أرغبُ، اليومَ، في الحديث عن ناحيةٍ من الفنّ، ناحيةٍ واحدةٍ وحيدة. بالإيجاز كلِّه، على قدْر ما يسمح به حجم هذي الرّسائل. فماذا سأقول؟
أقولُ، يا حبيبتي، إنّ الفنَّ، في بعض ما هو، خصوصًا في هذي الأيّام الدّائخةِ، الحائلةِ، الظّلاميّة، هو محاربةُ البشاعتَين: خارجيّةً وداخليّة!
وكيف نُحارب بالفنّ!؟ لا أعرفُ، أنا! وحدَهمُ، الفنّانونَ، يعرِفون! أشاهدُ، أنا، وأُلاحظُ، فأُسَرّ وأنشر الفرح، وأدعو إلى حضور المعارضِ احتفالًا ودفاعًا. اِحتفالًا بالجَمال وإبعادًا للبَشاعة؛ ودفاعًا عن الفنّ وتَبْيانًا لميِّزاته الخَلّاقةِ المُحيِية!
أيّتها الوحيدة!
تأمّلي أعمالَ بعض أهلِ الفنِّ، هنا وغير هنا! ألا تجدي أنّها مُحارَبةٌ للبشاعةِ، ودعمٌ للجَمال، ودعوةٌ إلى احترام القِيَمِ والأخلاق!؟ فمن لا شيء مواكبُ جمالٍ توزِّع الفائدةَ والمنفعة، ومن المُهمَلاتِ مَساكبُ فنٍّ تزرع الخيرَ والأفراح… تأمّل أصلَ هذه التُّحَفِ، نهرٌ من هنا، شجرةٌ من هناك، فَضاءٌ من هنالك… جبلٌ من هنا، وادٍ من هناك، سهلٌ من هنالك، فكيف تحوّلتْ تُحَفًا لا تُجارى، إشاراتِ محبّةٍ لبيئةٍ، لمجتمعٍ، لإنسان، بعيدًا من البشاعة، ارتِقاءً إلى بيئةٍ نظيفةٍ، جميلة، راقية.
ولوحاتٌ كهذه، هي، أيضًا، دعوةٌ واضحةٌ، وإن غيرُ مباشرةٍ، إلى العمل الخيِّر المتنوِّرِ للحفاظ على البيئة النّظيفةِ السّليمةِ، لِما في ذلك من خير يعود على البيئة، فتبقى جميلةً، مؤثِّرةً موحِية، وعلى الإنسان فيستمرّ سليمًا خَيِّرًا رائيًا…
يا الحبيبة!
والرّسومُ واللوحاتُ الجميلةُ، يُنمي بالنّعمةِ، كما بالقامة، مواطنينَ جماليّين، أصِحّاءَ سالمين، عاملين للغد بما يُفيدُه، فتسمو القِيَمُ ويرقى الإنسان!
إنّه الفنُّ، يا وحيدتي، لَمُعجزةُ معجِزاتِ الله في الإنسان!