“إذا مررتم بالقرب من مقبرة، فصلُّوا على الأموات وأنتم مغمضو العيون، ولا تقولوا: هؤلاء ليسوا من أمواتنا، فالأموات لا يعرفون أسماءهم وقد تركوا معابدهم على الأرض وذهبوا إلى مكان ليس فيه معابد ولا أيقونات.
في الموت يتساوى البشر، فلا أبيض ولا أسود، ولا ملك ولا عبيد، ولا قادة ولا صعاليك. الموت يخرجكم من القشور البالية، ويضعكم وجهاً لوجه أمام الله، فديانتكم حينئذٍ هي ما صنعتموه لإخوتِكم، وما ضحَّيتم به من أجل عائلاتِكم. والله لن يسأل أحداً عن دينه لأنَّ دينه الخير والسلام، والذين يقتلون ولا يفعلون السلام فهؤلاء يتعذَّبون بفعلتِهم،. (العظة 15)
***
“إنَّني لأسالكم واحداً واحداً: مَن منكم كان قاضياً أو حاكماً بالعدل في أيِّ زمن؟ ومَن منكم حصل على توكيل من الله لكي يدافع عنه ويعاقب مَن يخالفونه؟ ومن أيِّ محكمة حصلتم على حقِّ المرافعة والإدانة؟ انظروا إلى الطيور كيف تسبِّح الخالق وليس لها كتاب، وانظروا إلى الشجرة كيف ترفع ذراعيها وتتضرَّع للإله الحبيب، وانظروا إلى الأمواج كيف تتلو صلاتها الأبديَّة، وهي لم تدخل يوماً إلى معبد، ولا تعرف الركوع… إنَّ الله يحبُّ عبادتكم ويقدِّس وجودكم، وعليكم أن تحبُّوه من غير أن تطلبوا منه شيئاً في المقابل، فالمعابد ليست أمكنة للبيع والشراء. وإذا رأيتم أنَّ الناس يحبُّون الله، ويَصِلون إليه من الطريق التي لا تسيرون عليها، فلا تلعنوهم لأنَّهم إخوة لكم في الدين وأنتم لا تعلمون. وقد يكون الله راضياً عنهم أكثر ممَّا هو راض منكم ومن عبادتكم. إنَّ الله لا يريد منكم دينكم بل يريد إيمانكم”. (العظة 25)
***
“سيعترضونكم في الدروب الوعرة ويسألونكم عن أسمائكم ومدنكم وزوجاتكم، فقولوا لهم إنّكم أبناء الله، وليست لكم أسماءكما المجرات البعيدة لا أسماء لها. وإذا قالوا لكم: بم تؤمنون؟ فقولوا لهم: نحن نؤمن بكلّ شيء، نؤمن بحبّة التراب والجذور والسماء والشجر العاري لأنها كلّها من عمل واحد، ونعتنق الفكر لأنه فكر المبدع، ونقدّس الرياح التي تقتحم الغابات فتغيِّرها وتلبسها العراء لكي تعود من عرائها خلقاً آخر. (العظة 29)
***
“تعجبون يا أحبّائي من أنَّني فتحت أبواب المعبد لجميع الشعوب، فالله جمعكم لا ليفرِّقكم وفرَّقكم لأنَّ اختلافكم حكمة. وقد وُلدتم على دين ليس لأنَّكم اخترتم دينكم بل لأنَّ آباءكم وأجدادكم كانوا على هذا الدين. وبعد أن وُلدتم لم يسألكم أحد عن الدين الذي تفضّلونه فيكون لكم. لذلك فالأديان ليست منازل من حجر مقفلة الأبواب. وإنَّكم عندما تعبدون الله تكون عبادتكم دِيناً، وليس مهمّاً كيف تصلُّون. أمَّا الذين قالوا لكم إنَّ دين الآخرين ليس صحيحاً فهم تجَّار الهيكل الذين أصابهم الغنى ومـا زالوا يجمعون المال ولا يشبعون، ولبسوا التكبُّر درعاً”. (العظة 33)
***
*في معبد الروح، مشروع الأديب د. جميل الدويهي “أفكار اغترابيّة للأدب الراقي – سيدني