عن “دار سائر المشرق” صدر حديثاً كتاب “براعم خريف” للأديب أمين زيدان قدم له الشاعر الكبير سعيد عقل ومما جاء فيها:
قلمٌ جلل، لا تعرف، إن شئتك إلى إنصاف، أنّى تبدأ.
أنتَ هنا، أمام موهبة بحر، آيتها، بل تفرّدها-أنّها تحفزكَ على الخوض.
أوّل ما أُعطيه، هذا الخليق بالفنّ، هو الشجاعة.
أخذها عن كفّ ربٍّ ما بخل.
إنّها لتؤكّد أنّه، حقًّا من عندنا، سليل لديوجين، أحد عمالقتنا الأحد عشر، من هاجم لا الاسكندر وحسب، وهي ثانوية، وإنّما كذلك أفلاطون وأرسطو، فيما هذان العظيمان متبوّئان عرش المعرفة في أمّ العروش أثينا.
زيدان، أشهد، تحمّل منه مرجع من عندنا غير ثانوي سماع قولة صعب تحمّلها من أيّ آخر.
بيد أنّ زيدان، هذا الكبير الكبير، يهمّك منه، على الأخصّ، مطايبته لفنّ الكلمة.
الكلمة! هاني تلفّظتُ بما يفتح على دفّتيه، ما يمكن أن يُسمّى كتاب الوجود.
في المسيحيّة، الكلمة هي الاسم الآخر لإيل، بعد ان تنزّل وسكن بيننا.
تلعب أنت لعبة الكلمة، وتلعبها بمستوى، تطلّ على الوجود خلّاقًا!
أعرف اثنين من عندنا تطلّعا إلى ذلك، أمين نخله وأمين زيدان.
على أنّ كلمة أمين زيدان أبت أن تواجه القارئ إلّا بعد غوصها على ما حقّقتها الحضارة في باريس، المدينة الشمس، التي قصدها أمين لاستكمال تحصيله العالي.
كأنّ أمين زيدان تملّى كلّ الروائع، خاصّة، روائع الأدب والنحت والعمار.
وكان؟
كان أن أصبح مهندس فكر ومهندس قول.
كلّ مقطوعة يخطّها قلمه-وكدتُ أقول كلّ فلذة من سطر-هي عمارة، قصر من رخام لم يترك قيمة أو لعبة إلّا ضمنها.
حقًّا أنت، هنا، أمام من يقصّب من مقلع الجمل.
ويتفرّد هذا الفريد التطلّع بأن يحفز إلى عدوى.
فيصاب قارئه، هو أيضًا، بتطلّب الجمال.
يتّهم أمين زيدان بأنّه صعب.
وإنّه لكذلك،
تعرف؟ كلّ ذي مستوى سمته الصعوبة.
ولكن إذ أتيح، لهذا المعماريّ البهيّ البثّ، أن يحتفظ بهذه المكانة في دنيا الصعوبة، مع محاولة منه لأن يجعل الناس يسيغونه، فقله، آنئذٍ انتقل من التربّع في بال الخاصّة إلى التربّع في بال الكلّ.
أمّا، لي أنا، فأمين زيدان أشبه بالمطلق.
المطلق هو ما لا يعوزه شيء.
إقرأ أمين زيدان.
6- 11- 1966