أَلخَمْرُ والأَمْر!      

   
لَقدَ قالَ مَنْ عَبَّ الغِوَى، وَرَوَى الدَّهرُ:         أَنا، اليَومَ، في خَمْرٍ، ولكِنْ غَدًا أَمْرُ*
أَنا، مِثلُهُ، كَم ذُقْتُ خَمْرًا شَهِيَّةً،                وكَم جِئْتُ مِنْ أَمْرٍ، وما شَبِعَ العُمْرُ

ولكِنَّنِي أَلوَيتُ عَن خَمْرَةِ العُلَى،               فَإِذْ بِخُمُورِي، كُلِّها، أَدْمُعٌ حُمْرُ
وإِذ بِي أَرَى، مِن شُرفَةِ النَّفْسِ، أَنَّنِي               سَأَبقَى غَلِيلًا ما شَرِبتُ، وبِي جَمْرُ
إِذا لَم تَكُنْ كَأسِي مِنَ اللهِ طِيْبُها،                 فَلا كُنتِ يا كَأسِي، ولا كانَتِ الخَمْرُ!
***

* فِيهِ نَظرٌ إِلى قَوْلِ الشَّاعِرِ الجاهِلِيِّ امرِئِ القَيْس، وهو مِن قَبِيلَةِ كِنْدَة اليَمَنِيَّة. طَرَدَهُ أَبُوهُ المَلِكُ حُجْر، وأَقسَمَ عَلَيهِ بِأَلَّا يَعِيشَ مَعَهُ، فَخَرَجَ امرُؤُ القَيْسِ هائِمًا، وكانَ مُولَعًا بِشُرْبِ الخَمْر. وعِندَما بَلَغَهُ خَبَرُ مَقتَلِ أَبِيهِ، كانَ في مَجلِسٍ مع رِفاقِهِ يَشرَبُ الخَمرَ، فَلَم يَهتَمّ لِما قِيلَ، وأَكمَلَ جَلسَتَه. ومِنْ ثَمَّ نَظَرَ إِلى النَّاعِي، وقال، مُشِيرًا إِلى أَبِيه: ضَيَّعَنِي صَغِيرًا وحَمَّلَنِي دَمَهُ كَبِيرًا، لا صَحْوَ اليَومَ ولا سُكْرَ غَدًا، اليَومَ خَمْرٌ وغَدًا أَمْر.

اترك رد