كلود أبو شقرا
لأنها أم الله، ولأنها كنز البركات… كانت ليلة صلاة مريمية أحياها التينور غبريال عبد النورفي الكنيسة الخارجية للصرح البطريركي – بكركي، برعاية البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وحضوره، فضلا عن شخصيات دينية وعسكرية وثقافية وفنية وإعلامية.
“مريم عبر الطقوس” تحت هذا العنوان قدم عبد النور مع نخبة من الموسيقيين وبمشاركة كورال ثانوية الراهبات الأنطونيات – مار ضومط – رومية، أعمالا من الطقوس الآرامية والبيزنطية والسريانية بالإضافة إلى تراتيل عالمية باللاتينية واليونانية والإيطالية والفرنسية.
خلال الحفل أطلق ترنيمة “مريم” من ألحانه وشعر باسمة بطولي، بالإضافة إلى “شركة ومحبة” وهي مهداة إلى صاحب الرعاية، من ألحانه وكلمات الشاعر الياس ناصر.
تميز البرنامج الذي تولت تقديمه الإعلامية باتريسيا سماحة، برحلة موسيقية مشرقية عبرت حدود العالمية لمؤلفين موسيقيين أمثال شوبرت وفرنشيسكو دورانتي وغيرهم..
في الختام، ألقى الكاردينال الراعي كلمة نوّه فيها بصوت عبد النور الذي سمعه في اكثر من مناسبة في لبنان وروما، وببرنامج الأمسية الغنيّ بطقوسه، والأقرب إلى الصلاة والتأمل والخشوع، من جهته، قدّم له الفنان عبد النور لوحة تمثل السيدة العذراء، بريشة الفنان التشكيلي الياس حنا، رسمها للمناسبة.
شفافية تلامس الصوفية
تميزت حفلة “مريم عبر الطقوس” بخصوصية نابعة من أمور عدة لعل أبرزها أن الفنان غبريال عبد النور نقل الحضور إلى عالم طقوسي مزج فيه بين الآرامي والبيزنطي والسرياني، في أداء نابع من تمكن بقواعد اللعبة الموسيقية ومن إحساس بالغ الشفافية في الكلمات، فاخترق بصوته الوجدان وسما بالحضور إلى أعلى مراتب الروحانية، فكان أقرب إلى مريم الأم والشفيعة وملكة السماوات والأرض…
عرف عبد النور كيف يتعامل مع كورال الأطفال، فتفاعلت معه وتناغمت مع أدائه وشكلا سويًا لوحات مريمية عابقة بحرفية عبد النور وببراءة الطفولة…
لا شك في أن الترانيم التي قدمها عبد النور في أكثر من لغة تتطلب مهارة في الأداء، وهو ما برز واضحًا وجليّا لديه، إذ خاطب القلب مباشرة، فتحولت الكنيسة الخارجية للصرح البطريركي – بكركي، إلى مساحة خارجة من الزمان والمكان، لا حضور ماديًا فيها بل حضور سامٍ قرب المسافة بين السماء والأرض. وهذا الأمر بالذات دفع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إلى وصف الأمسية بأنها “صلاة لمريم”…
“مريم عبر الطقوس”، تضاف إلى أرشيف غبريال عبد النور الزاخر بحفلات مميزة في لبنان والخارج، وتطبع مسيرته الفنية بإبداع جديد وفن أصيل…