سَلمان زَيْن الدِّين
(الجُمُعَة، في 27/12/2019)
«دخلَ يسوعُ الهيكلَ وطردَ جميعَ الذينَ يبيعونَ ويشترونَ في الهيكلِ، وقلبَ موائدَ الصيارفةِ، ومقاعدَ باعةِ الحمام…» (إِنجِيل مَتَّى 21: 12، 13)
تُجّــارُ الهيكلِ قدْ عاثوا بيعًا وشـراءً في الهيكلْ
وَأباحُوا ظلمَ ذوي القربى وَاجْتاحوا النّاموسَ الأوَّلْ
باعـُـوا غَنَمًــا، بَقَــرًا فيهِ وَحَمــامًا بالسِّعرِ الأفْضَلْ
وَابْتــاعوا منْــهُ ما يَغْلــو بِمَتــاعِ الأسْعــارِ المُهْمَلْ
جَـعَلــوهُ بيتًـــا للدُّنيـــا لا بيتًــا للدّيــنِ المُنْزَلْ
زَعَمــوا إلمامًــا بالأعْلى وَتَرَدَّوا في الدَّركِ الأسْفَلْ
نَهَبــوا أمـْـوالاً في ليــلٍ وَأتَــوْا أفْعــالاً لا تُفْعَــلْ
مــا رَفَّ لِواحِدِهِمْ جَفْنٌ أوْ كادَتْ عَيْنٌ أنْ تَخْجَلْ
عَبَــدوا سُلْطــانًا لا يَبْقى كَفَــروا بِالأبْقى والأجْمَلْ
هلْ يُعْقَــلُ أنْ نَبْقى رَهْنًا لِعَبيــدِ السُّلطةِ هلْ يُعْقَلْ؟
لنْ نَقْبَــلَ أنْ نَبْقــى رَهْنًا لِعَبيــدِ السُّلطــةِ لنْ نَقْبَـلْ
سَنَثورُعلى سَقَطِ الماضي وَنَقــوم بِصُنـــْعِ المُسْتَقْبَلْ
تُجّـــارُ الهيــكلِ قدْ أفْتَوْا بِخِلافِ القانـــونِ الأعْدَلْ
مَـنْ لي بِيَســوعٍ يُصْليهِمْ بِسِيـــاطٍ منْ مَسَدِ تُجْدَلْ
وَيَقـــومُ بِدَحْضِ فَتاواهُمْ وَيُطَبِّـــقُ قانـونَ الهيكلْ؟
***
كُنْ حُرَّ ضَمِيرٍ!
مُورِيس وَدِيع النَجَّار
(مُهداةٌ إِلى الصَّدِيقِ، الشَّاعِرِ الكَبِيرِ، سَلمان زَيْن الدِّين، مُعارَضَةً لِقَصِيدَتِهِ الرَّائِعَةِ «يَسُوع» الَّتِي نُشِرَت في مُدَوَّنَةِ «aleph-lam» لِلكاتِبِ الإِعلامِيِّ جُورج طرابُلسِي، بِتارِيخِ 2/1/2020)
أَتحَفتَ، صَدِيقِي، ما أَجمَلْ(1)، بِالمُوجَزِ، والقَولِ الأَكمَلْ
ما حَلَّ بِأَرضٍ كَم كانَت مَثَلًا في الأَرضِ ولا أَجمَلْ
فَأَشَرتَ بِإِصبَعِ فَنَّانٍ أَعياهُ ضَنَى الشَّعبِ المُثْقَلْ
عَرَّيتَ أُناسًا حَكَمُونا، فَغَدَونا في الدَّرَكِ الأَسفَلْ
ودَها الإِذلالُ مَغانِينا، فَاللَّيلُ بِما صَنَعُوا أَلْيَلْ
عَبَثُوا، نَهَبُوا، آذَوْا وَطَنًا، نَبنِيهِ بِالعَرَقِ الأَمثَلْ
عاثُوا بِالهَيكَلِ لَم يَرْعَوْا حُرْمَةَ أَقداسِ المُنْزَلْ
لَم يَحمُوا أَرضًا بِرُباها فاحَ النِّسرِينُ مَعَ الصَّنْدَلْ!
