تأهلت رواية محمد سعيد احجيوج “أحجية إدمون عمران المالح” ( دار هاشيت أنطوان/نوفل) للقائمة القصيرة لجائزة غسّان كنفاني في دورتها الحالية 2022.
أعلنت لجنة تحكيم الجائزة في مقرّ وزارة الثقافة الفلسطينية المانحة. يُحسب لرواية احجيوج قدرة فنّية على استبطان أعماق شخصيّتَين متباينتَين في إطار من صراعات دراميّة متوازنة تُظهر شخصية اليهودي الممزّق التائه الذي يغلب عليه احساس بالاغتراب يرافقه تمسّك نفسي يعكس قلقًا في الزمان والمكان. وهو اليهودي نفسه الذي لا يجد في أرض الميعاد الأمن الذي وعدته به نبوءة مزعومة. تحضر هذه الشخصية قبالة اليهودي المحتمي بظلامية تُغير على الحق وأصحابه والتي تمارس دورها بتحطيم الآخرين بكل الوسائل الممكنة لغايات مادية بحتة تعمل في إطار جماعة وظيفية. الرواية في عمومها مكتوبة بلغة فنية متمكّنة وفي إطار بنية متماسكة تفضح نفسية الناشر اليهودي الذي يرفض عمران الانصياع لها.
عبّر الكاتب عن اعتزازه وسعادته لإدراج روايته على لائحة الجائزة وأسهب: “عندما تواصل معي فريق إدارة التسويق والتواصل في دار هاشيت أنطوان/نوفل يسألني موافقتي لترشيح روايتي لجائزة غسان كنفاني للرواية العربية، في دورتها الأولى، شعرت كما شعرت قبل ثلاث سنوات حين قرأت خبر إطلاق جائزة إسماعيل فهد إسماعيل للرواية القصيرة. كان شعوري يومها خليطًا من السعادة والظفر. فكرت: هذه هي الجائزة التي أريد، فتقدمت بمخطوط روايتي “ليل طنجة” ومرت بضعة أشهر ثم جاء خبر تتويج روايتي. وكذلك فكرت حين رشّح ناشري روايتي لجائزة دولة فلسطين. هذه هي الجائزة التي أريد، قلت، والشعور كان خليطًا من السعادة والترقب المشوب بالأمل”.
أضاف: “جاء اليوم خبر الإعلان عن القائمة القصيرة، ومن بين الروايات الأربع المحتفى بها توجد روايتي “أحجية إدمون عمران المالح”، هذا تتويج يستحق الاحتفال، وأنا سعيد طبعًا، وأي كاتب كيف عساه لا يفرح بالاحتفاء الكامن في كل جائزة؟ بل سعادتي اثنتان: الجائزة مقدمة من فلسطين، وهل من وسام أكبر من هذا؟ الجائزة تحمل اسم غسان كنفاني، وهل من شرف أكبر من أن يقترن اسمي باسم من أبدع “رجال في الشمس” و “أم سعد” وغيرها من الروايات المعجزة في تكثيفها وبساطتها المخادعة والمخاتلة؟ أسعدتني ثقة لجنة التحكيم التي تتكون من أسماء وازنة في الساحة النقدية والروائية العربية. اختيارها لروايتي هو وسام على صدري، ودفعة لا شك إلى الأمام. هذه الجائزة المقدمة من دولة فلسطين، احتفاءً بالشهيد غسان كنفاني من جهة، والرواية العربية من جهة ثانية، هي إضافة نوعية للجوائز المخصصة للرواية، ونأمل أن تكون انطلاقتها قوية بما يتيح لها دوام الاحتفاء بالمميز من الروايات العربية. بهذه المناسبة أشكر دولة فلسطين على هذا الاحتفاء، ممثلة في وزارة الثقافة ووزيرها الروائي عاطف أبو سيف، وكامل الفريق المسؤول عن الجائزة وعلى رأسهم الأستاذ عبد السلام العطاري مدير عام الآداب والنشر والمكتبات وأميرة داوود المنسقة العامة للجائزة. وشكرًا للجنة التحكيم على هذه الثقة التي أرجو أن أكون أهلًا لها. شكرًا للأصدقاء في كامل فلسطين، في الضفة وفي غزة، في الأراضي المحتلة وفي الشتات، على محبتهم التي تصاحبني منذ سنوات”.
نبذة من الرواية
فرانز غولدشتاين ليس مجرّد ناشر، وإديسيو دو سابل ليست مجرّد دار نشر. مسيو غولدشتاين يسخّر عمله وحياته لخدمة القضية، وقضيته تمرّ بوصول إحدى الروايات إلى القائمة القصيرة في جائزة أدبية رفيعة. عمران المالح ليس مجرّد عضو في لجنة تحكيم الجائزة، ولا مجرّد ناقد مغربي في جريدة لوموند الفرنسية. عمران هو اليهودي التائه في صخب القضايا، الممزّق بين وطنٍ موعود من الربّ وآخر يسكنه، والذي اكتشف هشاشة القضية مذ زعزعت صفعة أبراهام، يوم هشوآه في الكيبوتس، آماله كلّها عن أرض الميعاد. عمران هو أيضًا الرازح تحت ثقل ذكرى أنّه من كشف سرّ المهاجرين إلى المخابرات المصرية فأغرقت السفينة إيجوز. اليهود الذين ابتلعهم البحر يومذاك، قُتلوا أيضًا لأجل القضية. هذه القضية تقتات على القرابين وهو ما عاد مستعدًّا للمشاركة في حفلة الدم والخداع. عمران هو الذي سيقول لا لفرانز، وهو الذي سيدفع غاليًا ثمن ذلك. سيكون قربانًا بدوره لكن على مذبحٍ مختلف… أو ربما على أكثر من مذبح.
محمد سعيد احجيوج
كاتب مغربي (مواليد 1982). له مجموعتان قصصيتان، وفي رصيده ثلاث جوائز شعرية. أصدر مجلة «طنجة الأدبية» وعددًا من المشاريع الأدبية، قبل أن يغيب عن الساحة الثقافية فترة تجاوزت عشر سنوات. صدرت له في القاهرة نوفيلا «كافكا في طنجة» (2019)، وفازت روايته «ليل طنجة» بجائزة إسماعيل فهد إسماعيل للرواية القصيرة. «أحجية إدمون عمران المالح» هي روايته الأولى عن دار هاشيت أنطوان/نوفل.