حجر رشيد يكشف: اعتزاز المصري بقوميته وكرامته

 

  الكاتب والأديب/ عبدالله مهدي

(رئيس لجنة الحضارة المصرية القديمة بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر ، ونائب رئيس النقابة الفرعية لاتحاد كتاب الشرقية ومدن القناة وسيناء …  كاتب مسرحى وقاص، وباحث في الموروث وله اجتهادات نقدية)

 

بدأت الدراسات اللغوية السليمة للغة الهيروغليفية، بعد العثور مصادفة على حجر رشيد فى عام  ١٧٩٩م، وهو حجر من البازلت الأسود، عثر عليه خلال حفر خندق حول إحدى القلاع برشيد، وحاول الفرنسيون أن يخرجوا به من مصر مع غيره من الٱثار التي وجدوها فى أرضها، ولكن هزيمتهم في أبي قير أدت إلى انتقال هذه الٱثار ومن بينها حجر رشيد إلى المتحف البريطانى بلندن ….

نقشت على واجهة حجر رشيد سطور كثيرة ، بقي منها ١٤ سطرا، كتبت بالخط الهيروغليفى في أعلاه، ٣٢ سطرا كتبت بالخط الديموطي في وسطه، ٥٤ سطرا كتبت باللغة اليونانية في أسفله وحاول قراءة هذه الخطوط مجموعة من الباحثين.

وبدأت محاولاتهم منذ ١٨٠٢م ، وكان أكثرهم نجاحا شمبليون، والذي أرسل في السابع والعشرين من سبتمبر عام  ١٨٢٢م خطابه الشهير إلى “الأكاديمية الفرنسية لدراسة النقوش الأثرية والٱداب الرفيعة” معلنا توصله لفك رموز وحروف الكتابة الهيروغليفية … كما أنه أصدر في عام  ١٨٢٤م كتابا عنونه (الموجز في قواعد الكتابة الهيروغليفية) ووصلت الدراسات إلى الٱتي:

-نقوش الحجر تضمنت قراراً للكهنة المصريين أصدروه عام ١٩٦ قبل الميلاد وشكروا فيه الملك البطلمى على إعفائه معابدهم من التكاليف التي  فرضها أسلافه عليها. وقد تعمد الكاتب المصرى أن يجعل كتابته الهيروغليفية المقدسة في أعلى الحجر، وسجل كتابة الديموطية الشعبية وسطه، ونحى الكتابة الإغريقية لغة الملك البطلمى إلى أسفله، ويعني ذلك بمدى اعتزاز المصريين بقوميتهم، وذكائهم فى توظيف كل ما يتاح لهم من وسائل التعبير عن قوميتهم والثورة لكرامتهم المغلوبة على أمرها في ظل الاحتلال …

كما أن ثناء الكهنة المصريين على الملك الأجنبي، لم يمنعهم من أن يلوموه في سياق التص في عبارات متفرقة، كان منها عبارة تقول (إن الملك ثبت للمعابد ومصر تقاليدها وفقا للقانون)، وكأن ما قدمه الملك لهم لم يكن سوى تسليم لما يأمر به العرف والواجب الشرعي …

اترك رد