أصدرت “رابطة قنوبين للرسالة والتراث” بيانين تحدثت فيهما حول أحدث اكتشافاتها مدفن القلاعي وبدأت تأهيل طريق الوادي جاء فيهما:
حقق متطوعو “رابطة قنوبين للرسالة والتراث” كشفاً جديداً ضمن برنامج كشف المعالم العمرانية والمغاور والمحابس التي عرفت حياة بشرية في الماضي في الوادي، اذ وصلوا في الثالث من فبراير الجاري، وكان يوماً ماطراً عاصفاً، الى موقع مدفن القلاعي، بعد سعي امتد لسنتين، لتحديد هذا الموقع الذي يتناقل معمرو الوادي الحديث عنه بالتواتر.
والموقع معلق في الجرف الصخري شرق دير سيدة قنوبين، وهو واحد من المغاور والمحابس التي شهدت حياة روحية في جوار الدير المذكور. وأصدرت أمانة النشر والاعلام في رابطة قنوبين بياناً أورد المعلومات الاولية حول الموقع جاء فيه:
للمدفن المحبسة تجويفان متصلان بنفق داخلي معلقان على ارتفاع 25 متراً، الوصول اليهما مغامرة حقيقية ضاعف خطورتها حال التآكل التي أصابت الشير فبدا مفتتاً بانحدار شديد يصعب تسلقه . فلجأنا إلى الحبال.
الموقع يضم تجويفين: الشرقي الأول فيه بقايا العظام والجماجم والهياكل البشرية ما يؤكد أنه مدفن . قطر فتحته الدائرية يقارب متراً ونصف المتر، ومساحته الداخلية لا تتجاوز 3 أمتار مربعة. على مدخل المدفن حجارة مبنية بيد الإنسان من ثلاث طبقات بعرض نصف متر . والمدفن داخل التجويف هو عبارة عن حائطين مبنيين على شكل سرداب مفتوح علوهما 30 سم باتساع 50، ويحتضن السرداب الجثمان المدفون فيه.
يمتد تجويف المدفن هذا غرباً عبر نفق ضيق قطره يقارب 40 سم ، ليتصل بتجويف آخر مساحته تقارب 4 أمتار مربعة، مستوية الارض كأنها مصطبة مشغولة ومهيأة بيد الانسان للاقامة والجلوس عليها فوق مطل مكشوف على أعماق الوادي ومجرى نهره المقدس، وسط اشجار السنديان والصنوبر والبطم.
الأسئلة التي راودتنا بعد هذا الاكتشاف : هل هذا الموقع محبسة أم مدفن فقط؟ ومن هو المدفون فيه؟ ومن استحبس داخله؟ أما الأجوبة التي تحصلت في ضوء الوقائع الحسية فهي:
ـ من المؤكد انه مدفن بدليل وجود بقايا الهياكل العظمية البشرية .
ـ لا تشير الاخبار الشعبية المنقولة الى هوية المدفون في هذه المغارة .
ـ التجويف الغربي المسطح يحمل أثر يد الانسان ، وبالتالي فان انساناً أقام داخله ، وهيّأ مدفنه الى جانبه لجهة الشرق .
ـ هل أقام في التجويف الغربي (المحبسة) حبيس من خارج الوادي؟ ـ لا نص تاريخياً حول هذه المسألة ـ أم أن أحد أبناء الوادي استحبس هناك ؟ مهما تكن الحقيقة فان من استحبس في هذا الموقع قد أحيا تجربة النسك الشديد القاسي المتمثل بضيق المحبسة، وبخطورة الموقع المعلق، وبانعدام شبه كلي لموارد العيش الزراعية.
وجدد البيان شكره السيد وديع العبسي داعم هذا البرنامج الهام من مشروع المسح الثقافي، الذي يتيح متابعة كشف المعالم المتصلة بتاريخ الوادي المقدس الروحي والبشري، واصدارها مصورةً بمجلدات أنيقة فاخرة بست لغات . وأشار البيان الى ان رابطة قنوبين للرسالة والتراث سوف تزود وزارة الثقافة في الايام المقبلة بلائحة المواقع التي كشفتها حتى الآن من معالم عمرانية ومغاور ومدافن وسواها، وسوف تنسق مع الجمعية اللبنانية للابحاث الجوفية، التي بذلت جهوداً كبيرة في مجال الاستغوار في الوادي، ليصار الى تحديد سبل حماية هذه المواقع، وتعميق الدراسات المتخصصة بشأنها باشراف وزارة الثقافة.
