الكبرياء تحت الجمالية ورقّة الألوان مع التراب
يقظان التقي
ينتقل ضاهر من معالجة موضوع الارض في البقاع ، الى معالجة ومعادلة جنوبية ، والتراب واحد ، والسنونو واحدة ، والاقحوانة ، وشجر الشوح ، جسد الارض واحد ، الارض الغنية بعناصرها والوانها ، واشكالها ، وفي ترابط المعالجة وادواتها ولغتها ، والتي لا تختلف كثيرا بالانتقال من اللون البقاعي الى اللون الجنوبي الا في اسرارها وتناغنماتها الداخلية وما تعكسه من حالة رمزية واستدلالية على امكنة : هضاب، وسفوح ، ووديان، بضربات لونية يعاد تشكيلها في سردية لونية ، وبمناخ رومنطيقي ، وحالة شعورية فتتحول الطبيعة الجنوبية الى رمزية تزداد القا وقوة من خلال تلاقي الالوان وتاثيرها في العين ، اللون وتأثير الزمن فيه في اساس التتصوير ذي القيمة الذاتية وخليط من الهواء ، وخليط من الذاكرة والالوان والتعريات لزمن قاس من التراكمات.
لالوان ضاهر توهجها الغارق في الضوء ، ديمومة الزمن ، وفي أداء لوني له توقيعه في لوحات باحجام مختلفة . وهو من الرساميين المرئية اعمالهم بقوة وبشفافية . كلاسيكية جميلة واكاديمية عالية في التعبير عن تحولاتها ، وفي ترجمة الظاهرة المرئية على القماشة اللونية بحسية ذاتية وفي جدلية الساكن والمتحرك ، ولكل لون سرديته، وكل لون يخرج من صمته بلون القلب ، الى تشكيل بصري اجتماعي وبذلك الشغف التعبيري الذي يعتري فتصير الكتل اللونية شخوصا غير مرئية وتصير الشخوص كتلا لونية لازمنية كأنها معا جسد المكان ..
يرسم خلف الالوان طبقات من وجوه الذاكرة ، وخلف التراب العتيق نيازك ملونة ، كسور الشمس المحترقة بالصفر والاحمر والترابي ، والازرق والبنفسجي والاخضر والليلكي ، ويذهب في تعبيرية وجغرافيامن الالوان . لوحات تخرج عن تضاريسها وجيولوجية الوانها العميقة ، على غموض الحمولة الداخلية الغنائية، ولضاهر اسلوبه وحدسه الاكاديمي من خلال السيطرة على التأليف .
له ذوقه واسترهافاته وكذلك كلاسيكيته في مستوياتها وانسياباتها التناغمية والهندسية والسيطرة على الفضاءات الضوئية . نسيج لوحة لها مناخاتها وعناصرها واشياؤها وسحرها حين تتحاور ،ولها تمردها ، تختبر تشويش اليوميات والتاريخ وماسي العدوان وغضب الدم وتمرد الشموس على المعتدي ، وتختبر رقة الالوان مع التراب، في مواجة تشويش الوحش الذي دعس هناك بين حقول الزيتون بتعبيرية وتجريدية بضربات صارمة وبتواصل المادة على سطح اللوحة مع ظلالها مع غضبها ، قسوتها ، تارة بعنف معاكس ، وطورا بانطباعية تعبيرية تتحرك بسلاسة من لون الى لون ، من ضوء الى ضوء ، فتتحول تلك التوليفة اللونية المزيج الى شعاع يغلف دلالات الواقع ، وتلك التفاعلات الضبابية التجريدية، التي ترافقه فيلتقط كل شيئ ويحتفظ بكل شيء.
“جنوبيات” ،اعمال على مستوياتها الجاذبة ، ولمساتها على مستوى التشكيل بمعنى صور لاشياء من الهواء الطلق ، واخرى من الذاكرة ، ويعجنّها مع مصادفات المادة ، يجمعها على طريقته في معادلة فنية واضحة تملك القدرة على السحروالتاثير ، فتزداد الالوان القا ، وتصبح أجمل ، وبقوة من خلال تلاقي العناصر الاربعة وبشحنة عاطفية نارية الى الاقصى ، خليطا من الهواء والنار، مع التركيز على الجانب الجنوبي المفهومي ، وكذلك الذاتي التجريدي ما تحت اللوحة .نزار ضاهر فنان رائع وصعب في ان . واعماله تصدم بقوتها اللازمنية ،وبما هو مزيج لوني وشعوري. وزائر اعماله لا يمكن ان يبقى على سطح اللوحة ، ويحس بالكثير الذي يكمن فيها ، الحب ، الخوف ، القلق ، القوة ، المقاومة ، العنفون / الكبرياء ، كأنها جهاز عصبي، وتحت الجمالية لتصبح اللمسات اجمل.
الحنين يلامس اعمال المعرض في القاعة ، والسلسلة يمكن فهمها من خلال المقاربة بين الوانها ، واحجامها المختلفة ، وتحولها في الصالة ، الى ضوء. قد لا يختلف عن ضوء ات من البقاع ، او من موسكو وبكين ، ومن اليابان . ضوء من الجنوب هذه المرة . اي راي معاكس لا يفسر شيئا ، ويشوش ما تحت الفكرة ، الطبيعة الانسانية واحدة والجمالية تواصلية وهو يتنقل بين تابلواتها.