ضحى عبد الرؤوف الملّ
يمنح التصوير الصحفي المصور المزيد من الحرية في إلتقاط صورة الخبر أو صورة الحدث المهم بقوة التقنيات التي يمتلكها، إضافة الى الخبرات الإبداعية خاصة في فن الخبر وقدرته على الاختصار من خلال الصورة، والمصور الصحفي «علي سيف الدين» يمتلك قوة القصص المرئية رغم الطرق المسدودة حاليا، فالذاكرة التصويرية التي يمتلكها هي بمثابة تاريخ لا يمكن التخلّي عنه رغم وصولنا الى عصر التصوير الرقمي وجدليته حاليا، ومعه أجرينا هذا الحوار:
الصورة ركيزة أساسية في العمل الإعلامي ما رأيك؟
-المصور الصحفي هو عيون وضمير الناس في المجتمعات والساحات، لذلك تلعب دوراً مهما في المجال الإعلامي، وهي الأصدق لأنها تعبّر عن الحدث بصدق وواقعية، ولانها تؤثر بالحدث في اللقطات فتحوّله إلى مادة تاريخية صادقة، وتختصر كل الكلام وتخاطب البصر والذاكرة بلغة واحدة يفهمها النّاس، فمن خلف هذه الصورة يقف المصور الصحفي ينتظر الحدث لينقله بأمانة مهما كان صعبا وخطيرا.
ما هي الصورة التي التقطتها وأثّرت بك؟
-للأسف هناك تخلّف في عالمنا العربي لفهم الصورة وبعد فترة تغيب عن ذاكرته. فخلال رحلتنا الطويلة في التصوير الصحفي اعتبر أن معظم الصور التي التقطتها خلال الحرب الأهلية واعتدءات العدو كانت معبّرة عن مآسي الناس وهمجية الحرب الأهلية والاعتدءات الإسرائيلية، لقد كانت مجزرة قانا عام 1996 أكثر ما أثّرت بي في همجيتها وعنصريتها حيث كان معظم الشهداء من الأطفال، وفي الحرب الأهلية كانت صور أم عزيز أم المخطوفين والمفقودين الأربعة من أولادها حيث كنا نراها في كل الساحات والشوارع وهي حاملة صور أولادها ويقال اليوم انها توفيت دون أن تحصل عن أي خبر عن أولادها الأربعة منذ عام 1982.
ما قصة أم عزيز ولماذا ركّزت عدستك عليها؟
-أم عزيز لها قصة كبيرة في لبنان، ولكن للأسف كما قلت في عالمنا لا ذاكرة عند البشر، فأم عزيز عام 1982 فقدت أربعة شباب من أولادها دفعة واحدة، ونحن كمصورين صحافيين إضافة لشعورنا بمأساة أم عزيز على فقدان شبابها وأكبادها، كنا نراها كيفما اتجهنا عند المسؤولين وفي الطرقات والشوارع حاملة صور أولادها على طريق المتحف ومار مخايل، تقود كل فاقدي أولادهم في الحرب الأهلية والبكاء والدموع والحزن لا يفارقوا وجهها إضافة لصور كثيرة من ويلات الحرب الأهلية.
اللعب بالضوء والرسالة التي أردت نقلها من خلال الصورة، هل أنت راضٍ عن ذلك؟
-عمليا الكاميرا والتصوير يقال عنهما التصوير الضوئي، ولولا الضوء لن نحصل على صورة بشكلها ومضمونها وتعبيرها الحالي. فأول أنواع التصوير كان قبل اختراع الصور التي نعرفها، فكانت الكاميرا التي اخترعها ابن الهيثم عام 965 وهي عبارة عن علبة سوداء كبيرة وفيها فتحة صغيرة تمكن الضوء من الدخول داخل العلبة، مما يمكّن المصور من نقل الصورة من خلال انعكاس الضوء على الحائط. وأول صورة أخذت في التاريخ عام 1826 على يد جوزيف نيبيس حيث استعمل الكاميرا مع بعض المواد ووضعها في ضوء الشمس لمدة 8 ساعات حتى أصبحت صورة واضحة والقصة طويلة عن تطوّر عملية التصوير واختراع الكاميرات.
ولنرجع إلى كيفية إلتقاط الصورة ودور الضوء في إنجاحها ووضوحها وللضوء دوره الكبير، فقبل تطوّر الإضاءة كان المصور عندما يريد إلتقاط صورة ناجحة يسلّط الضوء على أي شيء يريد تصويره، ويجب أن يكون الضوء ساطعاً وهذا ينطبق على الإنسان والطبيعة والأشياء. أما اليوم فقد تطوّرت الإضاءة بصناعتها من «فلاشات» وجميع أنواع الإضاءة التي يحتاجها المصور. ويبقى دور مهم للمصور في طريقته وفهمه لدور الإضاءة حسب ما يراها مناسبة ليحصل على صور فنية وجميلة كل ذلك من دور الإضاءة وأهميتها.
كلمة من الفوتوغرافي علي سيف الدين في ظل صورة الخليوي؟
-مرَّ المصور الصحفي اللبناني بمراحل فيها الكثير من المخاطر والمتاعب من خلال عمله الصحفي وبمتابعته للأحداث السياسية والاجتماعية والأمنية وتداعياتها وما ينتج عنها، معرّضاً نفسه للمخاطر والمشاكل وما أكثرها في بلادنا، حيث كانت عدسات المصورين عيون تجوب الشوارع والزواريب، تصور الواقع، تلتقط أهم الصور وأبشعها في الحروب.
فالصورة أبلغ من الخبر والكلمة وهي الأقدر إذا ما صورت الواقع الحياتي اليومي في الحرب والسلم، وتكون شاهداً لكل الأزمنة والأمكنة. أما من ناحية تطوّر التكنولوجيا على صعيد التصوير من كاميرات وانترنت و«واتس اب» وغيرها صحيح ساعدت المصور والإعلام في نقل صورته بدقائق الى آخر الكون ولكن استعمال التصوير في الهاتف وكل هذه التكنولوجيا قد شوّهت وحرّفت الصورة عن حقيقتها حيث نرى كثيرا من الأحداث المصورة بالهاتف فيها تلاعب بالمكان، وبزيادة أو نقصان بعض المشاهد في الصور كما في الخبر التطوّر بهذه التكنولوجيا مهم جدا لكن التشوّهات أصبحت خطيرة.
***
(*) الصور من مجموعة متحف فرحات