ابتَعَدنا!

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

(أَسفَرَ العُدوانُ المُستَمِرُّ على الشَّعبِ الفَلَسطِينِيِّ في أَربَعِينِيَّاتِ القَرنِ الماضِي عَن نَكبَةِ التَّهجِيرِ الكُبرَى الَّتِي اتُّفِقَ على تارِيخٍ لَها في 15/5/1948).

ابتَعَدنا، وطالَ الرَّحِيلْ

وَعَزَّ الإِيابْ…

ومَرَّت لَيالْ

تَرُشُّ رُؤًى على كُلِّ بالْ

وذِكرَى حُقُولٍ، سُهُوبٍ، جِبالْ

تَرُوحُ تُلَوِّحُ مِن خَلفِ أُفقٍ

جَمِيلٍ، شَجِيٍّ، عَبِيقِ الظِّلالْ

وَيُومِئُ، مِنْ شَجْوِهِ، كُلُّ بابْ

دَهاهُ الغِيابْ

وتَدعُو رُفُوفُ العَصافِيرِ وَلَّتْ

فَلَيسَ لَها بَعْدُ شَدْوٌ

بِظِلِّ النِّبالْ

وضِيقِ المَجالْ

فَمُذْ حَلَّ بَينَ المَغانِي التّتَرْ

تَعَرَّتْ غُصُونْ

وَجَفَّتْ عُيُونْ

وماتَ الشَّجَرْ

فَأَينَ الحُقُولْ

بِلَيمُونِها والثَّمَرْ

وَأَينَ السَّمَرْ

ولَيالِي القَمَرْ

هُناكَ بِحِضْنِ الدَّوالْ

وَزَهْوِ الدَّلالْ

وَأَيَّامُ كانَت تَهُلُّ

بِطِيْبِ الوِصالْ

فَيا طِيبَنا في حَنايا التِّلالْ

نَدًى مِنْ ثَرًى، ورَفِيفَ غِلالْ

تَعالْ

فَفِيكَ الحُدا

لِأَحلَى مَدَى

وفِيكَ، مِنَ الأَرضِ، طِيْبُ الخَمِيلْ

نَهُبُّ فَتَهوِي القَبائِلُ في دَربِنا

تَوَدُّ لَو انَّ التَّباشِيرَ آلْ

وَأَنَّ الدُّرُوبَ تَؤُولْ

إِلى هُوَّةٍ مِنْ مُحالْ

سَنَرْجِعُ، لا لَنْ نَضِلَّ السَّبِيلْ

سَنَرْجِعُ مَهْما يَكُنْ مِنْ مِطالْ!

         ***

… وَطالَ النَّوَى

فَوَدَّعَ جِيلٌ وأَقبَلَ جِيلْ

وأَيقَظَنا الفَجرُ، بَعدَ سُباتٍ طَوِيلْ

فَجِئْنا نُمَزِّقُ أَستارَ لَيلٍ ثَقِيلْ

وصَفَّقَتِ المَفاتِيحُ: طالَ انتِظارْ

وطالَ الوُجُومْ

فَضاقَتْ بِإِذعانِنا أَرضُنا،

وضاقَتْ غُيُومْ

فَآنَ الهُجُومْ

وَحَدَّقَ، مِن هَولِهِ، كُلِّ باغٍ زَنِيمْ

وباتَ الحَصَى، في أَصابِعِ طِفلٍ

يَقُضُّ المَضاجِعْ

يُرَوِّعُ أَعلَى المَجامِعْ

ويَزرَعُ في كُلِّ وَكْرٍ وَخِيمْ

دَمارًا أَلِيمْ

وَراحَتْ فَوارِسُنا تَستَبِيحُ العُتاةْ

وَتَرمِي الطُّغاةْ

بِهَوْلٍ جَسِيمْ

وَأَطفالُنا يَنثُرُونَ الرُّجُومْ

تَهُزُّ النُّجُومْ

تَهُدُّ أَمانِيهِمِ المُوْبِقاتْ

وَتَعبُرُ أَعَتَى التُّخُومْ!

      ***    

سَنَرجِعُ نَرجِعُ

لا بُدَّ أَن يَستَفِيقَ المَدَى

يُدَوِّي الصَّدَى

وتَزهُو السَّنابِلُ تَغزُو السُّهُولْ

… وَتَعلُو نِداءَاتُنا كَالمُدَى

تَلُفُّ العِدَى

سَنَرْجِعُ يا بِئْرَ سَبعْ

سَنَرْجِعُ يا غَزَّةَ الظَّافِرَه

إِلَيكِ، إِلى بَهْجَةِ السَّامِرَه

إِلى حَرَمِ النَّاصِرَه

سَنَرْجِعُ، حَيْفا،

سَنَرْجِعُ، يافا،

سَنَرْجِعُ، عَينَ الغَزالْ

إِلَى أَرْبُعٍ في حِماها الجَمالْ

سَنَرْجِعُ يا دَيْرَ ياسِينْ

نَلُمُّ بَخُورَ دِماكِ

الَّتِي مِنْ شَذاها يَضُوعُ الحَنِينْ

لِدِفءِ السِّنِينْ

لِأَيَّامِنا في شَمِيمِ الحُقُولْ

تَؤُّجُّ بِشَوقِ الصُّدُورِ الحَياةْ

هَوًى، ذِكرَياتْ

نَعْمَ…

آنَ لَنا أَن نَعُودْ

بِزَخْمِ الأُسُودْ

لِتَنهَمِرَ الخَيلُ بَرْقًا رُعُودْ

فَيَعلُو الصَّهِيلْ

نَرُودُ الخَطَرْ

بِعَزمٍ عَنِيدْ

وَنَستَقبِلُ الفَجرَ راياتِ عِيدْ

وَتَبقَى البُطُولَه

وَوَصمَةُ عارٍ وَذِكْرَى خَجُولَه

لِمَن طَأطَأَ الرَّأسَ يَومَ انتِهاكِ المَحارِمْ

لِيَغرَقَ في مالِهِ والمَآثِمْ

لِمَن، في عُهُودٍ عِجافْ

تَجَرَّأَ حَيثُ التُّرابُ نَثِيرُ بُطُولَه

وَإِيمانُنا في المَحارِيبِ عَهْدُ أُلُوهَه،

لِيَنشُرَ أَنفاسَ غَدرٍ كَرِيهَه

وَيَغتالَ

حَتَّى الطُّفُولَه

وماضٍ مِنَ العِزِّ ثَرِّ أَثِيلْ!

       ***

نَعُودُ، غَدًا، في السَّحَرْ

كَهَلِّ المَطَرْ

لِتَغمُرَنا الأَرضُ بُحَّ نِداها

وَجَفَّ رِواها

فَتُلقِي عَلَينا رِداها

أَقاحًا سَخِيَّ الشَّذا، هَينَماتْ

لِأَجيالِنا الآتِياتْ

وَلِلقُدسِ، والمَهْدِ، وَفادٍ رَحِيمْ

وقُبَّةِ صَخْرٍ أَبِي

وَذِكرَى نَبِي

ومُستَقبَلٍ ساطِعِ الأُمنِياتْ

نَصِيعِ السِّماتْ

وَعُمرٍ سَخِيِّ العَطاءَاتِ آتْ!

اترك رد