بقلم: سعد علي (رويترز)
في رأي ناقد مصري أن الروائيين المصريين الذين تشكل وعيهم السياسي والجمالي بين حرب 1967 ومعاهدة السلام مع إسرائيل 1979، كتبوا روايات قلقة لا تطمئن القارئ بالإجابة عما يشغله، بل تدعوه إلى مساءلة الذات والآخر وإدانة المسكوت عنه في التاريخ، مثل ثورات المصريين في ظل الخلافة العباسية.
ويقول يسري عبد الله، أستاذ الأدب والنقد الحديث في كلية الآداب – جامعة حلوان في القاهرة في كتابه “جيل السبعينيات في الرواية المصرية”، إن القواسم المشتركة بين روائيي هذا الجيل، هي طبيعة الرؤية للعالم والتي تنهض على إدانة الواقع وكشف زيفه ومحاكمته وإعادة تشكيل مفرداته.
ويضيف أن السياق السياسي والثقافي المعقد، وضع هذا الجيل بين ما يمكن اعتباره قوسين هما: “هزيمة يونيو 1967” وما تلاها من سخط يطالب بتغييرات سياسية، ثم انتفاضة الشعب في يناير 1977 اعتراضاً على رفع أسعار بعض السلع الأساسية، وما أعقبها من مسافة تتسع بين الشعب وصانع القرار، وصولا إلى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.
ويطبق عبد الله هذه المقولات على روايات كتاب منهم: إبراهيم عبد المجيد، سلوى بكر، فتحي إمبابي، محمود الورداني، محمد المنسي قنديل، هالة البدري. ويرى أن أعمالهم تسائل الواقع المعيش وترفض الامتثال له بعد “الإحساس العام بالخديعة من جراء إجهاض الحلم الناصري” على يد الرئيس السابق أنور السادات، إضافة إلى ما تركته هجرة المصريين من آثار نفسية.
إلا أنه رغم إيضاحه في مقدمة الكتاب أن “الجيل مفهوم كيفي ينبئ عن انعطافة ثقافية تاريخية” لم يدرج كاتباً بارزاً، مثل محمد ناجي الذي لا يشبه غيره في كثير من أعماله.
والكتاب الذي يحمل عنوانا فرعيا هو “إشكاليات الواقع وجماليات السرد” يقع في 252 صفحة متوسطة القطع، وصدر في القاهرة عن دار “أوراق للنشر والتوزيع” وصمم غلافه عبد العزيز السماحي.
ويقول عبد الله إن رواية “بيت النار” لمحمود الورداني، من أبرز الأعمال التي رصدت التحولات السياسية والاجتماعية في مصر، وتستعرض ذلك من خلال عين صبي يتحمل مسؤولية أسرته، منذ الصغر، بالعمل في عدة مهن، ومنها: صبي يبيع الثلج، ومساعد كوّى، وعامل في مطبعة ثم في محل بوسط القاهرة لينتهي به الأمر في المعتقل.
ويضيف أن الورداني نجح في “أنسنة الأشياء… أنسنة الأيديولوجي وصبغه بماء الحياة موظفا السخرية، بوصفها أداة لإنتاج المعنى وتوليده، مدركاً جدل العلاقة ما بين السياسي والفني”.
أما رصد علاقة الأنا بالآخر فذهب كتاب هذا الجيل إلى أبعد من اهتمام الجيل السابق، بثنائية الأنا-الآخر التي عالجها كتاب عرب منهم: المصريان يحيى حقي في “قنديل أم هاشم”، بهاء طاهر في “الحب في المنفى” و”بالأمس حلمت بك”، واللبناني سهيل إدريس في “الحي اللاتيني”، والسوداني الطيب صالح في “موسم الهجرة إلى الشمال”.
ويقول المؤلف إن الآخر في رواية “بيع نفس بشرية” للمنسي قنديل لم يعد الأوروبي بل “الآخر النفطي” الذي تواجهه ذات مأزومة، تتمثل في مدرّس مصري مغترب في الخليج وفتاة آسيوية، تقع ضحية لسادية أحد رجال المال ومواطن يمثل “جوهر المجتمع الخليجي… يرى نفسه واقفاً في ضفة مغايرة عن الأثرياء من أمراء وشيوخ المكان”، ويعاني من آثار سطوة النفط.
ويرى أن رواية “البشموري” لسلوى بكر تكشف “المسكوت عنه في التاريخ المصري” عبر رصد جانب من أحوال المواطنين في القرن التاسع الميلادي، تحت حكم الخليفة المأمون، ابن هارون الرشيد، الذي قمع ثورة الفلاحين من مسلمين ومسيحيين في شمال البلاد.
ويعتبر أن الرواية التي تنعش الذاكرة بما جرى للمصريين بعد ثورتهم على استبداد الولاة وفرض ضرائب لا تحتمل، هي “إعادة الاعتبار إلى الذاكرة التاريخية غير الرسمية”.
كلام الصور
1- غلاف الكتاب
2- الدكتور يسري عبدالله