البدء بتأهيل طريق وادي قنوبين
انطلقت أعمال المرحلة التجريبية الاولى من خطة تأهيل طريق وادي قنوبين الترابية الممتدة بطول 4 كلم، عملاً بتفاهم البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي والاونيسكو ووزارة الثقافة. وكان البطريرك الراعي قد حثّ مسؤولي الاونيسكو خلال لقائه بهم في باريس في نيسان من السنة الماضية على ضرورة الاسراع في تلبية المطلب المزمن بتأهيل الطريق، ووضع الشروط الفنية المطلوبة للتأهيل، بعدما تفاقمت حال الطريق، وازداد هجر سكان الوادي ما يهدده بشطبه من لائحة التراث العالمي. ولاحقاً ردّ مكتب الاونيسكو بالموافقة وحدد بالتنسيق مع المديرية العامة للآثار كيفية تأهيل الطريق. وتابع البطريرك الراعي الملف متابعة شخصية حثيثة وأوفد مندوبين من قبله الى كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس الانماء والاعمار المهندس نبيل الجسر. وفي الرابع من سبتمبر الماضي حين زار الرئيس سليمان وميقاتي الديمان أبلغا البطريرك الراعي بتخصيص الاموال اللازمة لتأهيل الطريق وفق الشروط الفنية الموضوعة. وتتلخص الشروط بالتالي:
1- اقامة ممرين صخريين على جانبي الطريق لمرور السيارات، وابقاء ما بينهما ترابياً.
2- رصف كامل الطريق بالحجر الصخري ذاته حيث المنحدرات قاسية وتتطلّب التبليط الكامل.
3- المحافظة على عرض الطريق الحالي، بما لا يتجاوز المترين والنصف.
4- اقامة أقنية تجميع المياه العمومية وتصريفها لرفع أضرارها عن الطريق.
5- تشمل أعمال التبليط كامل الطريق الترابية الممتدة بطول 4 كلم.
6- يستكمل من آخرها الترابي غرباً تأهيل الطريق الى محيط دير سيدة قنوبين.
المطران مارون العمار، النائب البطريركي، رئيس اللجنة البطريركية للعناية بالوادي المقدس، أوضح أن المرحلة التجريبية التي انطلقت تقضي باقامة نموذج اولي بطول 50 متراً، ثم يجري تقييمه لتحديد انطلاق المراحل اللاحقة المتوقع انجازها خلال سنة تقريباً.
وأشار الى ان التأهيل المطلوب يتم بصورة تؤمن وصول الاهالي الى قريتهم والراهبات الى دير سيدة قنوبين، وليس لاستيعاب حركة سيارات كثيفة، مع المحافظة على الطريق طريقاً للمشاة أيضاً. ولفت الى المباشرة باعداد خطة لتنظيم حركة نقل الزوار والسياح بسيارات عصرية آمنة تراعي خصوصية الموقع وتحفظ بيئته.
أضاف: “بتوجيه البطريرك الراعي، المؤتمن الأول على تراث الوادي المقدس، نعمل لاعادة احياء الحياة الروحية ولتعزيز الوجود البشري فيه، وهذا يقتضي التوفيق بين متطلبات حماية الموقع من جهة وتنميته وتأمين حقوق أهله. وهذا الامر الذي نعتقد اننا توصلنا اليه يلبي مطلباً مزمناً محقاً لاهالي الوادي، وقد تبناه البطريرك الراعي سنة 2011 ، وحدده أولوية أساسية لانهاء حال الخراب والاهمال والفراغ السكاني في الوادي والعودة به الى حياة ناهضة روحياً واجتماعياً. وها نحن نشهد اليوم الترجمة العملية لهذا التبني مقرونة بدعم نائبي المنطقة وبلدياتها وسائر هيئات المجتمع المدني المحلي من روابط وجمعيات بخاصة اتحاد بلديات قضاء بشري ورابطة قنوبين للرسالة والتراث، ومطمئنة أهالي الوادي إلى الالتزام، الذي بات جامعاً، بحقوقهم الطبيعية في العيش بكفاية وكرامة في واديهم الذي حفظوه عبر التاريخ”.
يشار إلى ان الحجارة التي تعد لتبليط الطريق هي صخرية طبيعية تلائم منظر الوادي. وتقوم الورش الفنية بتقطيعها ونحتها تمهيداً لتبليط الطريق بها، بعدما تمت تسوية سطحها.
كلام الصور
1- التسلق على الحبال.
2- عظام وجماجم.
3 ـ المدفن المعلّق في الشير.
4- أول الطريق للتجربة والحجارة المعدة للتبليط