لا أزال أبتكر الأحلام (رسائل مهرَّبة) 53

 

قلتُ: إنّ الحبّ ابتكارٌ فَذٌّ للحياة! 

صدّقْتِ!

قلتُ، أنا، ما أفكّر فيه، ما أعنيه، ما أؤمن به، ما يفيضُ منّي، ولا يُنْقِصُني، ويَزيد على  الكائنات، فيجعلها مشرِقةً بالجَمال، بالخير، بالحبّ، بالسّعادة.

وصدّقْتِني، أنت! فأنتِ بي تؤمِنين! والمؤمن بإنسانٍ، كما المؤمن بالله! واثقٌ به الثّقةَ كلَّها، إذًا إيمانُه  مُطلَقٌ. تامٌّ، شاملٌ، ثابت.

وفي لحظةٍ حميمةٍ، ونحن منتشِيان بنا، وأنتِ تتكوّمين بين ذراعيّ، على أوتار القلب، وفي حضني، على حدود الحلم، رفعتِ عينيك، غمامتَين تموجان بالأحلام، بالأسرار، سألْتِني بوَرَعِ الأتقياءِ الأنقياءِ: 

– لمَ نحن، الآن، هنا، وليس في أيّ مكانٍ آخر!؟

وكنّا، نحن، في مساحات ملوَّنة من طبيعةٍ بِكْرٍ، فاتنةٍ كالخطيئة الأصليّة، روحيّة كالمُناولة الأولى! أجبتُ:

– وما أدراني! نبتكر الأمكنةَ، كما نبتكرُ الحياةَ!

– بكَ ابتكرتُ عمري، ولك! 

– بكِ ابتكرتُني، وابتكرتُ الكون، ولنا!

– غلبْتَني!

– لسنا في مُنافَسة، وحيدتي!

هززتِ رأسَك وكتفيك وجسدَك كلَّه في حضني:

– وإن لم… أحِبُّ أن أغلبَك بالكلام!

-أنتِ تغلبينني بابتكار الحياة! تبتكرين المناسباتِ، تبتكرينَ الصّدف…

– وأنتَ تبتكر القبلات جديدة! كلَّ مرّةٍ جديدةً، مُعَتَّقَةً أطيبَ من سابقاتها! كيف تستطيع!؟

– لا أستطيع، أنا! لا أفكّر! لا أبذلُ جهدًا! أنا أنفّذ ما به أشعرُ وأفيض!

– حبيبي!

– بهذا تبتكرينني!

– نحن نبتكر بعضَنا! قبلاتُك تجعلُني أبتكرُ أحاسيس لم تكن، لذائذَ مُتَخَيَّلةً من أعمقِ الأحلام…

– هو الصّدقُ في الحُبّ، أبهى ابتكار!

– هيّا، يا حبيبي، قم نبتكرْ!

انسلَلْتِ… كما صورةُ البَيان، كما نبضةُ القلبِ، كما اندفاقةُ الدّم في الشّرايين… بدأنا ابتكارًا فَيضًا… كنّا الفيضَ الأسمى، الأنقى، الأرقى… ولجنا القلبَ الأقدس!

ألأربعاء 20 نوّار 2015 

 

اترك رد