تحقيق حلا ماضي
في وقت لا يزال فيه اللبنانيون يعيشون صدمة انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب الحالي، وما سببه من خسائر فادحة بالارواح، وكذلك في المباني والممتلكات، أحدث دمار إهراءات القمح في المرفأ التي بنتها دولة الكويت عام 1969 بقرض من الصندوق الكويتي للتنمية، شعورا بخسارة رمز ومعلم له حيثياته الاقتصادية والتاريخية لمدينة بيروت، تلك الإهراءات التي تلقت الجزء الأكبر من عصف الانفجار وحمت جزءا من بيروت.
الكويت وانطلاقا من العلاقات الأخوية بين البلدين، أرادت المساهمة في بلسمة جراح اللبنانين، فأعلن عميد السلك الديبلوماسي العربي سفير دولة الكويت عبد العال القناعي عبر “اذاعة لبنان” أن “الكويت ستعيد بناء إهراءات القمح في مرفأ بيروت ليظل عنوانا شامخا للأخوة و لكيفية إدارة العلاقات بين البلدين الشقيقين، يحترم أحدهما الآخر ويشعر الأخ بأخيه، وأنسب مجال للبدء بالمساعدات المادية هو إعادة بناء الاهراءات التي توفر المخزون الاستراتيجي من القمح للبنان الشقيق، بالاضافة إلى المساعدات المادية التي تبرعت بها الكويت للبنان خلال المؤتمر الذي كان دعا اليه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وعقد من اجل مساعدة لبنان مجموعها 41 مليون دولار.
ولم يكن الاعلان من قبل السفير الكويتي عن استعداد دولته لإعادة بناء الاهراءات مسك الختام للمساعدات الكويتية التي وصلت الى لبنان، إذ ان السلطات الكويتية سارعت منذ اليوم الثاني لوقوع الانفجار في مرفأ بيروت الى مد جسر جوي بين البلدين، فكانت الكويت من أولى البلدان التي حطت طائراتها في المطار وتتابعت من بعدها وصول المساعدات من مختلف الدول العربية والاسلامية والدولية.
وعلى مدى أيام عدة، كان المستشار في السفارة الكويتية عبد الله الشاهين ووفد إداري وعسكري يتواجدون على أرض المطار مع ممثلين عن قيادة الجيش اللبناني للإشراف على وصول طائرات القوات الجوية الكويتية التي كانت تنقل اطنانا من المواد الغذائية والطبية والاستشفائية الى لبنان بعنوان “انتو اهلنا وهذا واجبنا” والتي وصلت الى ما يقارب الـ 820 طنا.
وكان الشاهين اشار الى أن “الكويت سارعت بمبادرة ذاتية و تعليمات من نائب أمير دولة الكويت بضرورة الوقوف الى جانب لبنان وتقديم كل دعم ومساندة ممكنة فمد جسر جوي بين البلدين، وتم التنسيق مع لبنان للوقوف على احتياجاته واللازم لاحتواء انفجار المرفأ، معتبرا ان “الاهداءات تؤكد انسانية المنطلق والهدف بوقفة دعم ومساندة في ظرف دقيق ونحن على يقين بقدرة لبنان على تجاوزه باقتدار وفعالية المساعي الخيرة للكويت والأشقاء والأصدقاء كافة”.
الهلال الأحمر الكويتي
وفي موازاة وصول المساعدات الكويتية الى بيروت، كانت بعثة الهلال الأحمر الكويتي حاضرة عبر فريق ميداني متواجد في بيروت يقدم الدعم المباشر للمستشفيات المتضررة بتجهيزات ومعدات طبية وتوزيع المستلزمات والاحتياجات اللازمة.
وأشار رئيس البعثة الدكتور مساعد العنزي أن “فريقا ميدانيا للهلال الأحمر الكويتي اطلع على احتياجات مراكز الإسعاف وبنوك الدم التي يديرها الصليب الأحمر اللبناني بهدف تأمين ما أمكن من خبرات تعزز قدراته”.
ولم يغب أي تفصيل ممكن ان يكون لبنان بحاجة إليه فتبرعت جمعية الهلال الأحمر الكويتي بـ 10 مولدات كهربائية للصليب الأحمر اللبناني لدعم مراكز الإسعاف و بنوك الدم الميدانية .
مؤسسة الموانئ الكويتية
وكان المدير العام لمؤسسة الموانئ الكويتية ورئيس إتحاد الموانئ العربية الشيخ يوسف عبد الله صباح الناصر الصباح، خلال لقائه القائم بالاعمال في السفارة اللبنانية في الكويت باسل عويدات في الحادي عشر من شهر أيار الفائت، أبدى استعداد المؤسسة لتقديم كل المساعدات الضرورية في مجال تشغيل موانىء طرابلس وصيدا وصور في لبنان، وقال: “إن الكويت تضع خبراتها في مجال الأمن الغذائي امام الجانب اللبناني باعتبارها تحتل المرتبة الأولى عربيا في هذا المجال”.
وذكر أنه تم التوافق مع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية وشركة مطاحن الدقيق الكويتية لتنفيذ هذه المبادرة، مؤكدا انه في حال طلب لبنان خبرة الكويت في الأمن الغذائي فلن تترد تلك الجهات بتقديم خبراتها. ولفت إلى أن انفجار مرفأ بيروت يعد الوقت المناسب لتفعيل هذه المبادرة ليعود كما كان في عام 1968.
ليست المرة الأولى طبعا التي يجد فيها لبنان دولة الكويت إلى جانبه، كما سائر الدول العربية الشقيقة، لكن التزامه إعادة إعمار الاهراءات، خطوة ترفع لها القبعات، وخصوصا أنها أتت تلقائية. حمى الله الكويت ولبنان وكل الأيادي البيض التي تسعى إلى إعادة بيروت لؤلؤة في هذا الشرق.
***
(*) الوكالة الوطنية للإعلام