كرّم موقع “حرمون” ومنتدى “شهرياد” في راشيا، برعاية وزير الثقافة القاضي في حكومة تصريف الأعمال محمد وسام المرتضى ممثلاً بمدير المكتبة الوطنية الأستاذ غازي صعب، الفنان النحات عارف حسين ابو لطيف، في قاعة المربي ضاهر المعلولي.
حضر الحفل ناشر موقع حرمون الكاتب الإعلامي هاني سليمان الحلبي، مدير فرع شهرياد في راشيا الدكتور منير سعيد مهنا، نائب الأمين العام لحركة النضال اللبناني العربي طارق الداوود، ناظر الإذاعة في منفذية راشيا كمال عساف من الحزب السوري القومي الاجتماعي، رئيس محترف راشيا للفنون الفنان شوقي دلال، المحامي كمال الميس عضو اللجنة المركزية في الصليب الاحمر اللبناني كمال الساحلي، رئيس بلدية راشيا رشراش ناجي، رئيس بلدية عيحا نظير أبو لطيف، وشخصيات وأصدقاء المكرَّم وإعلاميين ومهتمين بالثقافة والفن.
افتتح الحفل الإعلامي زياد كمال العسل وقال: “وإن كان هذا التكريم على بدايات العام الدراسي، فإنه يطرح سؤالاً تربوياً عميقاً عن حضور الفن في مدراسنا ومعاهدنا وقيمة هذا الحضور ومساحته. أليس إهمال الفن، الرسم والنحت والموسيقى، والرياضة، كما يجب من اهتمام وعناية، هو قبول وتكريس لخلل تربوي مقيم ومستشرٍ في أجيالنا، خلاصته خلل في الروح وفي الذوق وفي السلوك وفي التوازن وفي الشخصية؟”.
وتابع: “من المؤكد أن الفنون والرياضة هي معوان حقيقي لتحقيق تربية اجتماعية ووطنية صحيحة، ترقي الشعور وترفع النفوس وتهذّب الوجدان وتسوّي السلوك، كي لا نبقى تعداد أفراد، بل نكون مواطنين يليق بنا الوطن وتتجمّل الحياة، وشعباً حياً جديراً بالحياة”.
مهنا
وقدّم مهنا عرضاً بصرياً لدقائق عن حياة المكرّم، ثم تحدث عن قيمة فنه، “كونه أول من يبدع من الطين تماثيل فنية في لبنان، وربما غدا الوحيد الذي يبقي التراث ماثلاً امامنا بأشكال ونصوب وتماثيل”.
وتوجه الى المكرم بالقول: “اليوم نكّرمك جماعة وبرعاية كريمة من معالي وزير الثقافة الذي تجاسر بهمّته ورؤيته على فكّ حصرية التكريم لأسماء مكّرسة في ميدانها ، فأتانا اليوم مكّرماً لمن يستحق من أبناء منطقتنا وفي لبناننا من المبدعين ما يفيض عن ضيق المدينة وينفتح على مدى الوطن. فألف شكر لحضورك وبك نتكّرم”.
وتابع: “ومن وحي مسيرته وتجاربه احتفيت معه بتدوين سيرته الذاتية التي آمل أن تصدر قريباً، وإني على يقين أنها ستكون شهادة أنتربولوجية نادرة عن مسار التحولات التي مرّ بها مجتمعنا المحلي كما عايشها ورواها الفنان عارف أبو لطيف، ولا أنسى في هذا المقام الإشارة الى الروائية السورية جهينة العّوام التي وضعت مفاصل روايتها “واو الدهشة” بالعودة الى إرشيفه وذكرياته لتبني نصهّا الإبداعي. وهذا بعض الذكر من كثير فناننا المكّرم اليوم”.
وختم: “باسم منتدى شهرياد وعميده الشاعر نعيم تلحوق، وباسم الحكاية التي لا يرتوي الفجر من أناقة سحرها، وحتى الوجد في ثمل ألف ليل من لياليها، لك منا أدباء وشعراء وفنانين وعازفين على امتداد فروع شهرياد من الشمال الى الجنوب ومن بيروت الى راشيا، طواف الدنان بخمر الدوالي، رافعين في هذا الهجير إيماناً بأن الثقافة ترياق لجرح الوطن، فهي وحدها وستبقى جسر العبور بين نداء الأرض للسماء وعلى رمش حرفها سينكتِبُ كل معنى ويُضاء”.
