المونة المنزلية… تقاليد موروثة في البقاع الشمالي والهرمل

 

تحقيق جمال الساحلي

المونة المنزلية تقليد في البقاع الشمالي والهرمل اعتادت العائلات خلال المواسم المتعددة تحضيرها لتخزينها بحيث يكاد لا يخلو يوم منذ نهاية الربيع استعدادا للشتاء التالي إلا وتكون العائلات على موعد مع صنف جديد لينضم إلى الاصناف المتنوعة التي يحفل بها الريف، وتسعى إليها الاسر اجمالا، بالاضافة إلى ما تمليه الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها الوطن، فهذه عادات لا يمكن تجاهلها.

فاطمة من الهرمل تقول: “إن الموسم يبدأ مع موسم المربى وفي طليعته المشمش والذي طالما اشتهرت المنطقة بإنتاجه المتنوع لتصنع منه العائلة أصنافا عدة متنوعة وتدخل معه عصائر ويحفظ البعض منه في أوان خاصة. يتزامن ذلك مع توجه الفتيات إلى الكروم والبساتين لجمع أوراق العريش، ليتم فرزها ووضعها في أوان مختلفة بعد سحب الهواء منها لتبقى طازجة وصالحة للاستعمال خلال الأشهر المقبلة. وتطل معها نبتة الملوخية التي تزرع في الحواكير المجاورة وحول المنازل لإنتاج أشهى أصناف تحفظ بعد التجفيف وتشكل مصدر رزق أساسيا لعائلات المنطقة وبخاصة الريفية منها”.

أم ربيع من الشواغير تؤكد أن “المرأة الريفية في المنطقة تعمل على تحضير أصناف الكبيس المتنوعة كل حسب الموسم من الخيار والمقتى وغيرها مما تجود به الطبيعة، وتبرع عائلات المنطقة بإعدادها ويحل معها انتاج لطالما اشتهرت به المنطقة وهو رب البندورة والذي تجمع له أجود الاصناف ويحضر على نار الحطب بعد عصره وتصفيته ويجفف لأيام تحت أشعة الشمس”.

بدورها، أكدت زينب أن “المرأة الريفية تتجه حاليا إلى صناعة الكشك الذي طالما اشتهرت به المنطقة ويكاد لا يخلو منزل من هذه المادة والتي يدخل في صناعتها اللبن والبرغل بعد جرشه وتخميره لأيام، لينتج بعدها صنفا ممتازا وضروريا للعائلة بعد أن يحضر على أيدي النسوة اللواتي يتعاون في تحضيره، كون ذلك يستدعى يدا عاملة خبيرة بهذا الصنف التقليدي”.

هلا من القاع تقول: “إن العائلة تتجه إلى تحضير صنف آخر هو المكدوس الذي يتم إعداده من اجود أصناف الباذنجان المحلي الذي يحضر بعد عمليةالسلق على نار الحطب ويكبس في أكياس بعد إضافة ملح الطعام لايام للتخلص من المياه ليصار بعدها إلى اضافة خلطة من الجوز والحر بمثابة حشوة ليصف بعدها في أواني مغمورا بالزيت البلدي من منتجات المنطقة .اضافة لما تقدم يجري تحضير أصناف عديدة من الكبيس والمربيات وإعداد أصناف عدة من الزيتون الطبق الأساسي شتاء، وزيت الزيتون إلى جانب أصناف البرغل والخضار المجففة والحبوب الأخرى من عدس وحمص وغيره إلى البصل والثوم والبطاطا في حين يعمد بعض المقتدرين ومربي المواشي إلى تحضير طبق نادر من خلال لحوم يجري تحويلها للاستفادة منها خلال الشتاء، خديجة من الجمعية التعاونية في الكواخ السنديان”.

وأكدت أن “الجمعيات التعاونيةالمحلية تساهم في الصناعة بشكل مدروس ليصار بعدها إلى التسويق عبر معارض واسواق في العاصمة والمناطق. ان إرادة الحياة والاستمرار العنوان لمواجهة الصعاب فيما تختلف الاصناف بين محلة وأخرى ولكن الهدف واحد عادات وتقاليد وإصرار على مواجهة الصعاب والتحديات لتستمر مسيرة الحياة”.

المهندس الزراعي حسين قانصوه رئيس جمعية “أرضي” الزراعية نوه بـ “التحول النوعي للأهالي في التركيز على الزراعة والصناعة المحلية وذلك من خلال استثمار كل شبر صالح للزراعة المحلية”، لافتا إلى “توفير التسويق المحلي المباشر ومشاركة الجمعيات التعاونية في الصناعات الريفية المتنوعة لتحضير أصناف المونة والصناعات المنزلية من صابون وخل وزيوت وأصناف النباتات العطرية، لإنجاح مواجهة التحديات الراهنة ومشاركة العائلة لمواجهة الأعباء المستجدة”، لافتا إلى “سوق المزارع والذي تعرض فيه المنتجات ويتم التسويق مباشرة من دون وسيط”.

نائب رئيس بلدية القصر بدري ناصر الدين أكد أن “الأسرة في المنطقة كانت دائما على مستوى عال من الإصرار للمساهمة في تأمين سبل العيش الكريم محافظة على تقاليد تأمين المونة المنزلية وبخاصة في الريف، ونحن قدمنا المساعدة اللازمة من بذور وأدوية وتوجيه ورعاية”.

أما الزراعة العطرية والعشبية فلها حيز مهم حيث يجري التعاون لجمع ما تيسر منها ليصار إلى استعماله ان في مواجهة الأمراض من أعشاب ونبات وفي مقدمها اكليل الجبل والسماق ونبتة الزعفران. إشارة إلى ان معظم العائلات تسعى مع نهاية الصيف إلى أصناف متعددة من المونة المحلية من عصير الرمان والطرق المختلفة لاعداده خاصة بعد أن مساهمة الآلة في تسهيل عملية العصر ليتم تحضيره وحفظه إلى جانب،العديد من أصناف الخضار أما إلى التجفيف أو الحفظ في الثلاجة بشروط ليبقى لأطول فترة”.

ورأى علي الحاج حسن أن “تأمين الحطب اللازم للتدفئة ضرورة يجب العمل عليها وخاصة في هذه المرحلة حيث يعمد الفلاحون إلى جمع اليابس من الأشجار وتحريرها لمواجهة الشتاء القادم. في ظل غلاء،المازوت من جهة ولان النار خير انيس شتاء، وخصوصا إن توفرت الظروف المنزلية وخاصة في المنازل القديمة والتي تم الحفاظ على طابعها التراثي”.

يبقى الريف البقاعي تراثًا تتوارثه الأجيال ضمانة لمواجهة كل التحديات لعيش كريم ريثما تفرج هذه الغمامة عن الوطن. تحفظ عائلات وقرى الشمالي على عادتها وتقاليدها لتستمر مسيرة الحياة.

***

(*) الوكالة الوطنية للإعلام

اترك رد