جميل الدويهي: قصيدة الخيبة

قال السياسيُّ الذي أحببتُه:

قلبي على شعْبي الوفيّ الرائعِ

فإذا وصلتُ إلى النيابة، فابْشروا

بسُموّ أخلاقي، وكفّي الناصعِ…

إنَّ الخزينة للشعوب، فما طمعـْ

تُ، ولا مددْتُ إلى الحَرام أصابعي…

إن تطلبُوا تجِدوا، فلست أريدُكم

تشكونَ من فقرٍ، وسوءِ الطالِعِ…

وأنا المُدافع عن حقوق رعيّتي

وأنا مثالُ الخادم المتواضعِ…

وأموتُ من أجل البلاد، وأجلِكم…

إنّ التفاني من جميلِ طبائعي…

ومضى الزمانُ على النيابةِ، فانقضى

وقتُ الوعود، وجاء دورُ الواقعِ

فإذا الزعامةُ مهنةٌ أبديّةٌ

مَوكولةٌ للمشتري والبائع

من أين هذا القصرُ؟ من أين الغِنى؟

والبؤسُ من حولي يقضّ مضاجعي…

وأدور في طُول البلاد وعرضِها

كي أشتري ثوباً لطفلي الراضعِ…

وأضيء شمعاً في الليالي بعدما

ساد الظلامُ على الوجود الواسع

وشربتُ ماء مالحاً، وبحثتُ في

سطْل القمامةِ عن رغيف ضائعِ

وسألت عن قرْص الدواءِ، كأنّه

نجمٌ بعيدٌ في الفضاء السابع…

ولبستُ عُرْيي، فالقُماشُ منتّفٌ…

ونسيتُ أيّام الحرير اللامعِ…

عجَباً لنوّاب البلاد، فكلّهم

ضحِكوا… وما ضحِكتْ عيونُ الجائعِ

ولهم سماسرةٌ بكلّ مدينةٍ

يتبادلونَ مَنافعاً بمَنافعِ…

وأنا الشقيّ، أنا الشقيّ… لأنّني

صدّقتُ أقوال النبيّ الخادعِ

فرأيت جسمي في الطريق محطماً،

ولممتُ رُوحي من تُرابِ الشارعِ.

***

(*) مشروع الأديب د. جميل الدويهي “أفكار اغترابيّة” للأدب الراقي – سيدني 2021

اترك رد