قصيدة وتعليق بقلم سمر الخوري
غربتي في الوطن
يا أقفاص الغربة
انتفضي
تشظي في وجدان الذاكرة
ممحوة الهمسات في أكنافك
زرعت في كهوف السراب
ألف سؤال
***
تاهت مدني
هل تقبل نوارسك صدع أنغام ؟؟
***
(*) من ديوان “همس الصدى” د. وفاء الأيوبي.
***
ثورة الوفاء
غربة الذات عن الذات، في سجون من سبات.
غربتي في الوطن. عنوان حياة تشبه اللاحياة . وحرف الجر “في” هو المأساة. لو قالت الشاعرة “عن” لانتفى الخطر، وعاد المطر، إلى الأرض الموات.
بين في وعن عناء بوح وغربة، في مطلع هذه الأبيات.
والبوح ثورة تشي بما كان، لا بما سيكون.
ثورة الأقفاص السجن في قفص الصدر الحزين.
كيف تثور الأقفاص على أقفاص الوطن؟
إنها ثورة القلب على العقل، والعقل على النقل، وشجون الذكريات.
في الشرق عند الشاعر خليل حاوي مستنقع اغتراب. وفي صدر الشاعرة وفاء الأيوبي ألف سؤال وسؤال، أين منها سؤال شكسبير: نكون أو لا نكون. وكينونة الشاعرة في مستنقع الغربة والشجون. غربة تمحو من الشفاه جوع الهمسات.
أقفاص الشاعرة هي الوطن. وطن المدن المتنازعة على البقاء. مدن التيه والصمت والنغم التائه بلا لقاء.
لم يعد للشاعرة أرض تقيها غربة السفر. لها البحر في غياب الوطن الحارس، واضطراب أجنحة النوارس. غربتها في الوطن استلاب وممات.
للذاكرة وجدان تشظى فيه انكسار النغم، وانحسار النعم، ورونق الأمسيات.
مخيفة غربتك، صديقتي. ولكن ثورتك هي الأخطر؛ لأنها ثورة انفجار . ثورة البحر على المحار، ثورة انتحار. وليست غربتك الا غربة الوطن، بألف لغة شعبه رطن، في بابل اللغات.
بحارك بلا أنغام حوريات.
صحراؤك بلا أحلام واحات.
وشاطئ الحب في شعرك نورس ومركب مكسور، على شاطئ تيه مأسور. وهل تقبل النوارس صدع أنغام الشتات؟
صدع أنغامك سيدة الوفاء، طوائف متناحرة، مذاهب متشاجرة. وغربتك لأنك تريدين أن تعيدي طيورك المهاجرة إلى شجرة الوطن، فهل يسمح الطغاة؟
لا جواب إلا همس الصدى. ولن ينتهي تيه الردى، غربة الجنات، في غابة الجِنّيات.
****
(*) نقلا عن صفحة الناقدة سمر الخوري.