لا أعرف مَن أنتِ
ولكنّني أعرف أنّك ضوء الكلمات
كلّ الصلاة
وكلّ المزامير…
أبحث عنك في الأفق
فأجدني تائهاً فيك مثل أحلام الصغار…
همس يديك أنشودة
ابتعادك مأساة
وعيناك أفق للكتابة
ليس أعذب منك في الينابيع
وليس أشهى من قبلة تتركينها على شفتي.
تتركينها عميقة كجرح لا شفاء منه.
هذا المساء سألقي بخيبتي على الأرض
لعلّك تمرّين من أمامي
تسيطرين على المدى
تغطّين بشعرك الطويل كلّ مدينة…
اشتريت لكِ أمس شالاً من قرفل
وكتبت عليه بندى الصباح
كلاماً أعمق من الحبّ
أبعد من الرحيل
وأقرب من الخلود…
وبنيت لك معبداً على كوكب
فالأرض لا تشبهنا أنا وأنتِ.
ونحن لا نشبه أحداً
إلاّ أغنية ترتفع ولا تعود…
الثريّا التي تضيء في العتمة
صنعتُها بيدي من خزف الشوق
لذلك هي أنيقة
كأنّ ساحراً يحرّكها بيديه
فتلتمع
وترافقنا في الطريق لكي لا تضيع…
والشعراء يعرفون أنّ كلامي الذي اكتبه لكِ
ليس من حبر
بل هـو مـن وردة تتَّكئ على كتف الـربيع
ويعرفون أنّني على الجسر
تركت حرفين
هما أنا وأنتِ
هما ولادة…
كلَّما حاولت أن أبتعد عنك، أقترب
وكلّما اقتربت منكِ احترق…
فهل أنت امرأة
أم نيزك يحفر في الجسد؟
أصبحت خائفاً منكِ بقدر ما أحببتكِ
وأحاول أن أطفئ النارَ التي أضرمتِها في الوجود
فلا يبقى شيء منّي
وأصرخ من معاناتي إليكِ،
لكي تعرفي أنني لا أحبّك
بل أكثر من أحبّك بكثير. ..
لا تهمليني يا سيّدة الكلمات الأنيقة،
فأنا بحر من غير ماء. ..
شجرة مقتولة
رصيف من غير بشر
حكاية من غير عنوان…
أنا الفراغ الذي لا فراغ بعده
والصمت الذي لا صمت مثله…
من غيرِ عينيكِ
أحمل جثّتي وأمشي تحت المطر…
إذا غاب صوتك عني أغيب من الحياة…
إذا تركتِني يابساً تأكلني طيور الخيبة…
ما هُزمتُ في حياتي إلاّ على يديكِ
لكنّ الهزيمة التي أحبّها لنفسي
هي انتصاري…
فما أجمل انتصاري عليكِ!
***
*هذا النص من ضمن 30 نصّاً من الشعر المنثور “نثر أو شعر”، ينشرها الأديب الدكتور جميل الدويهي على صفحته على فيسبوك.
*مشروع الأديب د. جميل الدويهي “أفكار اغترابيّة” للأدب الراقي – سيدني النهضة الاغترابيّة الثانية – تعدّد الأنواع.