اختيار وتوثيق الأشعار كتابة موجزة بقلم سليمان حماده
شاعر عاطفي وضح افكار ومشاعر الصوفي العاشق للمولى عز وجل باسلوب رقيق صادق بلغته التركية البسيطة.
كان درويشا فاضت نفسه بمشاعر العشق الإلهي . لا بد من الاشاره الى ان الشاعر الكبير احمد يسوي كان في وسط آسيا اما يونس أمره فكان في غربها ..
انها اي الصوفية موجة ثقافية عمت آسيا و وصلت لسوريا وتركيا ومختلف بلاد العالم الإسلامي بعد النزوح امام الغزو المغولي من التركستان الى بلاد الاناضول .
كما كان لجلال الدين الرومي الفضل الكبير في نظم الشعر في اللغة التركية خاصة ديوانه شمس الحقائق واصبح شعره من بواكير الشعر الصوفي باللغة التركية
كان عصر يونس أمره شديدالمحن والبلايا بسبب غارات المغول لكن شعره سجل لنا تاريخ كثير من الشعوب في هذه الحقبة من الزمن
عاش أمره في اواخر القرن الثالث عشر وبداية القرن الرابع عشر ١٢٤٠-١٣٢٢ وكانت نهاية الدولة السلجوقية وبداية عصر عثمان غازي وعاصر الرومي وكتب عنه المؤرخين ان يونس أمره كان صوفيا عظيما ملك ثقافة عصره الدينية والادبية واشتهر بين الاتراك في الاناضول باشعاره عميقة المعاني ذات التاثير الروحي القوي مما جعلهم ينشدون اشعاره لغاية اليوم ويعتبرونه ولي من أولياء الله الصالحين ويفهم شعره كل الشعب
يقول يونس أمره ان العلم انما هو المعرفة بالله وفي نظره ” ان معرفة الانسان لنفسه اساس كل العلوم”. ويردد دائما الآية الدالة على ذلك ( وفي انفسكم افلا تعقلون).
وهو ينبذ التناحر والتدابر ويدعو للحب والتسامح والبعد عن التباغض وحب الانسانية جمعاء .
يونــس إمــري والشعر
شاعــر الحـب والوحـدة الإنسانيــة باللـــه
بين يدي الحبيب أكتب شعري إجلالاً وتـــذللاً
تعـــال وانظـــر إلى مـــا نالـــني مـــن أثـــر العشـــق
الشاعر الصوفي يونس إمري له مكاناً يكاد يكون مشابهاً للموقع الذي يحتله حافظ الشيرازي. فهذا الدرويش الذي عاش زاهداً كل حياته، كان مفعماً أيضاً بالحب الروحي الذي أنفق حياته في التعبير عنه بأعذب الأشعار.
عاش في الأناضول التركية في القرن الثالث عشر الميلادي وذاع صيته وأصبح لشعره الرقيق واختباره الروحي وتمجيده للوحدة الإنسانية والحب تأثير كبير على الثقافة التركية، بل والعالمية
له اثره في الادب العالمي
وبسبب شهرته وأثره في الأدب التركي والعالمي تحول يونس إمري إلى موضوع لندوات ومؤتمرات عالمية تبحث في شعره وفلسفته ولغته الشعرية، وأدخلته منظمة اليونيسكو ضمن قائمة أعظم الشخصيات الثقافية في العالم، بل وأعلنت العام 1991 «السنة العالمية لـ يونس إمري» وتمت ترجمة أعماله إلى لغات عدة حول العالم.
وصف نفسه يوماً بهذه الأبيات:
أنا يونس إمري درويش الأحزان
أثخنتني الجراح من الرأس وحتى الأقدام
بين يدي الحبيب أكتب شعري إجلالاً وتذللاً
تعال وانظر إلى ما نالني من أثر العشق
يتّسم شعر إمري بفلسفة تشدد على وحدة البشر والحب الإنساني وتشكو من التفرقة والتأثير السلبي للتعصب، بل إنه يفرق في شعره غالباً بين دين الحب والوحدة الإنسانية في الله وبين أولئك الذين يحكمون على الآخرين ويفرقون بين الناس باسم اختلاف العقائد، لأنهم لا يفهمون حقيقة الإيمان ويتعلقون بظاهره فحسب.
