افتتح رئيس لجنة جبران الوطنية جوزيف فنيانوس والسفير الهندي في لبنان الدكتور سهيل آجاز خان معرضا للوحات والصور الخاصة بالفيلسوف الهندي طاغور، في متحف جبران خليل جبران، بحضور ممثل النائب البطريركي العام على الجبة وزغرتا المطران جوزيف النفاع أمين الديوان الخوري خليل عرب، رئيس بلدية بشري فريدي كيروز، مديرات مدارس قضاء بشري الرسمية والخاصة وأعضاء لجنة جبران ومهتمين.
فنيانوس
بداية النشيدان الوطني والهندي، ثم قال رئيس لجنة جبران الوطنية: “يأتي هذا المعرض بمرور 139 سنة على ولادة جبران خليل جبران تحت عنوان “جبران وطاغور”، وليس من قبيل المصادفة أن تنقل آثارهما إلى كل لغات العالم في جميع القارات، فالقضايا الإنسانية الكبرى التي أثارها جبران وطاغور عبرت كل الديانات والثقافات والحدود الجغرافية والأعراف والأجناس إلى الإنسان روح الألوهية على الأرض بين طاغور وجبران”.
أضاف: “بين طاغور وجبران سحابة من الشراكة الفكرية على مستوى التعابير وتداخل العبارات والإصطلاحات والمفاهيم، حيث تناولها كل منهما للتعبير عن تجربة جوانية تتحرك في إطار ذاتية بعيدة عن الحروف والكلمات، ونافذة إلى الذات. طاغور في دواوينه الشعرية، ولا سيما “قربان الأغاني” الذي قرأ منه في إحدى أمسياته في نيويورك، يتلاقى في عديد من القضايا الإنسانية، مع جبران المعلم في كتاب “النبي”. فطاغور يؤكد أن “التعرف إلى الله يكسبه المعرفة والحكمة”، وجبران بدوره يعتبر أن “الذات الإلهية هي الأجنحة التي نحلق بها نحو الأزل”. أما لناحية الرموز، فكلاهما استخدم الرمز وما له من أبعاد ودلالات. فالمجذفون عند طاغور، هم الساعون إلى الخلاص، وأورفليس الجبرانية هي المدينة الفاضلة، والبحارة هم الملبون النداء، والمحاولون تخليص أنفسهم من نوازع الحياة وشهواتها، والمطرة هي الوسيط بين المعلم وذاك البحار”.
وتابع: “يحضرني قول لطاغور عندما سئل عن خطوطه فأجاب: “إنها تعبير لا شرح”. وجبران عبر فقال: “الخطوط، بداية لرؤيا غير منظورة”. جبران الصوفي وطاغور المتصوف، في فكرهما الإصلاحي، لم يعرفا الطمأنينة ولا التردد والكسل. إنما بالعمل، والكد والجهد والمواجهة، كل على طريقته، لكن بإيمان عميق، صب كل منهما غضبه على الفساد وأهله في الأرض كلها: من تخاذل الضعيف، وغطرسة القوي، وجشع الأثرياء، وحقد الفاشل، واحتقار الكرامة إلى ما هنالك من شرور تغتال السلام الإنساني المنشود”.
وأردف: “لا يخفى على أحد أن جبران، بعد أن استمع إلى إحدى أمسيات طاغور في نيويورك 1921، أخذ القلم الرصاصي وترك له تذكارا لا زال متحفه يحتضنه، وقال فيه: “رغم أن وجه طاغور كان متعبا في تلك الأمسية، إنما يبقى بما يمثل، أعظم الأحياء”.
وختم: “باسم لجنة جبران الوطنية أرحب بكم، ولا بد لقلب جبران القابع في صومعته في دير مارسركيس من الخفقان فرحا عند ملاقاته أهله وهم يقرعون صومعته بأصابعهم الملونة بألف لون ولون. أنتم الحضور الذي لبنان هو بأمس الحاجه إليه في ايامنا هذه في ظل هذا اللغو الكلامي وهذا التكرار الخبيث. ولأن جبران وطاغور يمثلان رسالة كل من لبنان والهند الى العالم، رسالة التعدد والتنوع والتسامح وقيم الحرية والعدالة والشهادة للحق”.
آجاز خان
بدوره، قال السفير الهندي: “نجتمع اليوم للاحتفال بهذا الحدث الكبير لتكريم رمزيات من العباقرة جبران وطاغور، وما بينهما من أمور وقضايا مشتركة. كلاهما من الشرق لكنهما أعطيا الغرب الكثير الكثير، كلاهما من بلاد واوطان كانت تعاني الغزو في ذلك الوقت. الهند كانت تحت الاستعمار البريطاني بينما لبنان كان يرزح تحت الاستعمار التركي، فكل منهما عانى المجاعة في بلاده. لهذا السبب عرفا معنى الألم وعملا على الخلاص للوصول الى الامل ورسالتهما عن السلام والحرية”.
أضاف: “طاغور وجبران على نقاش علمي بناء لا اريد الدخول في نقاشه بل اترك للسيد جوزيف جعجع الإضاءة على هذه المواضيع، لكن أحدهما عرف الآخر وتأثر به حتى الوصول إلى التكامل بكثير من الطروحات. نحن سعداء وفخورون جدا باستضافة متحف جبران لاول معرض خاص بطاغور حول التفاعل والتعارف”.
وتابع: “كانت رغبة جبران دائما بزيارة طاغور إلى مدينة جبران بشري، لكن طاغور يزور بشري اليوم مع الشكر لكل الجهود والدعم من قبلكم، فطاغور اول فيلسوف غير اوروبي أو غربي يحصل على جائزه نوبل، لقد دخل العالمية وكرامة الإنسان وكان مناهضا لحركة دعم الاستقلال في الهند، إنه المعلم الذي قاد العالم نحو السلام والتعايش السلمي”.
جعجع
أما مدير المتحف جوزيف جعجع فقال: “من بشري مدينة جبران خليل جبران إلى كلكوتا مدينة طاغور في الهند، بين حضارتين مختلفتين توحدتا على مفهوم وأسس العولمة الثقافية، كانا الرائدين. لقد ألهم جبران الملايين حول العالم وكان جسرا بين الشرق والغرب كما طاغور الذي كان جسر عبور بين الهند والغرب، كلاهما من العباقرة المتميزين أعطيا الكثير للانسانية وتأثرا بقيم الحرية والديمقراطية فكانا فيلسوفين بارزين في الشرق والغرب”.
أضاف: “كانا علامة مميزة ونهجا متطورا سابقا لعصره أوصلهما إلى مرتبة عالمية متقدمة التقيا في نيويورك عام 1916 بعد أن منح طاغور جائزة نوبل للاداب عام 1913، وقال جبران عنه إنه حسن المظهر جميل المعشر متواضع وحنون. أما الصحافة الأميركية فقارنت بين الرجلين وأشارت إلى أن كلاهما يستخدمان الامثال في كتاباتهم ويتقنان اللغة الإنجليزية جيدا وكل منهما فن في مجالات عدة”.
وبعد قص الشريط التقليدي، جال الجميع في أرجاء المعرض، مستعرضين اللوحات والتشابه في الرؤية بين جبران وطاغور. ثم اقيم كوكتيل بالمناسبة.
يشار الى ان المعرض يستمر على مدى عشرة أيام.