الحلبي
ثم تحدث الحلبي مرتجلاً كلمة فقال: “نحن منذ أكثر من أربعين عاماً ناشطون في الواقع الثقافي في منطقة راشيا، نقيم امسيات ولقاءات وندوات ونشارك في حملات وتوعية وتلقيح وغيرها، لنضيء القلوب والعقول وننهض بوحدة الروح والاتجاه. وإن كانت عطلت كورونا مؤقتاً النشاط الميداني، لكنها لم تلغه، فانتقلنا منذ 2009 للعمل الإعلامي والثقافي باسم موقع حرمون حتى غدا منصة لبنانية عربية عالمية ونتجه لتفعيل التدريب التنموي، كما أظهره برنامج صيف 2022 بدورات الرياضة في اكثر من بلدة ومؤسسة، وسنتعاون مع المكرم لإقامة دورات رسم ونحت العام المقبل”.
وأشار إلى باقة تماثيل طينية وبرونزية كانت على طاولة فوق المسرح لجبران خليل جبران، أنطون سعاده، كمال جنبلاط، سلطان الأطرش، فخرالدين المعني الثاني الكبير، ومجسّم لضابط لبناني.
وخلص إلى ان عارف أبو لطيف “معنى يحاصر حصاره”، وقال: “يقولون لك شوية فخار بكرة بيتكسروا، وكمشة طين شو قيمتها. فمن هذه الكمشة أحييت أمام أعيننا قامات فكر وقيادة وتاريخ وعظام بقوا فوق الموت وبعده خالدين، وهكذا أعمالك التي تعجنها اناملك ستبقى خالدة بخلود الفن والجمال والإنسان”.
صعب
وقال صعب من جهته: “إننا في واقع لم يعد من شك لدينا بضرورة تحقيق رقي ثقافي يجسد القيم الإنسانية والمواطنية العليا بيننا كشعب واحد، بخاصة في منطقة راشيا المقاومة الباسلة التي أعطت الكثير للبنان ولتاريخه حتى كان استقلاله المجيد، الذي هو أمانة بين أيدينا جميعاً”.
ونوّه بوزير الثقافة “الذي تميّز بحركته ونشاطه الدؤوب في لبنان كله بلا تمييز” لافتا الى أنه كان ينوي الحضور إلى راشيا والمشاركة بالتكريم “لولا مستجدات طرأت في اللحظة الأخيرة”.
وأشار صعب إلى رفد المكتبة العامة في راشيا بدفعة من الكتب، كما وعد بالاهتمام بمكتبة عامة في بلدية عيحا، قائلا: “فعيحا وراشيا توأمان وتستحقان كل عناية واهتمام”.
وبارك للمكرم تكريمه، ونوّه بالنماذج من التماثيل الطينية المعرضة على مسرح القاعة، وقد خص تمثال جبران بالإشادة لجماليته وحجمه. وختم: “إن هذا الفن الجميل من طين بلادنا يستحق أن يرفع في الساحات العامة وفي القرى والمدن اللبنانية”.
أبولطيف
ثم ألقت كلمة المكرّم الأستاذة عبير سعد الدين ابو لطيف، مبدية فخرها لتكليفها بكلمة المكرّم، وجاء فيها: “حاولت تحصيل رزقي في المهجر، لكني مع الوقت أخذت أميل أكثر لشؤون الثقافة ومعارض الفن، حتى قررت أن أتخذ خطا مختلفا عن نمط المهاجر المعتاد الذي يترك بلده لجمع ثروة مالية، بالتجارة وغيرها على جانبيْ الحدود، لأكون المهاجر الذي يغترف من ثقافات وفنون جديدة فأعود رساما ونحاتا.
ربما خاب ظن أهلي عندما عدت بخفي حنين ولست محملا بلالئ الأطلسي وجواهر أميركا. ومنذ عودتي أوائل السبعينيات وضعت ريشتي وإزميلي بتصرف شعبي وبلدي وأهلي”.
ثم أبدت استعداد المكرم “لتفعيل الواقع الفني في منطقة راشيا بالتعاون مع المؤسسات” بقوله: “ما زلت مستعدا للتعاون مع أية مؤسسة بلدية أو أهلية أو مدرسة لتدريب أطفالنا والناشئة على الرسم والنحت. وعندما أقمنا دورات منذ سنوات فاجأتنا مواهب براعمنا الصغار في أعمارهم، الكبار في الآمال المعلقة عليهم”.
وتابعت: إن وحدة العمل دليل على وحدة الفكر والاتجاه وهما وحدهما دليلان على وحدة الروح لتجويد الحياة. كلنا عابرون، كما عبر من سبقونا وتبقى أعمالنا تشهد لنا أو علينا في وجدان المجتمع الباقي الذي لا يزول لأنه الحق القيوم”.
ثم قدم الدكتور مهنا للمكرّم درع منتدى شهرياد، ودرعاً من عميد شهرياد الشاعر الكبير نعيم تلحوق، وباقة ورد لأسرة المكرم تسلمتها قرينته نهيا أبو لطيف. ثم ختم الحلبي بتقديم شهادة فخرية عليا للمكرم من موقع حرمون.