نَبْعُ الرَّجاء!
(لِمُناسَبَةِ عِيدِ السَّيِّدَةِ العَذراءِ الواقِعِ فِيهِ 15 آب)
نَحنُ في عِيدِكِ، في العِيدِ الكَرِيمِ، أَنتِ، يا صاحِبَةَ القَلبِ الحَلِيمِ
أَنتِ، يا عَذراءُ، يا نَبْعَ الرَّجا، يا مُنَى المَكدُودِ، والعانِي الكَلِيمِ
ما لَنا إِلَّاكِ إِذ ساوَرَنا ــــــــــ الرَّيْبُ بِالدُّنيا، وبِالعَدلِ العَقِيمِ
قَد تَمادَى، لا يَنِي ظُلمًا بِنا، كُلُّ طَمَّاعٍ، وجَبارٍ غَشُومِ
هي ذِي اجتاحَت روابينا، وما فَتِئَت تَظلِمُ، قُوَّاتُ الجَحِيمِ
وَعَرا إِيمانَنا الإِحباطُ مُذ لَفَّنا العَسْفُ بِذا اللَيلِ البَهِيمِ
فَضَلَلنا الدَّربَ مِن يَأسٍ، وَكَم قادَنا الجَهلُ إِلى الإِثْمِ الجَسِيمِ
لا تَلُومِينا على زَلَّاتِنا، نَحنُ مَخلُوقُونَ مِن ضَعْفٍ عَمِيمِ
ولَنا في لَذَّةِ العَيشِ غِوًى باتَ يَثنِينا عَنِ السَّمْتِ القَوِيمِ
إِنَّ فِينا بِذْرَةً قَد حَطَّها اللهُ ــــــــــ لا تَهجَعُ إِلَا في الصَّمِيمِ
رُبَّما أَخفَت سَناها ضَعْفَةٌ – دُونَ أَن تَخمُدَ – في الغاوِي الأَثِيمِ
مِنكِ، في إِيْماءَةٍ مَيْمُونَةٍ، يَرجِعُ الصَّفْوُ إِلى القَلبِ السَّقِيمِ
تَدْرُجُ النِّعمَةُ، تَجتاحُ الحِمَى، يَبزُغُ الفَجرُ، وَيَسرِي في السَّدِيمِ
فَإِذا الدُّنيا ضِياءٌ ساطِعٌ، والأَقاحُ الزُّهْرُ يَعلُو في الهَشِيمِ
لَيسَ إِلَا في سَناكِ الغَضِّ ما يَشرَحُ الصَّدرَ، وَيُبْرِي مِ الهُمُومِ
فَإِذا شِئْتِ، فَتَلوِيحٌ، تَكُنْ دِيَمٌ تَنهَلُّ بِالخَيرِ الجَمِيمِ
أَفَما، يَومًا، وَشَرْبٌ تائِقٌ لِحُبُورِ الرَّاحِ، في العُرْسِ العَظِيمِ
قُلتِ قَوْلًا سَطَّرَتهُ الأَرضُ في صَفحَةِ الدَّهرِ، وفي نُوْرِ الحُلُومِ
فَأَبَى الفادِي سِوَى التَّسلِيمِ، ــــــــــ وانبَجَسَت مُعجِزَةُ الخَمْرِ السَّلِيمِ
وإِذا الماءُ رَحِيقٌ سائِغٌ، ما جَرَى في الظَّنِّ، في بالِ الكُرُومِ
وإِذا القَوم ذُهُولٌ خاشِعٌ، وعُيُونٌ حائِراتٌ، في وُجُومِ
هي قانا سَوفَ تَبقَى عِبْرَةً لِغَوِيٍّ، وَعَلِيمٍ، وَحَكِيمِ
وَهِيَ، اليَومَ، جَمالٌ كائِنٌ في مَغانِينا، وفي الذِّكْرِ المُقِيمِ
كُلَّما جِئْنا إِلى أَجرانِها تَشمَخُ الرُّوحُ، وتَرقَى لِلنُّجُومِ
يَملَأُ الإِيمانُ مَن كانَ بِهِ كَدَرُ الشَّكِّ، ويَهْنا في النَّعِيمِ
فَعَبِيرُ اللهِ يَجرِي في الثَّرَى، وبَخُورُ القُدْسِ يَسرِي في الرُّسُومِ!
***
آهِ يا عَذراءُ، يا مَن جاوَزَت عَن ذُنُوبِ النَّاسِ، في كُلِّ التُّخُومِ
خَفِّفِي آهاتِنا، يا بَلْسَمًا لِجِراحِ القَلبِ، لِلضَّافِي الكُلُومِ
واحمِلِي آثامَنا، هَل كانَ مَن حَمَلَ الآثامَ عَنَّا في القَدِيمِ
غَيرَ مَن غَذَّاهُ صَدْرٌ طاهِرٌ فِيكِ، والعِبْرَةُ في طِيْبِ الأَرُوْمِ؟!
أَنتِ، يا بابًا بِهِ نَعبُرُ كَي نَبلُغَ القِبْلَةَ في الرَّاعِي الرَّحِيمِ
أَنتِ أُمٌّ، نَحنُ أَبناؤُكِ، هَل يَحضُنُ الوُلْدَ سِوَى الأُمِّ الرَّؤُوْمِ؟!
مرتبط