أدباء ومثقفون يجتمعون حول “ترجمة النص العربي القديم وتأويله” و”الشعر المنثور والتحديث الشعري” للدكتورة حورية الخمليشي في مسرح محمد الخامس-الرباط

شهد مسرح محمد الخامس في الرباط تظاهرة أدبية، إذ اجتمع أدباء ومثقفون حول الدكتورة حورية الخمليشي في حفل تقديم كتابيها  “ترجمة النص houriaالعربي القديم وتأويله” و”الشعر المنثور والتحديث الشعري”، وتوقيعها،  شارك فيها الأساتذة: سعيدة شريف، مليكة معطاوي، علي أيت أوشن، ادريس خضراوي، محمد حجو، إعداد وتقديم أحمد جواد.

 تناولت الناقدة والإعلامية سعيدة شريف المتابعة النقدية والإعلامية لكتاب “الشعر المنثور والتحديث الشعري الذي حظي باهتمام النقاد والأدباء في الصحافة العربية. وأوضحت أن الناقد المغربي الكبير محمد مفتاح، في تقديمه لهذه الدراسة، نوّه بهذا العمل ونسب إلى الباحثة دور الريادة في تناول تجربة الشعر المنثور في العالم العربي، لما يمتاز به من جرأة في المناقشة والتحليل وإبداء الرأي على المستويين النظري والتطبيقي.

 بدوره بيّن الباحث والناقد المغربي علي آيت أوشن كيف اهتمّت الباحثة في كتاب “ترجمة النص العربي القديم وتأويله عند بلاشير” كيف تمّت عملية الترجمة والتأويل، اعتماداً على الطريقة التي تناول بها بلاشير النصوص العربية القديمة، المتمثّلة في النص القرآني، بالإضافة إلى النصوص الشعرية والنثرية، ووضع الموسوعات والمعاجم. فرجيس بلاشير من علماء الاستشراق الفرنسي الذين استلهموا سحر الشرق وعشقوا أدبه.

 أضاف أن حورية الخمليشي جعلت بلاشير مدرسة أدبية متميّزة في دراسة التراث والأدب العربي، فذكرت أسماء علم
houria-1اء وأدباء ينتمون إلى المدرسة البلاشيرية، سواء من طلابه أو من طلاب طلابه، وهم اليوم من كبار المفكرين والأدباء في العالم العربي وغير العربي.

 أشار إلى أن ما يميّز الدراسة هو المنهج العلمي الدقيق، المتمثّل بدقّة تحديد المفاهيم، وضبطها، والمقارنة، والاستنتاج، والتوثيق الدقيق والموضوعي، وضبط الهوامش والملاحق.

 وتناولت الشاعرة والمترجمة مليكة معطاوي الجوانب التي يعالجها الكتاب، ومنهجية الباحثة على المستويين النظري والتطبيقي، وطريقة التعامل مع المترجمات الأدبية لبلاشير، كذلك ترجمة القرآن، موضحة صعوبة الترجمة الأدبية التي يُعدّ بلاشير من روادها الكبار.

 توقفت عند أهمية الدراسات الاستشراقية في التعريف بالتراث العربي وترجمة علومه وحضارته، خصوصاً  أن استشراق بلاشير لم يكن تبشيرياً، بل تميّز بعشقه وحبّه للتراث العربي شعراً ونثراً، لا سيما أنه عرّف وترجم شعر أكبر شاعر عربي في الثقافة العربية وهو أبو الطيب المتنبي.

