اجتمع رسام وفيلسوف وعاشق ومجنون على طاولة.. ودار بينهم حوار..
قال الفيلسوف: كثيرًا ما نتصور أن الحقائق البسيطة محل اجتماع الجميع.. يدركها الجميع بنفس القدر ويسهل معرفتها على الجميع.. لكن ذلك خلاف الواقع.. لذا دعونا نجرب الحديث عن أمر بسيط.. فوجه السؤال الى الرسام.. كيف ترى الحياة وكيف تعرفها؟
فتأمل الرسام بكل شيء حوله، وقال: الحياة لوحة مفتوحة.. تتضمن مشاهد متعددة في اطار واحد.. تحتشد الالوان فيها بطريقة غير منتظمة.. تتفاوت دلالة رموز التعبير فيها من مساحة إلى اخرى.. يصدق انها صور متعددة وفي ذات الوقت يصدق عليها صورة واحدة.. مرسومة بمحددات غير محددات المدارس المعهودة.. يمكن ان يقال عنها انها (رسمة الوجود).
ثم وجه السؤال نفسه إلى العاشق.. فأجاب: الحياة لحظة وصل.. يلتئم بها توأمان.. تعددت اجسادهما وتوحدت قلوبهما وارواحهما.. فتمازجا متحدين فتوحدا.. لأجلهما.. صارت السماء مزرقة والماء يجري والهواء يتنفس في الآفاق.. وبوصلهما اكتمل الحبل السري الذي يمد الوجود بسبب خلقه ودوامه.. ومنهما اشتقت السعادة..
ثم ادار وجهه إلى المجنون.. وسأله بنفس السؤال.. فضحك ضحكة طويلة.. وقال.. الحياة.. الحياة.. مغامرة مجنونة ينخرط فيها العقلاء لانهم جميعاً مشغوفون بلذة الجنون..
ثم صمتوا جميعا.. وقالوا للفيلسوف.. حدثنا عن رأيك.. كيف تعرف الحياة.. فقال رؤية مجنون.. بأحساس عاشق.. وريشة رسام..
لا اريد ان افسد جمال صورتها بغلظة الالفاظ وجعجعة المعاني.. لتكن كما ترونها..