***
سَلمانُ.. أَيا أَوفَى الخُلَّانِ أَثَرتَ بِقَلبِي ما يَشغَلْ
بِقَصِيدٍ كَالصُّبحِ بَهِيٍّ، كَرَنِيمِ الأَعوادِ، كَعَنْدَلْ(2)
كَحَفِيفِ الأَوراقِ تَهادَت في الدَّوْحِ على سِيْفِ(3) الجَدوَلْ
فَشَحَذتُ يَراعِي أَستَسقِي، فَالماءُ نَمِيرٌ في المَنهَلْ
لكِنِّي أَسأَلُ، مِنْ لَهَفِي، عَن شَعْبٍ مَغلُوبٍ أَعزَلْ
مَنْ نَصَّبَ مَنْ جارُوا، مَنْ وَلَّى لِصًّا يَسرِقُ لا يَخجَلْ؟
مَنْ سارَ يُصَفِّقُ لِلباغِي، يَفدِيهِ بِما لَيسَ يُحَلَّلْ؟
أَوَلَسنا نَحنُ مَنِ استَرخَى، مَنْ غَضَّ الطَّرْفَ، مَنِ استَسهَلْ؟
لا نُدرِكُ ما في العَتْمِ يُشادُ، وما في السِّرِّ لَنا يُغزَلْ
لكِنَّ اليَومَ بِهِ أَمَلٌ بِشَبابٍ يَنهَدُ لِلأَفضَلْ
حَمَلُوا الإِيمانَ بِزَنْدِ الصِّدْقِ، سِلاحًا أَمضَى مِنْ فَيْصَلْ(4)،
رَفَعُوا السَّوْطَ الصَّفَّاقَ فَعادَت صُورَةُ فادٍ في الهَيكَلْ
طَرَدَ التُّجَّارَ، ومَنْ فَسَدُوا، وأَدِيمَ الأَرضِ بِهِم زَلزَلْ
هُمْ إِذْ قالُوا فَعَلُوا قَطْعًا، والحُرُّ مَتَى يَنطِقْ يَفعَلْ!
***
سَلمانُ… رَأَينا، وشَهِدْنا أَنَّ الأَوطانَ إِذا تُهْمَلْ
لَتَصِيرُ فَرِيسَةَ ظُلَّامٍ، يَبغُونَ ولا ناهٍ يَسأَلْ
والبَلوَى أَنْ يَغدُوا الأَحرارُ أَمامَ خِيارٍ لا يُقبَلْ
أَو تَقتُلْ، فِيها، كَي تَحيا بِجَبِينٍ عالٍ، أَو تُقتَلْ
كَلَّا… لَن نَرضَى خَتَّالًا، يَأتِينا يَعضُدُهُ الجَحْفَلْ(5)
وسَنَلقَى البَلْوَى بِصُدُورٍ تَأبَى أَنْ تُنهَبَ أَو تُرذَلْ
ونَقُولُ لِمَن يَرأَسْ فِينا: كُنْ حُرَّ ضَمِيرٍ أَو فَارحَلْ!
***
(1): أَجمَلَ كَلامَهُ: اختَصَرَهُ، ساقَهُ مُوجَزًا
(2): أَلعَنْدَل: أَلبُلبُل / صَوتُ البُلبُل
(3): سِيْف: ساحِلُ البَحرِ، أَو ساحِلُ الوادِي (يَقَعُ قَصْرُ الأَمِيرِ على سِيْفِ النَّهْر)
(4): أَلفَيْصَل: سَيْفٌ قاطِع
(5): جَحْفَل: جَيشٌ كَثِيرُ العَدَدِ جَرَّارٌ