 كلمة الدكتور محمد مفتاح

  جاء في مقدمة الطبعة الثانية لكتاب “الشعر المنثور والتحديث الشعري” الدكتور محمد مفتاح:

 “يظهر أن كتاب د. حورية الخمليشي المعنون بـ “الشعر المنثور والتحديث الشعري”، لقي رواجاً كبيراً في أوساط المهتمين بالموضوع ، من أساتذة وطلاب وقراء عاديين؛ إذ لم تمْضِ على نشره إلا أشهر معدودات حتى نَفِذَ. طلبت إِلي الأستاذة الباحثة أن أقوم بتقديم لهذه الطبعة، فاستجبت طائعاً مختاراً، لاقتناعي بإسهام حقيقي للكتاب في طرح أسئلة وجيهة، واحتوائه على إجابات عنها مقبولة، في إطار منهجية ملائمة للموضوع المدروس.houtyia-2

سلكت الأستاذة الباحثة طرق ذوي الخبرة العميقة، فبدأت بتحديد المصطلحات والمفاهيم، لأنه لا يمكن أن يكون هناك بحث علمي رصين بدون التعرُّف على فضاء الموضوع، وتحديد أبعاده، وحَصْرِ امتداداته، وتوصيفه، وتسميته، ليصير ذا هُوِيَّة وخواصَّ وصورٍ، وبدون الاستناد إِلى مفاهيمَ تحليلية تركيبيَّة تكون معالم ترشد الباحث فالقارئ إِلى الوجهة المبتغاة والأهداف المتوخاة.

 إلا أن الباحثة لم تكن مقلدة للسلف وللخلف مِمَّنْ تناولوا الموضوع، لكنها كانت جريئة فناقشت وساجلت ثم اختارت مَا رَأته أنْسَبَ لِتَصوُّرها؛ ولعل تَسْمِية البحث ب(الشعر المنثور والتحديث الشعري) ينبئ بمدى التوفيق الذي حالف الباحثة؛ وما التوفيق إلا بالله.

 إذا كان للباحثة مزية استشكال ما يراه بعض الباحثين من البيِّنَات الواضحات، فإن لها خصلة أخرى، هي الوعي بالصيرورة التاريخية، وبالسيرورة  العلمية فربطت المُسبَّبَات بالأسباب والمعلولات بالعلل، في استدلال سليم، وفي تعبير عربي مبين، وفي رؤيا تؤمن بالاتّصال وترفض الانفصال؛ سواء أتعلق الأمرُ بالانتماء الفني أم بالنسب الدموي؛ هكذا كانت أعلام الشعر من مشارق الأرض ومغاربها، فتجلى التعدد في الوحدة والاختلاف في التشابه. التعدد والاختلاف جَنَّبَا الباحثة سحر النظائر والأشباه، وإِغراء البِنْيات المجردة المتعالية.

 وإِذ إنه لا ينكر وجود (أطر) و (موضوعات) و (نماذج)، فإِن أنواع تشكلها وتحققها وظهورها تجعل الاختلاف واقعا لا محالة؛ إِنها تصدر عن الكليات اللغوية في الشعرية لكن المحيط يُكيِّفها، والتجربة الذاتية تُبَلْورُها، والخبرة الفَردية تَصْبَغُها.houria-3

 في ضوء هذا، يمكن وصف رؤيا الباحثة بأنها نسقية، من حيث مراعاة تعدد المؤثرات والمكونات والعناصر ومن حَيْثُ رَصْدُ تفاعلها في البيئة الشعرية العربية، ومع المنجز العالمي؛ إِنها نسقية منفتحة وليست منغلقة مُكْتَفِية بذاتها آيلة إِلى الإِضْوَاء والانقراض.

من خلال ما تقدم، يتبين أن الباحثة صنعت من اختلاط ثبر الآراء ما يشبه العقد الثمين فكانت صَنَاعا حقيقة، وكانت كيِّسَة ماهرة فعلا، إِلا أنها لم تزعم، ولا تدعي ولن تَتَبَجَّحَ، أن ما انتهت إِليه هو فصل المقال ونهاية الكمال فهيهات هيهات ! ذلك أن البحث العلمي هو صَوْبُ العقول الذي قال فيه أبو تمام:

ولكنه صوبُ العقول إِذا انْجَلَتْ

سحائب منهُ أعقبت بِسَحَائِب.

ومع ذلك؛ فإن هذا الكتاب يبرز أن البحث المنظم المحدد الأهداف والمعالم يوصل إِلى نتائج سارة.

كلام الصور

1- 2- 3- من حفل تقديم الكتابين في مسرح محمد الخامس

اترك رد