هي نبض وجود يتكون بحيوية النص الأدبي وفعل إرسال من الكاتب وتلق من القارىء بغض النظر عن الزمان والمكان”.
وختم: “بما خاطب به الكاتب أهل بيروت في صمودهم البطولي حيث يقول : لكن مدينتكم ظلت كبيرة والذين فيها ظلوا كبارا ورسموا بدمائهم حدودها وصارت رصدا لا يعرف من يقترب منها كيف يتلاشى ولا يعلم المتسلل إليها كيف يحتفي. نحن محاصرون هذا صحيح ولكننا نصدقكم القول: نشعر أن إرادتنا حرة بلا حدود وأن قرارنا لاينبع إلآ من هذه الإرادة، نشعر أننا نكتب تاريخا جديدا لوطن جديد وأمة جديدة”.
طالب
كما تحدث المدير العام السابق لوزارة الثقافة فيصل طالب فقال: “مسرح رقصة الدم والنار امتد من رأس الناقورة إلى بيروت حيث كانت الأرض تضيق وتتحول السماء إلى صفيح ملتهب وتصبح الحياة مجرد مصادفة سعيدة لا يدركها غير الذين كانوا هناك وشهدوا كيف أحرقت أنفاس التنين اللهيبة أطراف المدينة وقلبها النابض باالحياة وقد خلعت القذائف الأبواب وصدعت السقوف وهدمت الجدران”.
وقال: “لا ينسى هاشم الايوبي عشقه لبيروت التي احتضنته طالبا وكان وجهها أحلى الوجوه وقامتها أعلى القامات وهي لا تعرف معنى للسلامة من دون الكرامة، إذ أهون عليها أن يعلق جسدها على جنزير دبابة من أن تقف إذاءها وقد عفر جبينها الذل والعار، بيروت هذه التي أحبها ساحة مجد لا قاعة لحفلات الكوكتيل المخملية أو سرادق للاستعراض، بيروت الخندق الذي يحصن حدود الأمو ، والمغزال الذي يحيك لفجرها الجديد ثوب العزة والكبرياء. بيروت التي كانت وهي تلملم جراحها “تختزن غضبها وتصفي ذاكرتها حتى لا يسقط منها مشهد واحد من مشاهد موسم الموت الخصيب“.
الأيوبي
وألقى الايوبي كلمة قال فيها: “كيف يستطيع المرء أن يصف حالة الذعر الجماعي لرجال عزل ونساء وشيوخ وأطفال أمام آلة الموت والإبادة؟ كيف يستطيع كاتب أو شاعر أن يصف شعور الناس يحيط بهم الموت من كل جانب وهم عاجزون عن فعل أي شيء؟ حمل المقاتلون بنادقهم إلى ثغور المدينة، لم يذهبوا في قتال زواريب وطوائف ومذاهب. ذهبوا في أشرف قتال ضد عدو الأمة والتاريخ. عندما تكون المتاريس وطنية قومية يكون لبنادقها وجهة واحدة. أما عندما تكون المتاريس طائفية أو مذهبية أو حزبية فإنها تنطلق في كل الإتجاهات إلا في الاتجاه الصحيح”.
أضاف: “أما أنا فحملت قلمي وحنجرتي إلى صوت لبنان العربي في جامع عبد الناصر وبدأت حكاية الجرح والحصار لتدخل الذاكرة ولا تغادرها. لم أكن أوثق تلك المرحلة توثيق المؤرخين، ولم أكتب كما يكتب المحللون الإعلاميون ولم أرد الخطابة كما يفهمها السياسيون. أردت أن أكتب ما أشاهده بريشة الوجدان وصدق المعاناة ورؤية الشاعر. لذلك على الاقل كما أشعر أنا، لم يفارق النبض الحروف ولم يتحول إلى وثيقة تركن للرجوع إليها عند كتابة بحث أو مقالة”.
شهادات تقدير
وفي الختام تم تسليم شهادات تقدير للمنتدين باسم رابطة الجامعيين. وقدم الفنان بلال الحلوة رسما فنيا للصحافي مايز الأدهمي. وأهدى الكاتب مؤلفه “ذاكرة الجرح والحصار” للحضور.