في عام 2006، اصطحبتُ وفداً من طّلاب معهد الليسية – عمشيت، إلى دارة الفنان الكبير روميو لحود، في أعالي عمشيت، لإجراء مقابلة معه مخصّصة لمجلّة المعهد. وكنت أدير للمجلّة فقرة مقابلات يجريها الطلاّب تحت إشرافي مع فنّانين ومبدعين.
واستقبلَنا الفنّان روميو لحود بهيبته وتواضعه، وابتسامته العريضة. وعلى هامش اللقاء الذي تحدّث فيه عن حياته ومسيرته الفنّية، ذكرتُ له أنّ جذوره تعود إلى الطائفة الدويهيّة (تسمية البطريرك الدويهي للعائلة)، وهي واحدة من أعرق العائلات وأكبرها في لبنان، وتحدّرت منها عشرات العائلات التي نزحت من إهدن – زغرتا إلى مختلف الأصقاع اللبنانيّة. وبدا لي أنّ الفنّان روميو لحّود يعرف أكثر منّي عن جذوره، وناديتُه بابن العمّ، ففرح واتّسعت ضحكته. وكأنّني وجدت في اللقاء فرصة لأذكُر ما بين عمشيت وإهدن من روابط قربى وأصالة. فأخبرته أن عائلتيْ لحّود وعبيد هما من أصل العائلة الدويهيّة.
يقول مؤلّف كتاب “الدويهيون – ألف عام من التاريخ الماروني واللبناني” الأستاذ بطرس وهبه الدويهي: “وهناك أسرة لحّود في بلدة عمشيت المتحدّرة من أسرة عبيد المتحدّرة من الأسرة الدويهيّة”. (ص 27)
وأتذكر هنا حفل تكريم روميو لحود في إهدن عام 2018، حيث قال رئيس البيت الزغرتاوي الأستاذ أنطونيو يمين: “لم يفكر أحدٌ قطّ أنّ روميو لحود له جذور غير “عمشيتيّة”، جذور تمتدّ الى الشمال صعوداً إلى إهدن، وكم كان جريئاً هذا الفنّان الكبير عندما كشف في برنامج “ضيف الضيف” عبر إذاعة “صوت الغد” مع الإعلاميّ الزميل روبير فرنجيّه منذ حوالى الستّ سنوات أنّه “في الاصل والفصل من مدينة زغرتا ومن عائلة الدويهي”.
وقال الأستاذ أنطونيو يمّين: “اختار البيت الزغرتاويّ تكريم لحّود كي يدرك كلّ بيت زغرتاوي أنّه زغرتاويّ، وبعيداً عن مرسوم التجنيس المشبوه اليوم… ونحن نكرمك نردّ لك “جنسيّتك الزغرتاويّة””.
وقال الإعلاميّ روبير فرنجية في المناسبة ذاتها عن روميو لحّود: “عندما كان ضيفي في الإذاعة قال بالحرف الواحد “أنا بالأصل والفصل من زغرتا من عائلة الدويهي” التي أعطت المكرّم البطريرك اسطفان الدويهي والرسّام العالميّ صليبا الدويهي ، وأساقفة وأدباء وشعراء ونوّاباً ووزراء…”
ولفت فرنجيه الى أنّ “زغرتا تعشق الكبار، وندعوك أن تعود إلى هذه المدينة التي منذ أن غادرتموها وهي تنشد “يا رايحين بعيد بعيد تبقو اذكروا ليالينا””.
وقال الأستاذ بطرس وهبه الدويهي: “عائلة لحّود هي من صلب الطائفة الدويهيّة، وأسمح لي أن أذكّرك أيّها الملحّن العظيم أنّ فرعك خرج منه البطريرك إرميا عبيد الدويهي العمشيتيّ، وثلاثة أساقفة” (يقصد: الأسقف يوحنّا بن عبيد الدويهي 1577-1610، والاسقف مخايل عبيد الدويهي (1602-1610)، والأسقف جرجس بن سركيس عبيد الدويهي (1690-1714)، وعُرف هذا الأخير بالمطران جرجس بنيمين، الكاروز) .
أمّا الأستاذ روميو لحّود فقال في كلمته: “صحيح أنّنا أقارب، ومضت فترة طويلة ولم نأتِ إلى إهدن حيث هي جذورنا، وهذا تقصير منّا ، وأنا افتخر ليس فقط بآل الدويهي بل بالزغرتاويّين جميعاً الذين حاربوا المماليك سنوات وسنوات”.
وقال روميو لحّود في تصريح آخر له: “اخبرني والدي ذات مرّة أنّ عائلتنا تعود جذورها إلى آل الدويهي.
واحد من كبار العمشيتيّين الدويهيّين يطوي صفحته على الأرض ليعانق السماء، ويبقى كلمة خلود لا تمحوها الأزمنة، فسلامنا معه إلى الخالدين، ولتكن بركة البطاركة الدويهيّين الأربعة: عميرة، الدويهي، مخلوف وعبيد العمشيتي معه.