في ما يلي بعض من قصائد لـ يونس إمري منقولة عن الترجمة الانكليزية للنص التركي:
إبحث عنه في داخلك
إن عزمت على أن تمسح
كل هذا الصدأ عن القلوب
فقم بنشر هذه الكلمات
فهي بحق مختصر الحياة
«من لا يرى
شعوب الأرض كلها كخلق واحد
هو عاص لله حتى ولو رأى فيه
بعض أهل الورع قديساً»
أصغي أيضاً, فإن لي رأياً
في ما يسمونه الشرائع والقانون
الشرائع سفينة
والحقيقة هي البحر
مهما كانت ألواح السفينة
سميكة ومتلاصقة
فإنها لا بدّ ستتحطم وتتبعثر
إن هاج البحر وماج
جنوني هو عشق الحبيب
وحدهم المحبون يدركون مغزى كلامي
الإثنينية يجب أن لا تكون
الله وأنا العبد يجب أن لا نعيش متفرقين
الله يتخلل هذا العالم الكبير
لكن حقيقته سر مخفي على الجميع
إن أردت البحث عنه فأنظر في داخلك
فأنت لست كياناً منفصلاً عنه
لست بناظر لدين أحد من الناس
كما لو كان خصماً لاعتقادي
والحب الحق لا بدّ أن يسود
عندما تتحد العقائد كلها في الحقيقة الكاملة
الناس أطلقت عليّ اسم «الصوفي»
لكن لي مع ذلك عدوّ: الحقد
ليس في قلبي كدر أو كره لأحد
لأن هذا الوجود في نظري واحد
عندما يختبر الإنسان الحب الحق
لا بدّ سيترك التعصب
للعقائد وروابط الأوطان
وأنتم لا تنفكون عن التذكير بالعقائد
وتدعون الناس إلى ما تسمونه النعيم
وماذا في النعيم. بضعة حوريات؟
أقول الحق: ليس هذا مرادي
رباه
لم كل هذا القدر من الكلام
وما الحكمة من كل هذا الجدل
حول حفنة من تراب؟
كلمــــة واحــــدة
في إمكان كلمة واحدة أن تضيء
وجه رجل يعرف معنى الكلمات
الكلمة التي تنضج في عالم الصمت
تختزن قوة كبيرة على الفعل
الحرب يمكن وقفها بكلمة
وهناك كلمات تداوي الجراح
وكلمات يمكنها أن تبدل السم
إلى عسل مصفى
دع الكلام ينضج في داخلك
ولا تدع مجالاً للخواطر المرتجلة
هلم وافهم ذلك الكلام
الذي يحول المال والثروات إلى تراب
اعلم متى يمكنك النطق
ومتى يتعين عليك الصمت
كلمة واحدة تقلب سعير جهنم
إلى جنات ثمانية
اتبع طريق القوم ولا يغرنك
كل ما تعلمته في السابق وكن يقظاً
فكِّر قبل أن تنطق
فلسان الحمق قد يدمغ روحك بالسواد
يونس! قل الآن شيئاً أخيراً
عن قوة الكلمات:
فقط كلمة «أنا»
تقطعني عن الله
الإنسان الحقيقي
لن تكون إنساناً حقيقياً على الطريق
إن لم تكن بسيطاً متواضعاً
وإن نظرت باستعلاء إلى أي مخلوق
فسيتم دفعك إلى أسفل الدرجات
إن ارتفعت نفسك فإنك سترفع بعيداً عن هذا الطريق
لا فائدة من كتم ما أنت فيه
لأن ما في جوفك يظهر لا محالة في سيمائك
حتى ذلك العابد ذو اللحية البيضاء
ذلك الذي يُظهر الحكمة في محيّاه
لو تجرأ فكسر قلب إنسان
ما الفائدة من حَجِّه إلى مكة؟
إن كان عديم الرحمة
فما الغاية من وجوده؟
قلبي هو عرش المحبوب
والمحبوب هو مقصود قلبي
كل من يكسر قلباً لإنسان
فلن يجد طريقاً إلى الله
لا في هذا العالم
ولا في غيره
الذين يعرفون لا يتكلمون إلا نادراً
لكن الضواري منهمكة دوماً بسيل من الكلام
كلمة واحدة تكفي من في قلبه العلم الحق
إن بحثت عن المعنى في الكتب المقدسة فهو ذا:
كل ما كان نافعاً لك تقاسمه مع غيرك
كل من يأتي إلى هذه الدنيا يهاجر منها
وكل من شرب خمر الحب يفهم قولي
… … …
المصادر
ديوان الشاعر التركي الاسطورة يونس امره
د حسين المصري