في إطار الاحتفالات باليوبيل الذهبي لجمعية نادي الشقيف في النبطية وبدعوة من النادي و”هيئة تكريم العطاء المميز” في محافظة النبطية، حاضر رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين حول “المواطنة والجامعة اللبنانية”، في قاعة عادل صباح في نادي الشقيف – النبطية، مما قال:
“أول ما يخطر على بالي في النبطية المقاومة، ولا يمكن أن نفصل بين الوطنية والمقاومة. صحيح أن المواطنة مسألة أشمل من الوطنية، لكن الوطنية التي تعني هذا الشعور بالدفاع عن الوطن تدفعنا للاعتراف بفضل هذه المدينة وجوارها المقاوم من البلدات والقرى في دحر العدوان الإسرائيلي، لذلك أقول، شرقوا العرب أو غربوا، سيكتشفون يوماً أن كل أزماتنا ترتبط بشكل او بآخر بالصراع العربي الإسرائيلي، ويشرّف جبل عامل أن تكون شعلة المقاومة من هنا.
لا أغالي إذا قلت إن مجتمعنا العربي، عموماً، بعيد عن فكرة المواطنة عندما ابتلى بالعصبية التي تحدث عنها عبدالرحمن ابن خلدون في القرن الخامس عشر الميلادي، هذه العصبية تتفجر اليوم شظايا مدمرة في بلاد العرب، ولا أغالي إذا قلت إن إفريقيا جنوب الصحراء اقتربت من الفطرة المواطنة أكثر منا بنسب معينة. كنا نراهن منذ سنة 1800 على الدور المصري مع محمد علي الكبير وصولا إلى جمال عبد الناصر، الا ان هذه التجربة لم تستأنف ومصر الآن في تحول، نرجو لها ان تعيد مسارها كدولة مدنية، كدولة للشعب المصري لا للجماعات المصرية، ويمكن حينها أن تعود الرافعة العربية من جديد”.
المؤسف في هذا الزمن أن رابطة الوطنية التي يجب أن تجمع أبناء كل بلد عربي تراجعت، وبعضها سقط تحت وطأة الصوملة التي هي نقيض الوطنية والمواطنة. اليوم نحن في بلادنا العربية بدون مظلتين أساسيتين، مظلة المواطنة ومظلة العروبة الجامعة، العروبة بما تعني من انتماء قومي. والقومية ليست شعاراً فقط ، القومية هي ولاء وانتماء وبالتالي يصعب أن نعيش في استقرار بدون هاتين المظلتين ، نحن الآن في مرحلة تحول خطيرة نرجو أن تمر بدون هذه الضحايا وهذا الدمار والخراب. والمواطنة ليست فقط شعوراً عاطفياً، الوطنية يمكن أن نجملها في هذا المفهوم، أما المواطنة فهي عملية انتظام كامل للمواطنين في كنف دولة ترعى حقوقهم وواجباتهم على قاعدة المساواة بين مواطنين وليس بين أفراد ، نحن اليوم في مرحلة الأفراد وفي مرحلة الجماعات ما دون الجماعة الوطنية الكبرى.
نحن اليوم نشرع ثم لا نطبق التشريع تحت عنوان الظروف الاستثنائية ، والظروف الاستثنائية تعني عندنا مرة باسم العيش المشترك ، ومرة باسم تجنب حرب اهلية ، ومرة باسم الإسراع في إنجاز بعض المشاريع أو معاملات أو غير ذلك. لا مواطنة بدون بعد مدني ومساواة أمام القانون ولا مواطنة بدون بعد سياسي من المشاركة في الاقتراع العام والانخراط في الأحزاب السياسية والمشاركة في الحياة السياسية موالاة أو معارضة، لا مواطنة بدون بعد اقتصادي أي مشاركة المواطنين في نصيب عادل من الثروة الوطنية التي هي لكل الناس في بلد ما وفي دولة ما ، لا مواطنة بدون البعد الاجتماعي وهو المساواة بين الرجل والمرأة، وهذه نقطة مهمة للمرأة كي تناضل مع الرجل ، يجب المساواة بين المرأة والرجل إنسانياً واجتماعياً، من حق العمل والعلم والتثقف، وفي بلادنا هذا الموضوع غير مكتمل وفي بلاد العرب الوضع سيئ جداً ولا يحتمل ثم ندعي الديموقراطية، والديموقراطية ثقافة قبل الانتخابات، لا مواطنة بدون دولة قومية حديثة، دولة الجماعة الشعبية التي تضم مواطنين متساوين.
الاستقرار الاجتماعي والمجتمعي لا يكون إلا من خلال المواطنة، بالجغرافيا السياسية، نحلم نحن باستقرار لبنان، هذا وهم وسوريا تدمر بهذه الطريقة لا يمكن، هناك ربط عضوي مادي بين الازمة السورية بكل تفاصيلها وبين الواقع اللبناني.
تضم الجامعة اللبنانية اليوم 74 ألف طالب و49 فرعاً و16 كلية و3 معاهد عليا للدكتوراة و5 آلاف استاذ ونيف و3 الاف موظف وأجير ومدرب، ومجموع هؤلاء يشكل 83 ألف بشري مما يساوي حجم القوات المسلحة كلها وربما يزيد، لكن يمكن أن نضع مجموعة متطلبات لا بد من تحصيلها أولا على الجامعة، وهذا ما نسعى إليه وقد نجحنا إلى حد ما في منع مشكلات الشارع في أن تدخل إلى الجامعة لأنه إذا دخلت مشكلات الشارع إلى الجامعة وصارت الجامعة كالشارع فعلى الجامعة السلام”.
ثم وقع السيد حسين كتابه الجديد “المواطنة… اسسها وابعادها”، وتسلم درعاً تقديرية من رئيس “هيئة تكريم العطاء المميز” في محافظة النبطية الدكتور مصطفى بدر الدين وامين الشؤون الثقافية في نادي الشقيف الدكتور علي وهبي.